الشيخ الفلسطيني الدكتور الداعية المجاهد يوسف فرحات في ذمة الله
بعدما زار أمه ونام عندها أمس، في ليلة النصف من شعبان، وطلب من الجميع على صفحته المسامحة والعفو أسلم الروح لبارئها، هو علم من أعلام الدعوة والفقه والجهاد، كان بيننا تعاون وتواصل لصالح الدعوة وطلبة العلم… إنه الدكتور أبو الحسن يوسف فرحات، مدير الوعظ والإرشاد بوزارة الاوقاف، ولد عام 1962م، هو صاحب الهمة العلية والنفس السوية والحركة الفتية، إنه مشهود له بالعقل الذكي والقلب النقي والخلق الرضي، نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله.
ما أشقى هذه الأمة بفقد علمائها الأحرار ودعاتها الأبرار ومجاهديها الأخيار!!
رحمك الله يا أبا الحسن، وجعل مثواك الجنة، ورزق أهلك وأولادك ومحبيك الصبر والرضا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
كتب عنه تلميذه:
شيخي وصديقي الدكتور يوسف فرحات الذي عرفته وأحببته.
كم ترك خبر وفاة شيخنا العالم فضيلة الدكتور يوسف فرحات من الأحزان والآلام، إلا أن ثقتنا بما عند الله تعالى للعلماء الصادقين يهوِّن علينا، ويجعلنا نحسن الظن أن يكون أبو الحسن منهم، فينتقل بوفاته إلى دارٍ خيرٍ من هذه الدار، ويكون في حال أحسن من تلك الحال..
منذ أن نشأنا في الدعوة الإسلامية ونحن نقرأ مقالات شيخنا أبي الحسن في صحيفة الرسالة، وننتهل من معين فكره، وحسن تزكيته، وننتفع بمحاضراته وكتاباته، ولمَّا دخلنا طريق العلم والدعوة التقينا به في ساحات العمل المختلفة، فعشت معه بعض مجالس العلم، والخلوات العلمية، ورافقته في رحلة الحج وزيارة العلماء، وعملت معه في لجان عديدة، وتشاركنا في اهتمامات وهمومٍ كثيرة.
همته في طلب العلم لا تجارى، فلا يترك وقتًا إلا ويشغله بقراءةٍ أو سماعٍ أو مذاكرةٍ ومناقشةٍ، ما طرحت عليه فكرةً علميةً إلا تحمس لها، وساهم في إنجاحها، وكان عونًا لإخوانه فيها، ومن حسناته أنه كان من أكثر المساندين في نجاح البرنامج العلمي “نحو الرسوخ” في مواسمه المتعددة، ونعم المعينين في مشروع الإصلاح المجتمعي.
كان رحمه الله شجاعًا في التعبير عن رأيه، لا يخاف في الله لومة لائم، بل قد أرسل لي قبل يومٍ من وفاته فكرة مؤتمر علمي فكري، وعلَّق عليه بأن هذا المؤتمر يحتاج شجاعة في الطرح، وجرأة في الرأي، وطلب أن أضع ملاحظاتي فيه، واتفقنا على أن نجلس الأحد لمناقشته، إلا أن الله تعالى اختار هذا اليوم ليكون موعد الرحيل.
ما أطيب نفسه، وأرق طبعه، فهو في التواضع وخفض الجناح للمؤمنين مضرب المثل، وفي تجرده من الألقاب والأوسمة والمناصب شامة العاملين، فإن أعجبه رأيٌ أو مقالٌ أو تعليقٌ لأحد صغار طلبة العلم نشره وأذاع خبره، ينشد الحق ولا يأبه بأن يأتيه من كبيرٍ أو صغيرٍ، كان هينًا لينًا دمث الأخلاق، يطيع إخوانه في الحق وإن كانوا دونه في العلم أو العمر أو القدر.
لقد كنت يا شيخي مدرسةً في العطاء والنقاء والعلم والعمل والشجاعة والوضوح والزهد والورع والعدالة والموضوعية، لذلك أُعزي في وفاتك العلماء وطلبة العلم والدعاة والمصلحين والمجاهدين والمظلومين والفقراء والمقهورين والمستضعفين، وكل من كنت له نصيرًا ومعينًا.
اللهم تقبل شيخنا أبا الحسن في فردوسك، وأحسن نزله، وتقبل حسناته، وتجاوز عن سيئاته، وعوِّض الأمة بفقده خيرًا، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
تلميذكم ومحبكم
عبد الله يوسف أبو عليان
وكتب عنه صديقه وزميله:
الشيخ يوسف فرحات نموذجاً
بعد رحلة من العمل مع أخي وزميلي د. يوسف فرحات تأملت بما أصفه بعد رحيله… فحار فكري…فهو صاحب بصمة في كل ميدان، وله في كل زاوية أثر…
فهو الحافظ لكتاب الله عن ظهر قلب يرتله في قيامه من صدره كما يقرأ أحدنا الفاتحة…
وهو الطالب النجيب الذي يتمركز دائما في الدرجات المتقدمة.
وهو المجتهد في طلب العلم، فلا يُضيع دقيقة في غير منفعة.
وهو العالم المخلص، والداعية الرقيق، والخطيب المبدع، والواعظ المؤثر.
وهو صاحب اجتهاد و رأي يدافع عنه، ولكن لا يتعصب له، يتبنى رأيه بشجاعة لاعتقاده أنه حق، فإذا ظهر له خلاف ذلك تركه بكل جرأة.
وهو العابد الزاهد، لا يترك الاعتكاف، ولا القيام، وهو صاحب الخلوة العلمية.
وهو المدير المتفاعل ، الحيوي المثابر، الأخ المتواضع، يعمل في أي موقع، ويترك أثراً في كل مكان، فقد عمل إماما وخطيبا، ومديرا لأوقاف المنطقة الوسطى، ومديرا عاما للوعظ والإرشاد، ومديرا عاما لوحدة القدس والمخطوطات بوزارة الأوقاف، وغيرها من اللجان والمهام الكثير.
وهو نصير الفقراء، فقد كان رئيسا للجنة زكاة النصيرات.
هو أخي الحبيب… الأديب،، لا يطلب لنفسه شيئا، رغم ضيق حاله… كان يتمنى بيتا صغير بعيدا عن ضوضاء المخيم ليختلي مع كتابه..
رحل فقيرا وهو يتمنى أن يزوج بعض أبنائه…
سحائب رحمة ربي عليك أخي الحبيب… أبا الحسن.
سلام عليك من رب رحيم..
وأسأل الله أن نلتقي في جنة الرحمن.
محبك:
عبد الهادي سعيد الأغا
(المصدر: قناة د. وصفي عاشور أبو زيد على التيليغرام)