مقالاتمقالات المنتدى

الردود العلمية على منكري السنة النبوية (17)

الردود العلمية على منكري السنة النبوية (17)

 

بقلم الشيخ علي القاضي (خاص بالمنتدى)

 

قال الإمام علي القاري:” والمعنى أنه إذا كان العباد مأمورين بانتهاء ما نهاهم الرسول، وقد نهاهم عن الأشياء المذكورة في هذا الحديث وغيره، فكان جميع منهياته – صلى الله عليه وسلم – منهيا مذكورا في القرآن. وقال الطيبي: فيه إشارة إلى أن لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الواشمات. . إلخ كلعن الله تعالى فيجب أن يؤخذ.[1]

قال الطاهر بن عاشور:”  وقرينة ذلك مقابلته بقوله تعالى: وما نهاكم عنه فانتهوا وهو تتميم لنوعي التشريع. وهذه الآية جامعة للأمر باتباع ما يصدر من النبيء صلى الله عليه وسلم من قول وفعل فيندرج فيها جميع أدلة السنة. ثم ذكر حديث ابن مسعود السابق”[2].

قلت: رضي الله عن أم يعقوب ما افقهها واعقلها واتقاها لقد ارادت أن تجد في القرآن الكريم لعن النامصة الخ المذكورات في حديث ابن مسعود واغلظت له كما في روايات الحديث السابقة(إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت وفي رواية للبخاري. -فقالت أم يعقوب : ما هذا ؟ -وفي رواية مسلم -فقالت : ما حديث بلغني عنك -وفي رواية النسائي -أنت الذي تقول كذا وكذا)

فلما لفت انتباهها ابن مسعود رضي الله عنه الى أن قوله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه )الآية شامل لكل السنة الصحيحة أمرًا ونهيا لم

تماريه ولا قالت له الآية التي تحتج بها نزلت في الفيء فقط فقد فهمت بسليقتها أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر في علم الأصول والتفسير

وفهمت وهي القارئة بل والحافظة لكتاب الله تعالى أن عشرات الآيات

الواردة في طاعة النبي عليه الصلاة والسلام والمحذرة من مخالفته والآمرة بالتحاكم والرد اليه

تدل على وجوب طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام في السنة المبينة للقرآن او في السنة المستقلة عنه بالتشريع

وايقنت أن معنى أن القرآن تبيانا لكل شيء إما بنفسه وإما بالسنة الصحيحة فالسنة من لوازم أن القرآن تبيانا لكل شيء

وعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرع كما يشرع الله تعالى بوحي من الله تعالى وهو السنة الصحيحة فلو كان منكرواً السنة صادقين في البحث عن الحق لكفتهم قصة أم يعقوب ولكانت لهم عبرة وحجة مفحمة لشبهاتهم حول السنة ولكن لما فقدوا فقهها وورعها وجودة فهمها وتسليمها لمن هو أعلم منها انحرفوا وضلوا وشذوا عن الأمة

ومنهم من رد كل السنة بل واعتبرها شركا!! ومنهم من رد بعضها بالمزاج والهوى والذوق الغربي!! لا بقواعد علم مصطلح الحديث التي تدل على جدية الباحث وحرصه على الحق وكلهم مشكك فيها وفي أئمتها وطرق نقلها!! ونتج عن ذلك تطاولهم على تفسير القرآن سفها وجهلا والعبث بكثير من أحكام الإسلام وإنكار كثير من المعلوم من الدين بالضرورة !!

ألا فلتسقط الشهادات العليا والألقاب الفخمة التي يحملها منكروا السنة النبوية تحت أقدامك يا أم يعقوب وليسقط دعاويهم الذكاء والتنوير وتجديد الدين والغيرة عليه زعموا !!تحت فقه ووعي أم يعقوب بدينها وما أسلم منهجها في فهم الإسلام كتابا وسنة من منهج منكري السنة الضُلّال.

وتكررت قصة أم يعقوب مع صحابيات اخريات منها ما رواه الإمام النسائي في سننه” أن امرأة أتت عبد الله بن مسعود ، فقالت : إني امرأة زعراء -اي قليلة الشعر- أيصلح أن أصل في شعري ؟ فقال : لا. قالت : أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تجده في كتاب الله ؟ قال : لا، بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجده في كتاب الله”[3].

فكانت الصحابيات فضلا عن الصحابة رضي الله عنهم جميعا يخضعن للسنة كالقرآن حتى في احرج الأمور المتعلقة بزينة المرأة كالحديث السابق

قال الحافظ أبن حجر:” قوله: ( ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة )، كذا في هذه الرواية بإعادة ” ثم “، وفيه إشارة إلى أنهم كانوا يتعلمون القرآن قبل أن يتعلموا السنن،

والمراد بالسنن: ما يتلقونه عن النبي صلى الله عليه وسلم واجبا كان أو مندوبا.[4]

قلت :وتعريف الحافظ -وهو من هو في فهم السنة واللغة والأصول الخ -للسنن بمعناها الأعم الشامل لأقوال النبي وأفعاله يرد على تفريق الشحارير بين السنة والحديث تفريقا يتذرعون به إلى رد السنن القولية !!!وزين لهم الشيطان هذا التفريق ليبرر لهم رد الأحاديث الصحيحة بحجة أنها ليست سنة!!!

ولم يسألوا أنفسهم إذا كان الحديث غير السنة فلماذا أجمعت الأمة على العمل بهما وجعلت كل ما صح عن النبي عليه السلام سنة وحديثا على الأمة العمل به وجواباً في الواجب واستحباباً في المستحب وحراماً في المحرم ومكروهاً في المكروهات؟!

إن التفريق بين السنة والحديث تفريق ألفاظ ومصطلحات وليس تفريق مناهج وعقائد بحيث يكفر منكر السنة ولا يكفر منكر الأحاديث !!!

وقال الإمام السندي :”فعلمنا من القرآن إلخ

أي بعد نزول الأمانة في القلوب ازددنا فيها بالقرآن والسنة بصيرة وحسنت منا العلانية والسريرة”[5].

_________________________________________________________

[1] . مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح٢٨٢٠/٧ للقاري.

[2] . التحرير والتنوير٨٧/٢٨؛ أضواء البيان ٤٢٩/٢ للشنقيطي.

[3] . صحيح سنن النسائي حديث رقم ٥٠٩٨

[4] . فتح الباري ٣٩/١٣

[5] . حاشية السندي على ابن ماجه حديث رقم ٤٠٥٣

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى