مقالاتمقالات مختارة

السينما والإلحاد .. ما يجب أن تتنبه له

الفضاء اﻹعلامي أصبح منذ زمن ساحة دعوية للإلحاد بامتياز، وهنا أقصد الأفلام والمسلسات الشهيرة جداً لا بعض الأعمال الفردية، بحيث أصبح يتم من خلالها تمرير رسائل إلحادية للناس في قالب عمل سينمائي، ربما المشاهد البسيط لن يتنبه لها آنياً، لكن ستظل عالقة في فكره، وسيجد أثرها عليه لا محالة ولو بعد حين، فهذه هي طريقة عمل إشهارات المنتجات، بمجرد ما يتكرر في ذهنك إشهار معين، سيؤثر هذا لاحقاً في اختياراتك، بحيث أنّك إذا أُتيحت لك الفرصة لاقتناء منتوج معين بجانبه منتوج شاهدتَه على إشهار ما، فاحتمالية اقتنائك للمنتوج الذي رأيت إعلانه كبيرة جداً حتى وإن لم تستعمله من قبل، هكذا هي هذه الأعمال السينمائية، تستهدف عقلك الباطن، وستجد أثرها عليك عاجلاً أم آجلاً.
من بين الأمثلة، مسلسل “المعاقب” The Punisher، وهو مسلسل شهير جداً خصوصاً عند محبي أعمال استوديوهات “مارفل” لأعمال الأبطال الخارقين، إذ في الحلقة الأولى، تتحدث “طبيبة نفسية” إلى ابنتها، ثم بعد لحظة تخبرها سبب عدم شرب والدها للخمر:
“إيمانه قوي بقدر عدم إيماني، أسأله أحياناً: كيف لطبيب جراح أن يؤمن بالله؟ فيقول أنه سيجن إن لم ير مبداً مرشداً في العالم”
هذا الحوار للأسف سيترك معلومة مسمومة عند المشاهد مفادها: العلماء عادةً لا يؤمنون بوجود الله.
وبالفعل هذا ما أصبح منتشراً جداً في مجتمعنا، فإنك لا تكاد تجد شخصاً متأثراً بالأفكار الإلحادية إلا ولديه هذه القناعة الزائفة حول العلم التجريبي، رغم أنّ أعظم العلماء في التاريخ كانوا مؤمنين بوجود الله، كنيوتن، آينشتاين، ماكس بلانك، كيبلر، ماكسويل، ماندل… إلخ، مما يجعل من هذا الاعتقاد اعتقاد سطحي زائف لا صلة له بالواقع.
كذلك من بين أشهر الأعمال “الفنية” في ترويج هذه الأفكار الإلحادية، مسلسل “صراع العروش” Game Of Thrones، ومَن مِنا لا يعرفه؟
من بين أفكاره المركزية: أنّ الدين صناعة بشرية لأهداف سياسية واجتماعية لا غير، كما تجد فيه تمريراً لبعض الاعتراضات على وجود الله تعالى، مثل معضلة الشر.
أخطر من ذلك تجده في مسلسل الفاينكيغز Vikings، بحيث تتمحور رسالته حول أمرين:
– الدين صناعة بشرية.
– لا شيء مقدس غير الجنس.
كذلك من بين أكثر الأعمال “الفنية” التي تُشير لهذه القضايا الإلحادية، مسلسل الـ 100 – The 100، وهو مسلسل شهير جداً تكاد لا تجد أحداً لا يعرفه.
بمجرد ما تُشاهد الموسم الأول والثاني منه، ستجد غياباً تاماً للدين، وأنّ الإنسان قادر على تسيير حياته بدون دين، ثم بعد هذا، ستبدأ ظاهرة الدين في الظهور عند قوم بدائيين، لا يعرفون إلا القتل، أو كما يسمونهم: همجيون، وهنا تجد نفسك بين رؤيتين يُقدمهما لك المسلسل:
– مجتمعات بلا دين: مجتمعات راقية، استطاعت تسيير حياتها في ظروف كارثية بدون دين.
– مجتمعات تدين بدين: تعيش في تخلف وواقع همجي، لا تعرف سوى الدم.
وهذا كما سبق وأشرنا لذلك في عدة منشورات قول ساذج وسطحي جداً، مبني على فرضية لا تقوم بها قائمة.
لكن الغريب في الأمر، أنّ هذا الدين الذي تدين به هذه المجتمعات البدائية، مُجرد تكنولوجيا، لم يستوعبها عقلهم فعبدوها حتى يستطيعوا تسيير حياتهم.
هنا أيضاً تجد نفسك بين رؤيتين يُقدمهما لك المسلسل:
– الدين صناعة بشرية يلجأ إليه الإنسان عند استعصاء أمر عليه.
– الدين صناعة بشرية للحفاظ على نظام المجتمع.
وهذا الأمر كذلك جد سطحي، إذ مبني على فرضية لا تصح أصلاً، وهو قولهم بظهور الدين فقط عند استعصاء أمر معين على الناس وعدم فهمهم له، بخلاف الواقع، فالدين كما يقول الفيلسوف هنري بيغرسون لازم كل الحضارات بلا استثناء، بل وما يجعل هذا مجرد خرافة، كون أكثر العلماء متدينون، فهل هم كذلك أصبحوا متدينين بسبب استعصاء أمر معين عليهم؟ كلا.

الغرض من كتابة هذه الكلمات، ألا يترك المرء أهله بدون رقابة توجيهية، وليضع كل شخص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم نصب عينيه:
(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) [متفق عليه].

(المصدر: صفحة خدّم عقلك على الفيسبوك)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى