مقالاتمقالات مختارة

الرد الرصين على المغالطات السبع لدعاة الفرنسة

الرد الرصين على المغالطات السبع لدعاة الفرنسة

بقلم د. عبد العزيز بوصفيحة*

أثار السيد شكري البكري سبع مغالطات في تسويغ السير نحو الفرنسة الكاملة للمواد العلمية في القانون الاطار لمنظومة التربية والتكوين، يرد عليها كما يلي:

المغالطة 1: .. ” ما دمنا قاصرين عن تطوير العربية لتساير العلوم ..”

الجواب: لسنا قاصرين والعربية مستعدة لتدريس كل التخصصات بدقتها الذاتية وبالمعاجم الحديثة عربية إنجليزية الموجودة في كل التخصصات. مثال: ترجم أساتذة الطب المغاربة 70% من مقررات الطب في المغرب خلال السنوات الثلاث الماضية باستعمال الرصيد الطبي العربي التاريخي والمعجم الطبي الموحد عربي انجلبزي لمنظمة الصحة العالمية.

رجاء، سيدي الكريم، اترك هذا الجانب لأهل الإختصاص.. في الفزياء (موسوعة عالمية في الفيزياء الرياضية المعاصرة بالعربية صدرت مؤخرا للأستاذ محمد البغدادي الذي درس الطلبة في الجامعات الدولية خارج المغرب بالإنجلبزية) .. وهكذا في كل العلوم .. وتصدر بالعربية مجلات متخصصة (المجلة الصحية المغربية مثلا) كتب و ترجمات … والإمكانيات ضخمة للرقي الصاروخي بهذا الإنتاج إن وفى الصحافيون والبرلمانيون باختيارات الشعب في الدستور.

المغالطة 2: لا مجال لاقحام الإسلام هنا ..
الجواب: بلا سيدي، العربية مفتاح القرآن واستعمال الفرنسية في الجامعة والوظيفة ثم في الحياة العامة احسن طريقة لإبعاد الناس عن فهم القرآن ..

المغالطة 3: “تعريب المواد العلمية كان سببا …”

الجواب : سوء فهم العلوم في الجامعة سببه سوء تدريس الفرنسية من طرف الحكومة لمدة ربع قرن (أولويات اخرى؟) و ليس السبب هو تدريس العلوم بالعربية في الثانوي. بالعربية فهم و يفهم التلاميذ العلوم بطريقة أحسن بكثير مما سيفرض عليهم اليوم بتدريسها بالحضارة الفرنسية.

ثم ما ذنب أكثر من 95% من المغاربة الذين لا يتكلمون الفرنسية في بيتهم و لا في شارعهم ويتمتعون بعربية شكري البكري ؟ هل ننتظر 2-4 أجيال أخرى حتى تحل الدارجة الفرنسية مكان الدارجة العربية كي يحصل تكافؤ الفرص للشباب المغربي و .. لا يعرف من القرآن إلا ما فهمه مترجما…

المغالطة 4 :” لا يعقل يا سادة ان ندرس العلوم بالعرببة في الثانوي وبالفرنسية في الجامعة..”

الجواب : الحل ليس ما اقترحتم، سيدي. الحل ليس الرجوع إلى الفرنسية في تدريس العلوم بالثانوي.

الحل هو تدريس العلوم بالعربية في الجامعة .. و لقد ضحى الشعب المغربي بأكثر من 25 سنة منذ تعريب العلوم في الثانوي لتقوم الدولة بالتصالح مع لغته بإعداد تكوين جامعي بالعرببة واتخاذ الإنجليزية كأولوية في تدريس اللغات .. وتنشيط الترجمة .. وتكوين المكونين..

لم تدرس اليابان وكوريا وتركيا وأيسلاندا (300.000 نسمة) وفلسطين المحتلة بلغاتها ببن عشية و ضحاها .. بل بعد فترة انتقالية .. قصيرة في عمر الأمم .. ومجهود جبار يحركه اعتزاز بالهوية ورغبة في المساهمة في تنمية الإنسانية .. ولقد ساهم الصحافيون الصادقون بصفة فعالة في هذا النجاح … لم يثبطوا العزائم ويخرجوا الهوية من الحساب..

المغالطة 5: “التعريب ليس قرارا سياسيا..”

الجوب: الفرنسة احتاجت إلى قرار سياسي كالصاعقة (تم تمريره في اللجنة البرلمانية قبل أن يقره سياسيا و بسرعة خاطفة الجرار و الحمامة و السنبلة والوردة و الحصان في الجلسة العمومبة للبرلمان) .. لكن أين كان السياسيون 25 سنة للإعداد لتعريب الجامعة .. أم أن السياسة حرام على العربية ؟

المغالطة 6: “.. التعريب يحتاج إلى ارضية أكاديمية للترجمة “

الجواب: بخصوص الأرضية الأكاديمية، تضم بلادنا معاهد جامعية وطنية ودولية للتعريب والترجمة. نفيتم وجودها وربما جهلتم بأخرى. أمثلة:

“- معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، مؤسسة جامعية وطنية تابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، تقوم بالبحث العلمي الأساس والتطبيقي في مجال اللغة العربية بالمقارنة مع باقي اللغات وما لها من أدوات، وتسعى…”.

– مدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة…

– كليات اللغة العربية واللسانيات واللغات الأجنبية.. والمختبرات الجامعية للترجمة

– مكتب تنسيق التعريب في المجال المعجمي واللغوي، وهو يختصر أكثر من خمسين سنة من العمل الجاد لفائدة اللغة العربية، حيث أنتج سلسلة من المعاجم الموحدة، أكثر من 40 معجما ثلاثي اللغة (انجليزية عربية فرنسية) في مختلف المجالات العلمية من رياضيات وفيزياء وهندسة ومعلوميات وصحة و….وفي مختلف المجالات التقنية..

كما أرجو، سيدي، أن تعرفوا بأحد أكبر مختبرات هندسة اللغة العربية في العالم والموجود .. و هذه مفاجأة .. في أكبر مدرسة للهندسة بالمغرب .. المدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط .. هذا الصرح العلمي يديره أساتذة مهندسون في الإعلاميات وهم مغاربة رضعوا الهوية المغربية من ثدي أمهات مغربيات أصيلات .. هذا المختبر المفخرة يطور محركات البحث بالعربية وينتج تطبيقات بالعربية والإنجليزية … للمهتمين بالعربية ..

المغالطة 7: ” ..و يحتاج التعريب … مواكبة العلوم”

في بلادنا، سيدي، كل أساتذة الجامعات والمعاهد مغاربة!

يواكبون العلوم .. يطورون البحوث .. ينشرون بالإنجليزية في أقوى المجلات العلمية كزملائهم الذين يدرسون العلوم بلغاتهم الرسمية الدستورية في المانيا والبرازيل و بولونيا و روسيا والصين وبلاد الوقواق..

إذن، المواكبة موجودة لا يجب تجاهلها والترجمة العلمية موجودة لا يحق تجاهلها .. فقط نحتاج إلى قرار سياسي “يخيط المواكبة بالترجمة” كي يفرح أبناء المجاهدين المغاربة الذين ينتظرون كسوة العيد منذ الإستقلال…

المغالطة 7: “..خليوا اوليداتنا باش على الأقل يكملوا قرايتهم في بلدان العالم..”

الجواب: يبدوا أننا البلد الوحيد في العالم الذي لا يحق له تدريس العلوم بلغته حتى تتمكن نسبة قليلة من أطره أن تهاجر لإتمام تكوينها خارج الوطن؟!

كل الدول التي تدرس العلوم بلغتها ترسل إلى الخارج بعضا من طلبتها للتكوبن والبحث العلمي، خاصة بعد الجامعة الوطنية .. فرنسا .. إطاليا .. أندونيسيا .. هولندا .. الدانمارك .. النرويج .. كلها تدرس بلغتها الدستورية لكن لا يخاف عليها صحافيوها من التكوين خارج الوطن ..

هذه الدول اختارت اللغة الحقيقية للانفتاح اليوم .. الإنجليزية.. و أحسنت تدريس اللغات.. لكن لم تدرس بلغة المستعمر (كسر الإعتزاز بالهوبة) ولا بلغة أجنبية..

ثم إن الحاصلين على الباكلوريا المغربية ذات التكوين العلمي بالعرببة (95%) يتفوقون في التكوين العلمي في روسيا وجزر الشاك شبكربن .. بعد عام من تعلم اللغة الدستورية للبلد المضيف ..

فرنسة التعليم تحد من آفاق التكوين في العالم وتكرس التبعية الفرنسية و .. تقتل تدريجيا الهوية المغربية لأن الأسر المغربية ستعتمد الدارجة الفرنسية في بيتها وفي الشارع كي تعزز من تكافئ فرصها في الشغل مع أبناء الأعيان والأغنياء..

مع اطيب التحيات.
———-
*استاذ بكلية الطب والصيدلة / جامعة الحسن الثاني. الدار البيضاء.

(المصدر: هوية بريس)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى