تقارير وإضاءات

السنة في لبنان | التقهقر المذهبي والصعود الوطني

إعداد شفيق شقير (وحدة الدراسات والأبحاث في مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات)

انتهت دولة الطائف في لبنان كما عرفها صانعو اتفاق الطائف بمقتل الرئيس رفيق الحريري، وكل محاولات الفاعلين الإقليميين لاستنقاذ الدولة عبر دعمها مباشرة جعلها غنيمة للطرف اللبناني الأقوى عسكريًّا، وحاليًا هو حزب الله، ما قد يغري أطرافا عربية بتقديم الدعم وبرامج النهوض مباشرة إلى الطائفة السُّنِّيَّة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي والاجتماعي، وسواء كان مركزها في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية أو في المؤسسات الخاصة والحياة العامة. وهذا التفكير محفوف بالمخاطر لاسيما وأن الطائفة السُّنِّيَّة تمثل أهم أعمدة البنيان الوطني اللبناني، لكنها أصبحت في ظل صعود “الشيعية السياسية”(1) عرضة لإعادة تكوين وهيكلة بغرض العودة لتصدر المشهد  اللبناني، ومن المتوقع أن يكون ذلك عبر آليات وإجراءات سبقتها إليها طوائف أخرى. وهذا التوجه بغض النظر عن تفاصيله أصبح ضروريا بنظر معنيين في الطائفة السنية نفسها “لحفظ الوجود” لاسيما في ظل ما يجري في سوريا والعراق، وكذلك في وسط دعاة تغيير “المعادلة الداخلية” اللبنانية بهدف الحد من تغول “سياسات إيران المذهبية” التي تستهدف تغيير الديمغرافية وما لها من انعكاسات أهمها جر الحرب الأهلية إلى الكيان اللبناني وتفجيره برمته. وهذا لا يمنع أن يساهم هذا الإجراء الذي يستهدف إعادة التوازن الطائفي للكيان اللبناني في تأجيج الصراع المذهبي كما هو الشأن مع التجارب الأخرى، خاصة إذا لم يراعي مصلحة استمرار الكيان اللبناني باعتماد معايير “اعتدال سياسي فاعل” تناسب الحاضنة العربية الشعبية، وتقطع الطريق على عبور تجارب أخرى عبر الحدود تعد أكثر تشددا، لاسيما وأنه من المفارقة أن كل التجارب المجاورة حاليا تميل للتطرف سواء تجربة الإسرائيلي في فلسطين -وهي حالة دائمة ولها خصوصيتها- أو تجربة ساسة إيران مؤخرا في سورية والعراق، أو تجارب كثير من الأحزاب والجهات في هذين الأخيرين.

 

لمحة تاريخية للتقهقر السني

قبل الاجتياح الإسرائيلي وخلال الحرب الأهلية اللبنانية كانت الطائفة السُّنِّيَّة هي القائد الطبيعي “للقوى الوطنية” في لبنان، كما كانت تُسمَّى، لما لها من قوة عسكرية وديمغرافية ومالية واقتصادية، لكنها بعد الاجتياح الإسرائيلي وخروج المقاومة الفلسطينية من بيروت عام 1982 تعرضت القوى اللبنانية، التي كانت مرتبطة بالفلسطينيين أو الحليفة لهم على اختلاف انتماءاتهم، لسلسلة من الهزائم العسكرية في حروب أهلية صغيرة كان شعار خصومهم فيها التخلص من الهيمنة “الفلسطينية” على لبنان وكان من أبرز فصولها الحرب ضد آخر حركة “سنية” عسكرية في لبنان “حركة الناصريين المستقلين المرابطون” (بغض النظر عن الرأي فيها) وكان يمثلها إبراهيم قليلات، وحرب “المخيمات” ضد الفلسطينيين وعزلهم عن التدخل في الشأن اللبناني.

وهكذا أخذ الحضور “السُّنِّي” في لبنان يتقهقر بتسارع وعلى أكثر من صعيد، منذ انهيار المنظومة اللبنانية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي كانت توصف بالدولة داخل الدولة، وكانت تشكِّل فعليًّا العصب الأساسي للطائفة السُّنِّيَّة، لاسيما أن منظمة التحرير كانت تتمتع بموارد عربية وإمكانات ضخمة؛ فقد جمعت بين القوة العسكرية والاقتصادية وكانت الأولى في البلد على هذا الصعيد، كما شكَّلت رافدًا ديمغرافيًّا فاعلًا لسُنَّة لبنان لتجعل منهم الأكثر عددًا على الإطلاق، أي: سُنَّة لبنان زائد اللاجئين الفلسطينيين.

وجاء اتفاق الطائف “ليعوض هذه الخسارة” وليعطي السُّنَّة رصيدًا سياسيًّا قويًّا نسبيًّا برعاية سعودية، لكنه كان موقوفًا على “الرغبة والرعاية السورية” التي كانت تهيمن على الأرض، وجاء على حساب القبول بالإنهاء التام لبِنيتهم التحتية العسكرية، سواء خارج الدولة على الصعيد الميليشيوي، وذلك في سياق تطبيق الطائف القائم على حلِّ الميليشيات ونزع سلاحها، أو في الدولة اللبنانية بذريعة الحفاظ على التوازن الطائفي في هذه المؤسسة لتكون لكل اللبنانيين.

ولكن بالمقابل كان نفوذ “الشيعية السياسية” يتعاظم عسكريًّا مستفيدًا من رعاية سوريا حافظ الأسد لتطبيق اتفاق الطائف؛ فتم استثناء ما يُسمَّى بسلاح المقاومة من المصادَرة لمواجهة إسرائيل(2)، لينحصر لاحقًا في سلاح حزب الله، وتعزَّزت بفضل ذلك مع الوقت -خاصة بعد وصول الانسجام الإيراني-السوري ذروته في عهد بشار الأسد- هيمنة الثنائي الشيعي: حزب الله وحركة أمل على مفاصل مهمة في الدولة اللبنانية وخاصة المؤسسة العسكرية، وذلك في سياق استراتيجية إيران اللبنانية المعبَّر عنها بمعادلة “الجيش، الشعب، المقاومة”.

ومن المهم الإشارة إلى أن النفوذ العسكري “للشيعية السياسية” في المؤسسة العسكرية كانت نقطة البداية فيه تطبيق بند الطائف المتعلِّق بضمِّ مقاتلي الميليشيات إلى المؤسسة العسكرية، وكانت حركة أمل الأكثر ذكاء باستحداث آلية لاستمرار نفوذها في هذه المؤسسة ومتابعة أبناء الطائفة فيها والحرص على تنسيب الضباط الموالين لها فقط ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا، في حين كان الراحل رفيق الحريري لا يركِّز على هذا القيد لاسيما أنه كان يحرص على إنجاح اتفاق الطائف وكان يراهن على تنامي قوة القوى العابرة للطائفية في مؤسسات الدولة ومنها الجيش.

انطلاقًا من هذا المعطَى أصبحت القوة العسكرية “للشيعية السياسية” تنمو تحت ذرائع متعددة ووفقًا لمتطلبات كل مرحلة وشكَّلت الأساس للنهوض الاقتصادي والاجتماعي والهيمنة السياسية والإعلامية، بتغول نفوذها داخل الدولة من خلال “حركة أمل” بزعامة نبيه بري واستفادت من أموال الدولة ووزارتها ومجالسها الاقتصادية حتى أن البناء الأول للضاحية من مال الدولة اللبنانية (أموال سعودية بالدرجة الأولى) قد تم من خلال التعويضات التي قدمت للمهجرين لإخلاء المباني التي احتلوها إبان الحرب في بيروت وخاصة وسطها، وبالطبع بمشاركة سورية وبدعم إيراني كبير، وكان الدافع الأساس المحلي المعلَن كتبرير “عقلاني” لحرص الطائفة على تحقيق “التفوق المذهبي” في لبنان، بغضِّ النظر عن التوظيف الإيراني له لاحقًا، هو: “ضمان مستقبل الطائفة في بلد حدوده مُشرَعة على إقليم أكثريته سُنِّيَّة”.

هذا التبرير استطاع أن يجذب بعد اغتيال الحريري عام 2005 أطرافًا أخرى خارج “الشيعية السياسية” منهم مثلًا الجنرال ميشال عون زعيم “التيار الوطني الحر”، وتطور الخطاب وفقًا للتطورات لتصبح المقولة: “إن سلاح حزب الله ليس لتفوق الشيعية السياسية على الطوائف الأخرى، بل يشكِّل ضمانة للأقلية الشيعية اللبنانية في هذا الإقليم ويستطيع كذلك أن يشكِّل ضمانة للأقليات الأخرى”، وهو جوهر ما أُطلق عليه “تحالف الأقليات” والذي كانت سوريا قد روَّجت له منذ الأسد الأب حتى الابن، وتجلَّى في ما سُمِّي: “تفاهم عون-نصر الله” كنموذج حي له.

ويبدو أن تطور هذا الخطاب يستهدف مؤخرًا القول بأن “سلاح المقاومة” هو أيضًا “لحماية السُّنَّة في لبنان” في مواجهة ما يُسمى: “جماعات التكفير: داعش والنصرة”، وأن الخليج تخلَّى عن سُنَّة لبنان وسيتركهم نهبة لمثل هذه الجماعات.

ومن المهم الإشارة هنا إلى أن هذا الخطاب كان يقتات وينمو كالعادة على دعم اقتصادي متعدد المصادر، فبعد حرب إسرائيل على لبنان عام 2006 أعيد بناء الضاحية الجنوبية للمرة الثانية وأهم قرى الجنوب الشيعية وأكبرها، بقيادة حزب الله وبتأييد سوري وإيراني، وبمال عربي غالبه من قطر ومن أموال الدولة اللبنانية أيصا (وغالبه عربي بطبيعة الحال)، إضافة إلى مساعدات مباشرة من إيران لمشاريع ذات وظيفة متعددة الاستعمال والأغراض، مدنية وعسكرية فئوية، ولم يكن جزء من رؤية وطنية لبنانية تراعي النهوض الشامل للبنان الدولة والشعب.

هذه المقدمة ضرورية لتؤرِّخ للسبب الرئيسي لتقدم “الشيعية السياسية” وعدم الوعي العربي الذي سمح بارتفاع المدِّ المذهبي الإيراني، وقابله تراجع “الاعتدال السني”، والذي يمكن إيراده بخلاصات ثلاث يجب أن تؤخذ بالاعتبار عند الحديث عن مستقبل السُّنَّة في لبنان بوصفهم طائفة الدولة وليس على حساب الدولة:

انسحاب المقاومة الفلسطينية مع ما كانت تشكِّله من قوة عسكرية ورافعة أيديولوجية ناعمة بوصفها قوة مقاومة عربية لإسرائيل، وعدم وجود بديل لبناني من الطائفة السُّنِّيَّة بل أصبح البديل من “الشيعية السياسية”.

هيمنة متطلبات اتفاق الطائف على ذهنية الحريري الأب باعتبار أنه وطائفته المكلَّفان فعليًّا بهذه المهمة من بين كل قوى الإقليم، وهو ما عكسه في إعادة صياغة دور السُّنَّة في لبنان القائم على التنازل ما أمكن للطوائف الأخرى لاستيعاب مخاوفهم ولكن تحت السقف السوري.

تصاعد خوف الطوائف الأخرى من الديمغرافية السُّنِّيَّة باعتبارها جزءًا من أكثرية الإقليم، وتمت محاصرتها محليًّا بتحالفات داخلية من قِبل بعضهم لاسيما أولئك الذين أخذوا يبحثون عن ضمانات لمستقبلهم من خارج “المنطقة العربية السُّنِّيَّة”، وهو ما غذَّته الرعاية السورية للطائف واستفاد منه حزب الله محليًّا وإيران إقليميًّا في بناء صلات خاصة مع الأقليات الأخرى.

والنتيجة أن تطور الدولة اللبنانية والسلم الأهلي لكل اللبنانيين كان لا يزال يزدهر في ظل اتفاق الطائف الذي رعته السعودية ورمزه رفيق الحريري، ولكن بالمقابل، كان هناك استثناء بسيط في نص الطائف لما يُسمَّى: “سلاح المقاومة”، وبند آخر حول “ضمِّ الميليشيات” للجيش، سمحا بازدهار منظومة عسكرية طائفية على شكل “شيعية سياسية” تحاكي ما كان قبل الطائف أي “مارونية سياسية”، برعاية إيرانية وسورية، كانت تحتاجه الأخيرة لاستمرار تحكمها بالوضع اللبناني لكنها عندما ضعفت وخرجت من لبنان، ورثت إيران الدور كاملًا، ورمزه حزب الله.

 

الطائفة السُّنِّيَّة وقواها السياسية

راهنت الطائفة السُّنِّيَّة على اتفاق الطائف باعتباره الضابط للعبة السياسية بالكامل، واستثمرت فيه بالاعتماد على رعاية المملكة العربية السعودية وحمايتها له محليًّا وإقليميًّا، وهي التي وفَّرت له كل الدعم الاقتصادي والسياسي الذي كان يصب في رصيد الدولة بالدرجة الأولى وليس لمصلحة الطائفة السُّنِّيَّة بالتحديد، واعتمدت على الراحل رفيق الحريري حتى أصبح زعامة يتصدر قيادة الطائفة لا بل أصبحت زعامته عابرة للطوائف -خاصة من الباب الاقتصادي- في لحظة نادرة منذ اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية.

ولهذا، فإن اغتيال الرئيس الحريري عام 2005 جاء ليُؤْذِن فعليًّا بانتهاء مرحلة الاتفاق المبدئي على اتفاق الطائف، ولتبدأ مرحلة حصاد الاستثمار في الطوائف، وأطلقت مسارًا جديدًا -يستهدف في الحد الأدنى تعديل الطائف أو تغييره لصالح أطراف أخرى إذا استطاع- عُمْدتُه السلاح والمال الطائفي الخالص، والمراد على الصعيد المحلي “شيعةُ حزب الله وموارنة الجنرال عون” بالدرجة الأولى وبحسب التعبير اللبناني -وهي القوى التي لم توافق على الطائف رسميًّا- وإيران إقليميًّا التي لم تكن من رعاته حين إبرامه.

وانعكست هذه المرحلة تذبذبًا واضحًا في الحالة السُّنِّيَّة والقوى الفاعلة فيها، سواء على بنائها الداخلي أو رؤيتها للحل الوطني، وأصبح هناك رأيان واضحان:

  • رأي ما زال متمسكًا بالطائف مع تسليمه بأنه عُرضة للتعديل والتطوير، ويُقدِّر أن بإمكان لبنان أن يتجاوز تحديات المرحلة وفقًا لآليات الطائف التي اعتمدها رفيق الحريري، وأن على السُّنَّة الاستمرار في نفس النهج مع بعض التعديلات.
  • رأي آخر يرى أن الطائف أصبح الغطاء الذي يستر الهزيمة النكراء والضعف الكبير الذي أصاب سُنَّة لبنان، ويُقدِّر أن التأخر في الاعتراف بهذا الواقع سيُدخل لبنان دوامةً أخرى من الحرب، وأن الثمن الباهظ هذه المرة سيدفعه السُّنَّة أكثر من سواهم وعلى أرضهم فحسب. والجدير بالذكر أن هذين التقديرين يسيران جنبًا إلى جنب في كل جماعة أو حزب من القوى السُّنِّيَّة أو حتى في عموم الرأي العام السُّنِّي، ولكن غلبة الرأي لكل منهما تختلف من قوة لأخرى ومن منطقة لأخرى.

يقف المستقبل على رأس القوى المتمسكة بالطائف وحده، وما زالت سياساته تستهدف الحفاظ على ما بقي من دولة الطائف “ولو كانت مطيَّة للخصوم لمحاصرة السُّنَّة أو ابتزازهم” كما يصف المعترضون، وهو حريص على خضوع السُّنَّة وجمهور 14 مارس/آذار لسلطان الدولة ولو خرج عليها حزب الله ومعظم جمهور قوى 8 مارس/آذار، وبسبب هذه السياسة فإن أكثر المستهدفين فعليًّا من وزارة الداخلية التي يتولاها نهاد المشنوق، مصنَّف من صقور المستقبل، ومن وزارة العدل ويتولاها أشرف ريفي، هم السُّنَّة واللاجئون السوريون. بعبارة أخرى، تحرص أجهزة الدولة التي يتولاها المستقبل على عدم خروج السُّنَّة على الطائف دون النظر إلى الطرف الآخر؛ ما يعني عدم وجود أي مخطط بديل للطائف. ويميل غالبًا أهل المدن من “السُّنَّة العابرين للطائفية في ثقافتهم” لهذا التقدير، خشية من الفوضى والتطرف وعدم وجود مشروع بديل وواضح.

وتقف الجماعة الإسلامية على رأس القوى المتوجسة خيفة من استمرار دولة الطائف بإخضاع فريق واحد فقط لها، وترى في ذلك ليس إضعافًا للجميع لتكون الدولة هي الأقوى، بل إضعافًا للدولة وللسُّنَّة المتمسكين بها (ولقوى 14 مارس/آذار)، في ظل استمرار النمو العسكري والسياسي لحزب الله وحلفائه دون رادع. ويميل لهذا التشخيص معظم الجمهور السُّنِّي فضلًا عن أصحاب الرأي والفكر والإعلام، والعاملين في أجهزة الدولة والنخب -لا بل هناك شخصيات من قوى 14 مارس/آذار تحذِّر من ذلك- ويرون في سلوك المستقبل في السلطة وفق هذا النهج خطأً فادحًا لأنه يعيد تكرار الأخطاء السابقة، حيث تنفق أموال الدولة والأموال العربية في خدمة مشاريع الطائفة المهيمنة على الدولة. ولكن هذا الفريق المعترض لا يجتمع بدوره على بديل محدد حتى على مستوى النظر لأن الموضوع لم يُطرَح للتداول أصلًا، في حين أن تيار المستقبل منخرط في السلطة التي تحتاج للمبادرة ولأجوبة سريعة ولحلول عملية قابلة للتنفيذ.

واستكمالا لهذا الحديث من المهم تركيز الإضاءة على هاتين القوتين السُّنِّيَّتين الأساسيتين: تيار المستقبل والجماعة الإسلامية، وتوجهاتهما الفكرية والسياسية في الساحة اللبنانية في ظل هذه المعادلة، مع إيضاح موقفهما من بعضهما البعض ومن المملكة العربية السعودية الراعي الأساسي لسُنَّة لبنان.

 

تيار المستقبل

تعود جذور تيار المستقبل إلى الكتلة الانتخابية لرئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وكان التأسيس الرسمي له برئاسة ابنه سعد الحريري في 9 أغسطس/آب 2007، ويمثِّل المستقبل السُّنِّيَّة السياسية التقليدية في لبنان المتماهية مع النظام العربي عبر البوابة السعودية وما كان يُسمَّى بمحور “الاعتدال العربي”. تظهر قوة المستقبل باعتباره يمثل الوجهة الانتخابية للأغلبية السُّنِّيَّة دون منازع في الطائفة وذلك ليس لقوته الذاتية فقط، بل لعدم رغبة أو قدرة الأطراف الأخرى في الطائفة على الولوج إلى “بِنية السُّلطة” اللبنانية حيث هي الساحة الحقيقية للتنازع أو تقاسم الغنائم من قِبل الطوائف اللبنانية. فالسلطة في لبنان ليست مجرد ناتج لما يقدمه الصندوق الانتخابي من تعبير عن وجهات نظر القوى المحلية وسياساتها بل إن قواعد اللعبة تعكس توازنات إقليمية ومن ورائها توازنات دولية، وهذا ما جعل الحياة السياسية اللبنانية مكلِّفة جدًّا وتحتاج لأموال طائلة وإدارة علاقات خارجية مع دول، وليس مجرد الاكتفاء بنشاطات محلية في إطار الدولة الوطنية، وذلك خاصة بعد تعزز النفوذ الإيراني والسعودي بإمكاناتهما الكبيرة في مواجهة بعضهما البعض، فانعكست الثنائية الإقليمية لطهران والرياض تقابلًا محليًّا لحزبين كبيرين: حزب تيار المستقبل وحزب الله.

يعتمد التيار في سياسته الداخلية الالتزام باتفاق الطائف رغم خروج اللعبة في لبنان عن  قواعد هذا الاتفاق، وحاليًا يعتمد التيار الجمع بين الشراكة لضرورات التعايش الوطني والنقد القاسي لحزب الله -سواء لدوره في الحكومة أو لدوره الأمني الموازي لسلطة الدولة الشرعية- واستمالة الخصوم الآخرين من قوى 8 آذار كالتيار الوطني الحر وحركة أمل، وتحصين تحالف قوى 14 آذار مع ضبط الساحة السُّنِّيَّة والفاعلين فيها بما يتوافق مع سياسته ومتطلباته المحلية وفي الإقليم.

وتقوم رؤيته السياسية على بناء الدولة في مقابل حلِّ الميليشيات، وحصرية سلاح الدولة في مقابل انتشار السلاح غير الشرعي ومنه ما يُسمَّى: “سلاح المقاومة”، وعلى “الاعتدال الوطني” و”الديني” في مواجهة “التطرف السياسي والديني”؛ لذا فعضويته التنظيمية “عابرة للطوائف”، وعلى الانتماء العربي للُبنان كإشارة إلى أولوية التواصل مع المحيط العربي في مقابل أي انتماء آخر(3).

وحتى اللحظة لم يُبلْوِر تيار المستقبل موقفًا محددًا من التيار الديني عمومًا ومن الجماعة الإسلامية على وجه الخصوص، فإن كان يلتقي معها سياسيًّا أكثر مما يختلف، فهو يختلف معها دينيًّا وفكريًّا أكثر مما يلتقي؛ وذلك أن المصلحة السياسية التي تجمع السُّنَّة في لبنان والمخاطر التي يواجهونها واحدة، وسبل مواجهتها مهما اختلفت تبقى متقاربة لأن الطرفين ما يزالان يطمحان لسقف الدولة اللبنانية ولا مشاريع معلنة لأي منهما تتجاوز ذلك.

 

أهم نقاط القوة التي يملكها التيار:

  1. علاقته القوية مع المملكة العربية السعودية فهي تشكِّل له العمق الإقليمي وتعطي سياساته حِرفية أعلى واستقرارًا أكبر، لاسيما أن الواقع اللبناني أصبح مرتبطًا بالتطورات الإقليمية بشكل كامل.
  2. يحظى بقوة الشرعية الرسمية التي تمثل السُّنَّة في لبنان، وما زال يتصدر الانتخابات كممثل للسنَّة، ويهيمن عمليًّا على الأجهزة السُّنِّيَّة المقرَّرة للطائفة السُّنِّيَّة مثل رئاسة الوزراء ودار الإفتاء ومجلس الإنماء والإعمار وما يشبهها.
  3. يمثِّل القوة الثانية الأكثر استقرارًا نسبيا من حيث مواردها المالية ونفوذها داخل السلطة اللبنانية، في مواجهة الثنائية الشيعية المتمثلة بحركة أمل وحزب الله وخاصة الأخيرة.
  4. الأخيرة، وهي الأهم، يمثِّل المستقبل القاطرة الأكثر استقرارًا على الإطلاق، للقوى اللبنانية العابرة للطوائف في لبنان، من مسلمين ومسيحيين على اختلاف مذاهبهم، وهي تضمن للسنَّة في لبنان المشاركة بفعالية في قيادة البلد وإعادة توجيهه نحو وجهته العربية.

أهم نقاط الضعف التي يعاني منها التيار:

  1. لا يملك القدرة على الموازنة بين الاستمرار في التمثيل الطائفي للسنَّة والتمثيل السياسي للقوى العابرة للطائفية، خاصة في هذه المرحلة المشحونة بحس طائفي بلغ حدَّ الجنون. وما يحققه التيار ليس بالضرورة أن يكون مكسبًا للطائفة بل قد يكون للمحور الذي يمثله التيار أي قوى 14 آذار.
  2. لا يمثل فعليًّا التيارات السُّنِّيَّة المتدينة ولا يحظى بثقتها، بل بدأ يفقد ثقة شرائح ليست متدينة، بسبب سياساته الحريصة على الطائف وعلى الحلفاء الآخرين من غير السُّنَّة.
  3. هي قائده سعد الحريري، الذي يفتقر لكثير من السمات القيادية التي اعتاد الناس على وجودها في أبيه أو تستدعيها المرحلة. وبعبارة أخرى، فإن الحريري كان الأقوى لبنانيًّا كوريث لأبيه، ولكن المرحلة الآن تحتاج إلى قائد قوي وليس وريثًا لقائد قوي.
  4. أهم نقاط ضعف تيار المستقبل حاليًا على الإطلاق، عدم قدرته على التعامل مع التحدي الذي يشكِّله حزب الله، لأن هذا الأخير هو تحدٍّ أمني وعسكري في معظمه، في حين أن بنية المستقبل والوظيفة التي أُنشئ لها هي مرحلة ما بعد الحرب وليس خوض الحروب أو إدارتها بل إدارة الحياة المدنية في ظل اتفاق الطائف. ولهذا من الطبيعي أن لا يحظى المستقبل بأي ثقة في المضمار الأمني والعسكري أو في زمن الاضطرابات الأمنية والخروج على الطائف سواء من السنة أو من قوى 14 آذار.

 

الجماعة الإسلامية

تكاد الجماعة الإسلامية تكون الكيان اللبناني الإسلامي الوحيد الذي يمارس دورًا سياسيًّا ويمثل شريحة واسعة من السُّنَّة بعد المستقبل. تأسست رسميًّا عام 1964 وتنتمي لمدرسة الإخوان المسلمين في ثقافتها الدينية. برزت كقوة مستقلة انتخابيًّا بعد أول انتخابات تَلَت الطائف عام 1992، ثم أصبحت بعد الانسحاب السوري من لبنان عام 2005 أكثر ارتباطًا بتيار المستقبل في أدائها السياسي بسبب ضعف وجودها في بنية “السلطة اللبنانية”، ولتشاركها مع المستقبل في الجمهور المستهدف، أي: “الجمهور السني”، وتبنَّت مقولاته الأساسية في مرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري (2005) لاسيما مواقفه إزاء “بناء الدولة” بنزع سلاح المليشيات و”محاكمة” قتلة الحريري ولاحقًا التقت معه في دعم الثورة السورية (2011). ويمكن اختصار دور الجماعة الإسلامية على الصعيد المحلي في أنها التعبير المحافظ عن سُنَّة لبنان حتى عندما يختلف بعضهم معها سياسيًّا، لأنها تمثل الطموحات الدينية للمجتمع السُّنِّي المتدين من جهة، وتُشكِّل داعمًا إضافيًّا للسنِّيَّة السياسية عند تلاقي الديني والسياسي، أي: إنها تُسهم في الحفاظ على الجوهر الديني للسنَّة وبنفس الوقت هي قوة احتياط سياسية بالنسبة لهم، وهذا ما يجعلها أكثر نخبوية، وقوة متوسطة تقف وراء الفاعلين أو الفاعل السُّنِّي الأول. إلا أن الجماعة ليست مرتبطة بالسياسة السعودية ارتباطًا عضويًّا كما هو الشأن مع تيار المستقبل، بل ضعفت علاقتها بها جدًّا ولو لفترة قصيرة، وذلك خلال عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز؛ بعد أن وضعت الرياض حركة الإخوان المسلمين العالمية حينها على لائحة المنظمات الإرهابية، ولكن هذا لا ينفي أن الجماعة تحرص على الانسجام مع السياسة السعودية في الإقليم ما استطاعت، أو على عدم الاصطدام مطلقًا معها باعتبار السعودية الراعي العربي الأكثر التزامًا بسُنَّة لبنان، والأكثر فعالية في الساحة اللبنانية سواء اتفقوا معها أم اختلفوا، باعتبار أن أولوية الجماعة الإسلامية في لبنان تتمثل بحفظ المكون السُّنِّي اللبناني وتنمية دوره المحلي والإقليمي وتتقدم على أية مصلحة أخرى حتى لو كانت تتصل بمصير حركة الإخوان المسلمين في المنطقة.

وبالنسبة لعلاقة الجماعة مع المستقبل، فهي -كما يصفها أهل الجماعة- جيدة عندما يهيمن حزب الله على الساحة أمنيًّا ويكون هناك حاجة للجماعة، وسيئة عند الانتخابات لأن المستقبل لا يريد له شريكًا في تمثيل السُّنَّة. والجماعة تقول إنها لا تسعى لأن تكون بديلًا له لكنها تدرك عجزه عن أن يكون المرجع الوحيد للطائفة السُّنِّيَّة في لبنان، فهو لا يستطيع أن يلعب كل الأدوار التي تحتاجها الطائفة أو المرحلة(4).

 

أهم نقاط القوة للجماعة الإسلامية:

  1. كرست في وعي طائفتها أنها الملاذ الأخير للسنَّة في الدفاع عن وجودهم ثقافيًّا وأخلاقيًّا وسياسيًّا وأمنيًّا وعسكريًّا، لاسيما أن لبنان مبني على التعددية الطائفية في منطقة غير مستقرة، فقدموا أنفسهم بهذا على أنهم رعاة جوهر الطائفة وخط الدفاع الأخير عنها، خاصة عند الاضطراب الأمني والعسكري، ولهم تواجد في كل الأراضي اللبنانية حيث يوجد سُنَّة، وبناء على هذا التوصيف الذاتي لنفسها: كل ما تكسبه الجماعة هو مكسب للطائفة كلها.
  2. يعتبر التيار الديني الأكثر اعتدالًا وفق الموجود وله شرعية وطنية واعتراف لا بأس به من القوى اللبنانية الأخرى، ويملك القدرة على تأطير الشارع السُّنِّي المتدين وجماعاته، ويستطيع أن يكون همزة الوصل بين هذا الأخير وتيار المستقبل محليًّا، ومع السعودية وسواها إقليميًّا ما خلا مصر بطبيعة الحال.
  3. تتسم الجماعة بالقدرة على التطور نحو الاعتدال، خاصة وأنها تعيش في بيئة متعددة طائفيًّا تفرض عليها الإجابة على أسئلة تُعتبر أكثر إلحاحًا بالنسبة لها ولجمهورها وتتعلق بالعلاقة مع الآخر، ويمكنها أن تُسهم إيجابيًّا على صعيد يتجاوز لبنان كما هي التجربة السابقة مع أمين عام الجماعة السابق الشيخ فيصل مولوي.

 

أهم نقاط ضعف الجماعة:

  1. انتماؤها لنموذج حركة “الإخوان المسلمين” الأكثر محافظة نسبيًّا، وعدم قدرتها حُكمًا على تمثيل الشارع السُّنِّي بكامله، فضلًا عن عدم قدرتها على تمثيل مصالح وطنية لتتجاوز بتأثيرها طائفتها الخاصة، فهي عاجزة عن أن تكون مرجعية وطنية سواء من حيث وظيفتها أو بنيتها.
  2. حذرها الشديد في علاقاتها مع الإقليم ودوله؛ ما يجعلها ضعيفة في مبادراتها وضعيفة من حيث قدرتها على التنبؤ بمسارات الأزمات في لبنان والإقليم أو الانخراط في سياسات بعيدة المدى أو تتجاوز الإقليم.
  3. ضعف وجودها داخل السلطة اللبنانية لأسباب سياسية، ولأنها قوة ثانوية بهذا الاعتبار ولا تستطيع أن تمارس تأثيرًا فيها دون المستقبل.

وهناك مجموعة من المؤسسات والكيانات أو المراكز في الدولة اللبنانية التي تعتبر مراكز نفوذ أو قرار مهم في كيان الطائفة السُّنِّيَّة، مثل: التيارات السلفية والجمعيات الأهلية الرديفة وهيئة العلماء المسلمين أو دار الإفتاء فضلًا عن منصب رئاسة الوزراء أو المجالس الاقتصادية في داخل الدولة نفسها. ولكن يمكن الجزم بأن أي نهوض للاعتدال السني في مقابل التشدد الذي يغزو المنطقة لن يقوم إلا على هذين الكيانين السياسيين الأساسيين، لاعتقادهما الجازم بأن لا نهوض للبنان إلا بوحدته وتنوعه وبالاعتماد على عُمقه العربي مهما اختلفوا معه، أو أن يظهر فاعلون سياسيون أكثر تأثيرا في الطائفة السنية وأكثر قدرة على اجتراح معادلات جديدة للاعتدال السُّنِّي وأكثر ملاءمة للاجتماع اللبناني.

ومن جهة أخرى هناك من قد يُسمَّون سُنَّة 8 آذار من حلفاء إيران وحزب الله، وهم خليط من مجموعات وأحزاب وشخصيات قومية وإسلامية، وهم في عَداء مع الخليج عمومًا والمملكة العربية السعودية خصوصًا، وذلك لموقف المملكة من مسألتين: المقاومة والمسألة القومية؛ وهذه الأخيرة وإن تراجعت كأحد عوامل التسعير ضد المملكة إلا أنه يتم الاستعانة بها للتدليل –بحسب رؤيتهم- على تفضيل الرياض للسياسات الأميركية في مواجهة المدِّ القومي تاريخيًّا للحفاظ على زعامتها للعالم العربي.

أمَّا موضوع “المقاومة”، فإن المملكة كما يرون هي خصم استراتيجي “للمقاومة” من أي طرف أتت، والدليل موقفها المؤيد لأوسلو وعداؤها لحماس، وفق ما يعتقدون. وهم يرون أن أي انجاز يتحقق على صعيد “المقاومة” ولو جاء عن طريق إيران وحزب الله فإن رصيده سيعود على السُّنَّة في لبنان وفلسطين لأنهم هم المستفيدون الفعليون من المقاومة بالتحرير وهم أهلها في مواجهة الخطر الإسرائيلي.

وعلى العموم، إن هذه القوى على أهميتها في اللعبة اللبنانية الداخلية وانخراطها أحيانًا سياسيًّا وعسكريًّا لمصلحة حزب الله في مناطق السُّنَّة تحت ما يُسمَّى: “سرايا المقاومة اللبنانية”، فإن مؤشر نموها يشير إلى انحسار مبرراتها الأخلاقية والسياسية بسبب مقدار الانحياز الطائفي لإيران وحلفائها، فموقفها في سوريا تَسبَّب بخسارتها للقوى الإسلامية الأساسية في لبنان وخارجه، وموقفها في اليمن سيتسبب بخسارتها للقوى القومية الأساسية في لبنان وخارجه، وإن وجود أي مشروع وطني وعربي للسُّنَّة في لبنان سيعيد جذب كل القوى باتجاهه، بشرط أن تجد لها مكانًا أو فسحة فيه. ولكن هذا لا يمنع أن هناك دائما مصالح وحاجات قد تجعل من هذه المجموعات فاعلة وبأدوار متعددة من حين إلى آخر.

 

رؤى متوقعة لإعادة صياغة الطائفة

تعرض المكوِّن السُّنِّي لإعادة تعريف مرتين منذ ولادة الكيان اللبناني: إحداها بعد استقلال لبنان عن الدولة العثمانية وتخلِّيه عن “سوريا الكبرى” عام 1943، وأعاد صياغة نفسه كأحد “الأقليات” الكبيرة في لبنان تحت حكم ما سُمِّي حينها: “المارونية السياسية” والتي تشير إلى تحكم “المسيحيين الموارنة” بالكيان اللبناني الوليد. والأخرى بعد اتفاق “الطائف” عام 1989 الذي جاء -كما يُفترض- ليخفِّف من حِدَّة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، فإذا بتطورات الأحداث -بدءًا من سقوط بغداد عام 2003 وسيطرة “الشيعية السياسية” هناك، ثم اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، واندلاع “الحراك الثوري العربي”، ومشاركة حزب الله وميليشيات “الشيعية السياسية” بدعم ومدد إيراني عسكريًّ في الأزمتين السورية والعراقية- تؤجِّج نزاعًا مذهبيًّا بين “السُّنَّة والشيعة”، تبدو فيه إيران وكأنها تستهدف تحويل السُّنَّة في الإقليم من أكثرية ديمغرافية إلى أقلية سياسية بالحديد والنار والتواطؤ مع كل أطراف الإقليم والفاعلين المحليين وغير المحليين فيه(5).

هذا التحدي يتطلب وفق الاستجابة التلقائية المتوقعة من الطوائف اللبنانية التصدي لمسألتين تتعلقان بمستقبل السُّنَّة في لبنان وغالبا سيراعي بعض معايير الاعتدال المطلوبة إقليميا ودوليا:

الأولى: بناء تحالف سياسي سُنِّي يُجمع على الأقل على تعريف السُّنَّة لأنفسهم وللكيان  الذي يريدون العيش فيه ويشكِّل رافعة لأي تصور للنهوض بالطائفة السُّنِّيَّة في لبنان بعيدا عن التطرف والإقصاء، وبرؤية استراتيجية تُراكِم جهودَها برؤية واحدة موحَّدة، أي: بناء ثنائية سُنِّيَّة تضم الجماعة الإسلامية والمستقبل برؤية موحدة في إعادة لتجارب لبنانية أخرى.

الثانية: وقف التدهور في أوضاع الطائفة في لبنان بخطة قصير الأمد، واستعادة الدور  الريادي في الكيان اللبناني والإقليم على المدى المتوسط ولا يمكن أن يكون ذلك بمعزل عما يجري في الإقليم، أي: بناء دور جديد يتلاءم أو يتكامل مع ما يجري في الإقليم.

 

ثنائية سُنِّيَّة: الواقع والممكن

إحدى المفارقات في تاريخ سُنَّة لبنان أنه لاحت فرصة بناء ثنائية سُنِّيَّة إيجابية وطنيًّا وعربيًّا بعد اغتيال الراحل رفيق الحريري، وحينها كانت قد تطابقت الأجندة السياسية المحلية بين تيار المستقبل والجماعة الإسلامية، كما تقاربت بينهما وإلى حدٍّ بعيد الإقليمية أيضًا وكاد يصبح جمهورهم السياسي واحدًا حتى إننا شهدنا لأول مرة تقبلًا من الجماعة الإسلامية لقوى 14 مارس/آذار المسيحية كما تقبَّلت تلك الأخيرة الجماعة في لحظة نادرة، إلا أن الطرفين: الجماعة والمستقبل لم يُقدما على هذه الخطوة والراجح لأسباب أيدولوجية أكثر مما هي سياسية. وعندما تباعدت أجندتهما الإقليمية بعد الثورات العربية حول الشأن المصري والإخوان المسلمين في المنطقة العربية سارعا إلى التقاذف بالاتهام والنقاش الحادِّ عبر الإعلام، وانعكس ذلك ضعفًا على ضعف على قوى 14 مارس/آذار كلها.

إن مصلحة السُّنَّة في لبنان وفق المنظور “الطائفي الأكثر اعتدالا” تحتاج لتيار المستقبل العابر للطوائف والفاعل في السلطة ولجمهوره الذي يمثل السُّنِّيَّة التقليدية ولعلاقاته الخارجية الرسمية، لكنها بحاجة أيضًا للجماعة الإسلامية وقدرتها على التعامل مع الخطاب الإسلامي ومجموعاته غير الرسمية التي تَشبَّع بها الإقليم، فضلًا عن قدرتها على تجنيد جمهور مستعد للإصغاء والمبادرة وهو ما يفتقر لبعضه تيارُ المستقبل، خاصة عند الأزمات الأمنية والعسكرية التي قد تصبح أرضا خصبة لقوى التشدد الديني والتطرف السياسي.

وحاليًا هناك فرص محتملة لتحقق هذه الثنائية إذا ما بادرت أطراف عربية إلى تبني مسار واحد يجمع تيار المستقبل والجماعة الإسلامية على الصعيد المحلي وفي موقف موحد مما يجري في الجوار السوري وبضمانات عالية، وقد تبدأ باتفاق على مبادرات سياسية وشعبية ذات أهداف محددة، يشارك فيها الطرفان كجزء من جمهور 14 آذار أو من مناطق جهوية ما.

لا شك أن التنسيق بين الجماعة وتيار المستقبل على مستوى عالٍ وبشخصيات موثوقة من الطرفين وبشكل مؤسسي ما يزال محدودا، ولن يكون بخلاف ذلك حتى نرى أن كل قرار لا يصدر عن المستقبل إلا وتكون صورته واضحة لدى الجماعة وكذلك بالعكس، لا بل يجب أن ينعكس على حلفاء وجمهور كل منهما للتأقلم مع كل مرحلة من مراحل التقارب ومتطلباتها، وعدم الوقوع في التناقض والتضارب أو عدم مراعاة كل منهما لحلفاء الآخر أيا كانت مخاوفه وحاجاته.

ولا يمكن نفي سعي الطرفين للاتفاق على رؤية واحدة لدور السُّنَّة في لبنان كقوة اعتدال داخل الكيان اللبناني والمحيط العربي، مع احتفاظ كل منهما بسماته وأهدافه الخاصة الأخرى، فهذا قد يكون متاحا لكنه لا يحقق الكثير لتحقيق ثنائية فعلية، لأن التحدي الفعلي بالنسبة لأي ثنائية هي أن توجد بيئة حاضنة تثق بطرفي المعادلة كونهما قوة أساسية تحقق مصلحة جمهورها على المدى القصير والطويل، وفي إطار الدولة والإقليم، وبرؤية واضحة ومحددة.

وهذا أيضا يطرح أسئلة صعبة حول طبيعة الكيان الذي يرضون العيش فيه مع الآخرين، إن أي ثنائية تجمع بين المستقبل والجماعة الإسلامية تتطلب تغييرات عميقة لدى الطرفين وعلى أكثر من صعيد، إلى حد أنها تتطلب مشاركة أوسع تشمل فاعلين آخرين داخل الطائفة او حتى خارجها، وهو ممكن ما دام لا يتعارض مع مصلحة لبنان واللبنانيين بالحد الأدنى أو يحقق مصلحة هؤلاء جميعا في حده الأمثل.

 

وقف التدهور وبناء الدور

حتى لا نستغرق في النظر، فإن الباب الاقتصادي وسياسات دولة الطائف لم تعد مجدية في التعامل مع الكيان اللبناني وحده لبناء الدولة المنشودة لكل اللبنانيين، ويجب إعادة صياغة دور للأكثرية السُّنِّيَّة المرتبطة بالإقليم، والثقة بأن قيام الدولة يعتمد عليها لأنهم، أي: السُّنَّة، يعتمدون بالكامل على محيطهم العربي. ولبناء الدور الجديد للسُّنَّة كرافعة للدولة يجب المزاوجة ما بين آليات زمن الطائف وما قبل الطائف وأخرى مبتكرة تمنع السُّنَّة من أن يكونوا وقودًا في حرب طائفية أو دينية عبثية تخدم “المذهبية الإقليمية” التي أشاعتها السياسات الإيرانية أو جماعات العنف الديني من أمثال “داعش”، بل يجب أن يرتبط ازدهار دولة لبنان بازدهار سُنَّته وليس العكس أي أن تتدهور أحوالها تبعا لتدهور الدولة،  وهناك سياسات متوقعة في هذا الشأن قد تقدم عليها أطراف إقليمية لكنها لن تخلو من مخاطر:

  • بناء بنية تحتية اقتصادية مستقلة قوية للطائفة السُّنِّيَّة -في مواجهة “المد الإيراني”- بحيث يجعلها المتلقي الأوفر حظا للمساعدات العربية في الفترة المقبلة مؤسسيا، فيكون دفاعهم عن كيانهم السياسي مرتبط حينها بالدفاع عن مصالح اقتصادية ملموسة يوميًّا بمؤسسات ومشاريع تسهم في حماية وجودهم ونمو دورهم. هذا خيار متوقع لكنه يعرض الكيان اللبناني للخطر كما هو الشأن مع التجربتين “المارونية السياسية” قبل الطائف “والشيعية السياسة” بعده، نعم قد يكون ذلك ممكنا إذا تكامل دور سنة لبنان مع وظيفة الدولة اللبنانية ولم يتناقض مع هذه الأخيرة خاصة في آليات عملها السياسي ولم يتجاوزها وبقي مشدودا للدولة ومرتبطا بأهدافها ومراميها، وعلى أن لا تهمل هذه الأطراف الدولة وبقية الطوائف أو أن يساء إليها، وأن يكون التزام هذه الأفضلية لضرورات المرحلة فحسب.
  • اعتماد خطوات مألوفة من الطوائف اللبنانية بعد الأزمات للنهوض من ذلك مثلا وهي الأكثر شيوعا:
  • تعزيز نفوذ السنة في الدولة وأجهزتها كافَّة عسكرية وغير عسكرية، مع اعتبار تعدد مراكز القوة في الطائفة كي تكون أكثر قدرة على الاستمرار والبقاء فلا تنتهي بانتهاء الفاعلين فيها، لاسيما كما حدث للسنة في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان وانحسار مراكز القوة فيها أو ما حصل للموارنة في مرحلة ما بعد الطائف 1990 وما قبل الانسحاب السوري عام 2005.
  • تعزيز القوة الإعلامية وتعديد مراكزها ولكن برؤية موحدة وهذا ما دأب عليه الفاعلون الإقليميون في لبنان لخدمة طوائف أو اتجاهات محددة بعينها، الخطورة في هذا الخطوة أن تعزز التمزق اللبناني ولكن اعتدنا على وجود مثلها وكانت تخدم الخطاب الوطني بقدر ما تخدم الطائفي، وكانت لا تقتصر على الكيانات السياسية في طائفة بعينها كي تتمكن من تجاوز العوائق والخصومات السياسية خاصة مع الطوائف والأطراف الأخرى.
  • تعزيز القوة الشعبية وتوزعها السكاني بما يتلاءم مع أوضاع الاستقرار والاضطراب، وأوضاع السلم والحرب. وهذا يضع عبئًا ثقيلًا على الداعم الإقليمي لتحقيق هذه السياسة، لأنه يتطلب خليطًا من المبادرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المكلِّفة، وليس مجرد مبادرات موسمية للفوز بانتخابات أو إنقاذ مبادرة مرتبطة بوضع إقليمي. وتعتبر إيران النموذج الأمثل في رعاية مثل هذه السياسات وقد سبقتها إليه منظمة التحرير الفلسطينية ولكن بتواضع أكبر وبسياسات قومية وغير مذهبية، وهذه السياسة مكلفة جدا وتتطلب صناعة مرجعيات محلية لها وبميزانيات كبيرة. من الأمثلة على ذلك تمويل طهران تأسيس مؤسسات إعلامية وشركات عقارية لا تخلو من البعد التجاري، خاصة الأخيرة حيث دخل حزب الله بشراكات معقدة تضمن له تحقيق أهدافه السياسية دون الإخلال أحيانا بالهدف التجاري والمالي منها. ولأهمية موضوع العلاقة التي تربط الاقتصاد والديمغرافيا بأمن الطوائف اللبنانية وبالتالي الأمن اللبناني برمته من المستحسن إفراده في عنوان قائم بذاته.

 

الاقتصاد والديمغرافيا والأمن

يرتبط الاقتصاد اللبناني على العموم بمحيطه العربي وغالبًا الخليج، خاصة بعد تدهور الأوضاع في العراق وسوريا، ولكن رغم ذلك لا تزال الطائفة السُّنِّيَّة هي الأضعف من حيث القوة الاقتصادية قياسًا إلى أوضاع الطوائف الأخرى، وبسبب قلَّة المال الطائفي الذي أُنفق على السُّنَّة في مقابل إنفاق إيراني بلغ الأوج في التسعينات على الطائفة الشيعية، في حين حافظت الطوائف المسيحية على مستويات معيشة معقولة لأن نسبة إنفاق الدولة والأموال التي يتم تدويرها من جهات مانحة خارجية في المجتمع المسيحي اللبناني لا تزال جيدة نسبيًّا قياسا إلى بقية الطوائف؛ فالسُّنَّة على الصعيد المعيشي من المنظور الطائفي هم في أدنى السلم اللبناني، حيث تتمركز الشريحة الأشد فقرًا في شمال لبنان وأغلبها مناطق سُنِّيَّة، مثل: الضنية وعكار والأحياء العشوائية في محيط طرابلس، كما أن هناك تدنيًا في مستويات المعيشة نسبيًّا في الأطراف عمومًا. (يجب ملاحظة أن هذا لا يعني أن ليس هناك شرائح فقيرة في بقية الطوائف).

تتشارك الطائفة السُّنِّيَّة القوة العددية مع الشيعة إلى ما يقرب المناصفة، في حين تتناقص أعداد المسيحيين باستمرار، وتتميز الديمغرافيا السُّنِّيَّة بالتوزع على مساحة لبنان مع بعض التمركز في المدن، وأهمها: طرابلس التي تُعتبر مع محيطها الريفي، عكار والضنية، الخزان السنِّي، ولهم تواجد معتبر في بيروت وكذلك في صيدا، ويمتاز الخط الممتد من بيروت باتجاه البقاع الغربي وصولًا إلى العرقوب بوجود جزر سكانية سُنِّيَّة ولكن قوية نسبيًّا. وهناك قرى سكانية معزولة مذهبيًّا لكنها تشكِّل نقطة قوة جغرافيًّا وسكانيًّا مثل عرسال التي تحيط بها قرى شيعية من الجهة اللبنانية في حين تحاصرها الحرب من الجهة السورية.

