مقالاتمقالات المنتدى

الردود العلمية على منكري السنة النبوية (16)

الردود العلمية على منكري السنة النبوية (16)

 

بقلم الشيخ علي القاضي (خاص بالمنتدى)

 

قال الإمام علي القاري:” والأظهر أن المراد الكلام المفيد وهو أعم من الآية والحديث، وإنما اختير لفظ الآية لشرفها، أو المراد من الآية الحكم الموحى إليه – صلى الله عليه وسلم – وهو أعم من المتلوة وغيرها بحكم عموم الوحي الجلي والخفي، أو لأن كل ما صدر عن صدره فهو آية دالة على رسالته، فإن ظهور مثل هذه العلوم من الأمي معجزة والله أعلم.[1]

قال الإمام القسطلاني:” قال المظهري أي بلغوا عني أحاديثي ولو كانت قليلة.[2]

وقال الإمام الزركشي:” وصرح الشافعي – رحمه الله – في الرسالة بأن السنة منزلة كالقرآن وفي الحديث: «بلغوا عني ولو آية» والمسألة متجاذبة، وليس فيها كثير فائدة، فإنه على كل حال يجب الأخذ بها وطاعتها كالقرآن.[3]

كما أن الآيات التي ذكرناها سابقاً في حجية السنة أخذ منها الصحابة رضي الله عنهم جواز إضافة ما صح في السنة إلى القرآن والقول أن العمل بالسنة عمل بالقرآن العظيم

ففي الصحيحين (عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : لعن الله الواشمات والموتشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها : أم يعقوب، فجاءت، فقالت : إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت(وفي رواية للبخاري. فقالت أم يعقوب : ما هذا ؟ )(وفي رواية مسلم فقالت : ما حديث بلغني عنك) (وفي رواية النسائي أنت الذي تقول كذا وكذا(.

فقال : وما لي ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هو في كتاب الله ؟ فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول. قال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ؟ قالت : بلى. قال : فإنه قد نهى عنه )[4].

شروح الحديث

قال الإمام شمس الحق الآبادي:” والمقصود أنه إذا كان العباد مأمورين بانتهاء ما نهاهم الرسول وقد نهاهم عن الأشياء المذكورة في هذا الحديث وغيره فكأن جميع منهياته صلى الله عليه وسلم منهيا مذكورا في القرآن”[5].

قال الحافظ ابن حجر:” وفي إطلاق بن مسعود نسبة لعن من فعل ذلك إلى كتاب الله وفهم أم يعقوب منه أنه أراد بكتاب الله القرآن وتقريره لها على هذا الفهم ومعارضتها له بأنه ليس في القرآن وجوابه بما أجاب دلالة على جواز نسبة ما يدل عليه الاستنباط إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم نسبة قولية فكما جاز نسبة لعن الواشمة إلى كونه في القرآن لعموم قوله تعالى( وما آتاكم الرسول فخذوه )مع ثبوت لعنه صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك يجوز نسبة من فعل أمرا يندرج في عموم خبر نبوي ما يدل على منعه إلى القرآن فيقول القائل مثلا لعن الله من غير منار الأرض في القرآن ويستند في ذلك إلى أنه صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك .[6]

قال الإمام جلال الدين السيوطي:” قال العلماء وكل ما ثبت عنه – صلى الله عليه وسلم – يصح أن يقال إنه في القرآن من هذه الآية قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ ثم ذكر حديث ابن مسعود مع ام يعقوب واحتجاجه عليها بهذه الآية”[7].

قال الإمام ابو بكر بن العربي:” المسألة الرابعة عشرة: قوله تعالى: ﴿إلا ما يتلى عليكم﴾[8].

قالوا: من قوله تعالى: ﴿حرمت عليكم الميتة﴾[9]

وقيل من قوله: ﴿غير محلي الصيد﴾ [10]والصحيح أنه من قوله في كل محرم في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه – صلى الله عليه وسلم -.

فإن قيل: فقد قال: ﴿إلا ما يتلى عليكم﴾ [11]والذي يتلى هو القرآن، ليس السنة. قلنا: كل كتاب يتلى، كما قال تعالى: ﴿وما كنت تتلو من قبله من كتاب﴾[12]

وكل سنة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهي من كتاب الله.

والدليل عليه أمران: أحدهما: قوله – صلى الله عليه وسلم – في قصة العسيف: «لأقضين بينكما بكتاب الله، أما غنمك وجاريتك فرد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام». وليس هذا في القرآن، ولكنه في كتاب الله الذي أوحاه إلى رسوله علما من كتابه المحفوظ عنده.

والدليل الثاني: في حديث عبد الله بن مسعود؛ قال: «لعن الله الواشمات ….الحديث”[13]

قال الإمام ابو اسحاق الشاطبي:” فظاهر قوله لها: هو في كتاب الله، ثم فسر ذلك بقوله: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه﴾[14]

دون قوله: ﴿ولأمرنهم فليغيرن خلق الله﴾[15]، أن تلك الآية تضمنت جميع ما جاء في الحديث النبوي” [16].

___________________________________________________________

[1] . مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح٢٨١/١

[2] . شرح القسطلاني على صحيح البخاري ٤/١

[3] . البحر المحيط في اصول الفقه٢٥٠/٨

[4] . رواه البخاري رقم ٤٨٨٦ و٥٩٣٩ ومسلم ٢١٢٥ وصحيح النسائي رقم ٥٢٥٤ ورواه أهل السنن وأحمد وغيرهم.

[5] . عون المعبود شرح سنن أبي داود١٥١/١١ للآبادي.

[6] فتح الباري بشرح صحيح البخاري٣٧٣/١٠؛ عمدة القاري بشرح صحيح البخاري ٢٢٥/١٩ للعيني؛ شرح القسطلاني لصحيح البخاري ٣٧٦/٧

[7] . الإكليل في استنباط التنزيل ص٢٥٩

[8] . المائدة:1

[9] . المائدة:٣

[10] . المائدة:١

[11] . المائدة: ١

[12] . العنكبوت: ٤٨

[13] . أحكام القرآن ١٤/٢ لابن العربي المالكي

[14] . الحشر: ٧

[15] . النساء: ١١٩

[16] . الموافقات ٣٤١/4

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى