الردود العلمية على منكري السنة النبوية (12)
بقلم الشيخ علي القاضي (خاص بالمنتدى)
قال تعالى: ([1]وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)
قال الإمام الزمخشري: “وأظهره وأطلع النبي عليه السلام عليه على الحديث، أى: على إفشائه على لسان جبريل”[2]
قال العلامة محمد حبيب : “فأين هذه الآية التي أظهر الله بها نبيه على هذا الإفشاء؟ إننا لا نجد في القرآن آية تبين ذلك فظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم علم ذلك بالوحي غير المتلو وهو وحي السنة”[3]
قلت: وهذه اوجه قوية في الدلالة على حجية السنة لا يملك المنصف الباحث عن الحق إلا التسليم بذلك ولا يمكن لمنكر السنة ان يجيب عنها جوابا يحترم فيه العقل والحقيقية
وقوله تعالى ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [4]
قال الإمام الشافعي: “إن الله عز وجل وضع نبيه – صلى الله عليه وسلم – من كتابه ودينه بالموضع الذي أبان في كتابه فالفرض على خلقه أن يكونوا عالمين بأنه لا يقول فيما أنزل الله عليه إلا بما أنزل عليه وأنه لا يخالف كتاب الله وأنه بين عن الله عز وعلا معنى ما أراد الله وبيان ذلك في كتاب الله عز وجل قال الله تبارك وتعالى ﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي﴾ [5]
وقال الله عز وجل لنبيه – صلى الله عليه وسلم – ﴿اتبع ما أوحي إليك من ربك﴾ [6]
وقال مثل هذا في غير آية وقال عز وجل ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ [7]
وقال ﴿فلا وربك لا يؤمنون﴾” [8] [9]
و قال الإمام ابن حزم الظاهري:” فلو أنه صلى الله عليه وسلم شرع شيئاً لم يوح إليه به، لكان مبدلاً للدين من تلقاء نفسه، وكل من أجاز هذا، فقد كفر وخرج عن الإسلام، وبالله تعالى نعوذ من الخذلان” [10]
قال الإمام الشوكاني: “ولا يخفاك أن السنة شرع من الله عز وجل، كما أن الكتاب شرع منه سبحانه، وقد قال تعالى: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾
وأمر سبحانه باتباع رسوله في غير موضع في القرآن، فهذا بمجرده يدل على أن السنة الثابتة عنه ثبوتا على حد ثبوت الكتاب العزيز حكمها حكم القرآن في النسخ وغيره، وليس في العقل ما يمنع من ذلك، ولا في الشرع.
وقوله تعالى: ﴿ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها﴾
ليس فيه إلا أن ما يجعله الله منسوخا من الآيات القرآنية سيبدله بما هو خير منه، أو بما هو مثله للمكلفين، وما أتانا على لسان رسوله، فهو كما أتانا منه، كما قال سبحانه: ﴿إن هو إلا وحي يوحى﴾ وكما قال تعالى: ﴿قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي﴾ ” [11].
وقال الإمام البغوي:” ﴿إن أتبع إلا ما يوحى إلي﴾ أي: ما أتبع إلا ما يوحى إلي فيما آمركم به وأنهاكم عنه” [12]
قال الإمام الطبري: “وقوله: (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) ، يقول: قل لهم: ما أتبع في كل ما آمركم به أيها القوم، وأنهاكم عنه، إلا ما ينزله إلي ربي، ويأمرني به” [13]
قال الإمام الفخر الرازي:” أن قوله: إن أتبع إلا ما يوحى إلي معناه: لا أتبع إلا ما يوحى إلي، فهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام ما حكم إلا بالوحي، وهذا يدل على أنه لم يحكم قط بالاجتهاد. [14]“
_________________________________________________________________________
[1] . سورة التحريم: ٣
[2] . تفسير الزمخشري ٥٦٥/٤، تفسير النسفي٥٠٥/٣،تفسير البحر المحيط٢١٠/١٠.
[3] السنة ومكانتها في ضوء القرآن الكريم، الشيخ محمد حبيب، ص٩٦، منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة، الشيخ الدكتور تامر محمد متولي ص١٢٦-١٢٧.
[4] يونس: ١٥.
[5] . نفس الآية السابقة .
[6] . الأنعام: ١٠٦
[7] . النساء: ٨٠
[9] . الأم ٣٠٣/٧
[10] . الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم١٣٧/٥، أصول السرخسي ٩٦/٢
[11] . إرشاد الفحول إلي تحقيق الحق من علم الأصول٧٠/٢
[12] . تفسير البغوي١٢٥/٤
[13] تفسير الطبري٤٠/ ١٥، تفسير الخازن ٤٣٢/٢
[14] . تفسير الرازي٢٢٥/١٧