والواقع أن الديمغرافية المسيحية لا تشكِّل أي خطر على أي من الطوائف اللبنانية لا راهنًا ولا مستقبلًا لا بل هي في دائرة الخطر لاسيما وأنها خسرت كثيرا من قراها في الحرب الأهلية اللبنانية ولها أمثلة كثيرة من الضاحية والجبل، في حين أن التوزع الديمغرافي الشيعي قد خضع لهندسة من قِبل حزب الله وبدعم إيراني مباشر، بهدف الحفاظ على البؤر الشيعية السكانية الأساسية كحصون قوية وبنفس الوقت العمل على محاصرة أية إمكانية لتجمعات مماثلة من قبل طوائف أخرى. فالديمغرافية الشيعية تتركز في الجنوب من حيث الأصل لكنها بعد احتلال الجنوب استقرت في الضاحية الجنوبية وأصبح لكثير من العائلات بعد التحرير عام 2000 مسكنان في ضاحية بيروت والجنوب، وهي حريصة على تحصين الطريق الساحلي ما بين هاتين المنطقتين، ما يتيح حرية الحركة ونقل كل وسائل القوة بين المنطقتين بسلاسة فضلًا عن شَغْل مساحة جغرافية أكبر. وهذا التحصين لطريق الساحل يشمل بناء مجمعات سكنية كبيرة وتحديدًا على مداخل المناطق التي تتشكَّل من أكثرية سكانية سُنِّية، مثل مداخل بيروت وإقليم الخروب وصيدا. وغالب سُكَّان هذه المجمعات من العائلات الشابة ومجهزة للتعامل أمنيًّا وعسكريًّا مع أي أحداث قد تطرأ وتتطلب استجابة سريعة واتضحت بعض سيناريوهاتها خلال أحداث 7 مايو/أيار 2008 بعد معركة حزب الله في بيروت.

أمَّا شمالًا فتتركز الديمغرافيا الشيعية في بعلبك والهرمل وهي تعتمد بشكل أساسي على نفوذ الثنائية الشيعية في الدولة وعلى استخدام الجيش اللبناني والقوى الأمنية وما يُسمَّى: “سرايا المقاومة اللبنانية” -وتضم بصفوفها بعض السُّنَّة بل هم الأغلبية فيها- للتعامل مع الجزر السُّنِّيَّة الممتدة على الطريق الموصل من بيروت إلى البقاع، وتحت ذرائع متعددة أهمها وجود جماعات إرهابية وما إلى ذلك. وتطور دور السرايا التي أنشئت لاستيعاب “المقاومين” خاصة من غير المسلمين فتطور دورها لتصبح أشبه “بأداة مذهبية” بحسب وصف خصومها، لتقوم بأدوار مكملة لحزب الله وإيران في داخل المجتمع السني كله.

وهدف هذا السرد ليس الاستقصاء والإحاطة أو زيادة علم بتطور دور إيران المذهبي مؤخرا لأن كل ما يقال لن يزيد على الوضع القائم شيئا، وهذا سواء نفت إيران ما قد تتهم به في هذا السياق أو لم تفعل. إن ما يجب التأكيد عليه أن ما تقوم به طهران اليوم في هذا الشأن يعتبر بالمنطق السياسي دعوة لأطراف إقليمية أخرى لتقليدها في المواجهة “المذهبية” عبر الاستثمار المالي والعقاري والسياسي في الديمغرافية السُّنِّيَّة اللبنانية وعدم التركيز على الاستثمار مجددا في حَجَر وبناء مؤسسات الدولة اللبنانية فحسب.

وإذا ما حصل فإنه يشي بأن تحولا كبيرا في طور النمو قد بدأ يأخذ مكانه في البيئة السنية، وأنها في السبيل لإعادة تعريف نفسها “كأكثرية مذهبية” مهمشة تخشى على وجودها، بدلا من إعادة تعريف نفسها كطائفة وطنية تعتبر استمرار الكيان اللبناني إحدى مميزات وجودها وفرادتها في الكيان العربي والإسلامي.

 

خاتمة

إن هذه الورقة رغم حديثها عن السنة في لبنان تستبطن في كل سطر منها التجربة التاريخية للطوائف اللبنانية في هيمنتها على القرار اللبناني، وإن أي تغيير فعلي فيه وعلى آليات إنتاجه كانت تقوم دائمًا على التدخل الخارجي، وإنَّ إصلاح ما فسد لن يكون إلا بإرادتين تلتقيان، الأولى مختصرها أن تفطم الطوائف نفسها عن الرغبة بالهيمنة وأن ترضى بحجمها الطبيعي دون تغول على سواها، والثانية أن تحظى الأغلبية بدعم استثنائي من فاعل عربي أو إسلامي يريد الاستثمار السياسي في لبنان كنقطة لإصلاح أو مواجهة التحديات القادمة من الإقليم، وتحديدًا تلك القادمة من العراق وسوريا والتيارات الدينية المتشددة دون الانخراط في لعبة “حرب الوجود” المفتعلة.

وتبقى الركيزة الأهم لأولئك الذين يريدون إعادة التوازن الطائفي في المنطقة من خلال دعم السُّنَّة في لبنان أن لا يتتبعوا سياسة إيران الحالية تجاه دول المشرق العربي، وأن يعملوا على استعادة بعض القيم الوطنية التي سادت حتى خلال الحرب بين المسلمين تجاه المختلفين عنهم دينيا ومذهبيا وبعث الأفكار الدينية التي سمحت للمشرق أن يعيش لقرون مديدة بتعدده وانتظامه رغم كل التحديات، وأن تراعي ما في لبنان من تعدد مذهبي وطائفي وهشاشة في تكوين الدولة، حتى لا تذهب التطورات بما تبقى في هذا البلد من استقرار هش.

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. الشيعية السياسية ليس المقصود بها الطائفة الشيعية نفسها، لأن في الطائفة نفسها من هو ضد الشيعية السياسية التي قد تكون حالة متكررة في الطوائف اللبنانية كما هو الشأن مع “المارونية السياسية” قبل الطائف، والمراد بها استبداد طائفة بحكم لبنان دون أخرى بناء على معايير مذهبية.
  2. استثني سلاح حزب الله من النزع بناء على تأويل لأخد بنود الطائف، حيث نصه: “اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً…”. باعتبار أن سلاح حزب الله سلاح مقاومة وهو من “الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية.
    انظر رحاب حمد، كيف تعاطت الحكومات المتعاقبة مع قضية المقاومة، صحيفة النبأ اللبنانية، 21 فبراير 2014.
    http://anbaaonline.com/?p=201837
  3. انظر شفيق شقير، خريطة الفاعلين السُّنَّة في لبنان: التركيبة والتوجهات، 17 مارس 2015
    http://studies.aljazeera.net/reports/2015/03/201531681918560956.htm
  4. نفس المصدر
  5. انظر شفيق شقير، الفاعلون السنَّة في لبنان: التحديات والمستقبل، 16 أبريل 2015
    http://studies.aljazeera.net/r…

(المصدر: مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى