الرواية الحديثية والعلم التجريبي
إعداد جميل فريد أبو سارة
هذا المبحث من أخطر المباحث على الصعيد الدرسي والصعيد الحواري، فقد كان سببًا للنزاع بين مدارس إسلامية كثيرة على مر التاريخ، ثم اتخذ مناطًا لإطلاق الأوصاف والنعوت الإقصائية من التبديع والتضليل وأحيانًا التكفير، رغم أن تحریر محل النزاع يرشدنا إلى أنه قد كان بالإمكان حصر الإشكالية وتضييق الخناق عليها لولا جهالة الجاهلين، ولكنها سنة الله في خلقه.
وقد جعل الله هذا المبحث محنة في تاريخ المعرفة الإسلامية؛ فاقتضت حكمته أن تتهيأ الطبيعة العلمية لتشكل هذا النوع من الإشكاليات المفاهيمية، فتغدو سببًا لحراك نقدي وسجال علمي واسعين. وهنا تختبر العقول والأفهام، كما تمتحن النوايا والمقاصد. وفي ذلك يقول العلامة المعلمي: اعلم أن الناس تختلف مداركهم وأفهامهم وآراؤهم، ولا سيما في ما يتعلق بالأمور الدينية والغيبية، لقصور علم الناس في جانب علم الله تعالى وحكمته … وبهذا يتبين أن استشكال النص لا يعني بطلانه، ووجود النصوص التي يستشكل ظاهرها لم يقع في الكتاب والسنة عفوا، وإنما هو أمر مقصود شرعا.
(المصدر: مركز نماء للبحوث والدراسات)