بقلم علي الغامدي
يمر علينا في هذه الحياة العديدُ من المواقف؛ منها الحزين، ومنها السعيد، ومنها ما نتعلم منه الدروس والعبر، ومنها ما يَرتقي بالهمة، ويشحذ الطاقة، ويُطلق مَكامن الإبداع.
يَجول في خاطري العديدُ من هذه المواقف، ولكن تلك العجوز الأفريقية أبَت أن تُغادر ذاكرتي ومخيلتي! تعلَّمت منها أن حبَّ هذا الدِّين والتَّفانيَ في خدمته هو الغاية وهو الهدف، كما أنها علَّمتني أن كثيرًا من حامِلي الشهادات العليا الذين اصطفُّوا في محاربة قيمهم وأخلاقهم وتشويه صورة الإسلام النقية – هم بحاجةٍ إلى ثَنيِ الرُّكب عند قدَميها؛ حتى يتعلموا منها معنى وحقيقة الانتماء لهذا الدين.
في ظني أنكم متشوقون لمعرفة قصتي معها؛ حيث التقيتُ بها في مدينة موشي إحدى مدن تنزانيا القريبة من مرتفعات كلمنجارو الشهيرة، كنت وقتَها في رحلة مع لجنة مُسلمي أفريقيا صاحبةِ الأيادي البيضاء في القارَّة السمراء.
ذهبنا لزيارتها في منزلها الصغير المبنيِّ من لبنات الطين، وقد تجاوزَت الثمانين من عمرها، وجَدناها قد قسمَت هذا المنزل المتواضع إلى قسمين؛ قسم تعيش فيه مع عائلتها، والقسم الآخر قد أوقفَته دارًا لتحفيظ القرآن الكريم؛ حتى تُحافظ على أبناء المسلمين من خطر التنصير في تلك المدينة التي تعجُّ بالمنظمات التنصيرية.
وفي أثناء تبادل الحديث معها قالت لنا: “يا أبنائي، أنا امرأة كبيرة وفقيرة، ولكن حبي للإسلام جعلني أهبُه كل ما أملك”، عندها تساقطت الدموع، وليس لي قدرةٌ على حَبسِها، وشعرتُ حينها بحقيقة ومعنى الانتماء لهذا الدين من هذه العجوز الأمِّية الأفريقية.
المصدر: شبكة الألوكة.