الدكتور سعيد رمضان | بقلم د. يوسف القرضاوي
الدكتور سعيد رمضان (حوالي 1344 – 1416هـ = 1926 – 1995م)
وفي صيف 5 أغسطس 1995م تُوفي الداعية الإسلامي الكبير، الدكتور سعيد رمضان عن عمر يناهز 69 تسعة وستين عامًا.
توفي في سويسرا، التي يعيش فيها هو وأسرته منذ عقود من السنين، وأنشأ فيها في مدينة جنيف مركزه الإسلامي، ثم نُقل جثمانه إلى القاهرة، ليدفن بجوار شيخه وإمامه وحَمِيه حسن البنا، كما أوصى بذلك.
وصول جثمانه إلى القاهرة
كنت في إجازتي السنوية، واتصل بي بعض الإخوة في القاهرة ليبلِّغني بوفاة الأخ الكبير سعيد ووصول جثمانه، وأنَّ الصلاة عليه ستكون في جامع رابعة العدوية في مدينة نصر، حيث أقيم، وقال لي: إن الإخوة يشدِّدون على حضورك، لتقوم بالصلاة عليه. قلت للأخ: الأمر لا يحتاج إلى تشديد، فلا يسع مثلي أن يتأخَّر عن شهود جنازة مثل جنازة سعيد رمضان، والحمد لله، أني موجود في القاهرة، ومن حقِّ الأخ على أخيه أن يشهد جنازته، فكيف إذا كان مثل سعيد رمضان، بما له من ماضٍ مشرق وحافل في خدمة الدعوة، وما له من صلة وقربى بإمامنا الشهيد، وما له من حقٍّ خاص عليَّ، باعتباره ابن طنطا أو الغربية مثلي، وقد تتلمذ على أستاذنا البهي الخولي، كما تتلمذت عليه، وما لأبنائه- الذين تعرَّفت عليهم في أوربا في مجال الدعوة- من حق عليّ، وخصوصًا طارقًا وهانيًا. كل هذا يحتِّم عليَّ أن أحضر ولا أغيب.
صلاتي على جنازته في مسجد رابعة العدوية:
وفعلًا ذهبت إلى مسجد رابعة قبيل صلاة الظهر، وبعد دقائق جاء النعش، وقد حضر جمّ غفير من الإخوان، وقدَّموني للصلاة عليه، وجاء مع الجثمان ابنه هاني، الذي أعرفه، وكان معه شقيقه الأكبر الدكتور أيمن فسألت: هانيًا ألم يكن في استطاعة طارق أن يحضر معك؟ فقال: لم يكن ذلك في استطاعته. إن موقف السلطات المصرية منه سيِّئ، ولا يُؤمَن أن يأخذوه ويحقِّقوا معه، ولا يدري ماذا تكون النتائج. قلت له: البركة فيك، وكل الإخوان هنا، إما أخ لسعيد، وإما ابن له.
وبعد الصلاة حُملت الجنازة إلى مقابر الإمام الشافعي، التي أزورها لأول مرة. وكان الجو حارًّا، والسائق الذي معي لا يعرف المكان، وقد تفرَّقت السيارات بعضها عن بعض. المهم أننا وصلنا بعد تعب ومعاناة إلى المقبرة، التي دُفن فيها الإمام الشهيد، ودُفن سعيد بجوار أستاذه وصهره وحبيبه.
كلمتي في تأبينه:
وبعد الدفن، ألقيت كلمة رثاء أودع بها أخانا الحبيب سعيدًا، لا أذكر الآن مضمونها، ولكن أذكر أني بكيت فيها سعيدًا، وبكيتُ معه شيخَه وشيخَنا الإمام البنا رحمهما الله. ومن طبيعة توديع الأحبة أن يذكِّر بعضهم ببعض، وأن الحزن الجديد يوقظ الحزن القديم، كما قال الشاعر:
وقالـوا: أتبكي كل قبـرٍ رأيتَهُ لِقَبْرٍ ثوى بين اللّوى والدّكادِكِ
فقلت لهم: إنَّ الأسى يبعث الأسى دعـوني، فهذا كله قبرُ مالك!( )
لقد مات سعيد رمضان، وكلُّ نفس ذائقة الموت، ولكن من الناس من إذا مات، مات معه كل شيء، فلا يبقى له أثر ولا خبر ولا ذكر.. ومن الناس من يحيا بعد موته، أعمارًا بعد عمره، بما خلَّف مما ينفع الناس. وأحسب أن سعيدًا من هؤلاء.
نبوغه المبكّر:
لقد ولد سعيد في نفس السنة التي ولدت فيها، وُلِدَ في أوائلها، ووُلِدْتُ في أواخرها، ولكنه حصل على الثانوية مبكِّرًا، في نفس السنة التي دخلت فيها معهد طنطا، وهو تخرج في مدرسة طنطا الثانوية، ولكنه ظهر ونبغ وهو في المرحلة الثانوية، واشتغل بالدعوة مبكِّرًا، وذهب إلى عدد من القرى القريبة من طنطا، ومنها قريتنا (صفط تراب)، التي زارها بُعَيْد حصوله على الثانوية، وألقى فيها خطبة الجمعة، التي لقيت استحسانًا من الناس، ولكني لم أكن موجودًا في القرية في ذلك اليوم. ولا أذكر السبب.
لقاءاتي به:
انتقل سعيد من طنطا إلى القاهرة، ليلتحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، أو جامعة فؤاد الأول، كما كانت تُسمَّى في ذلك الوقت. ولم يقدَّر لي أن ألقاه أو أستمع إليه إلا مرتين، المرة التي أذكرها جيدًا، حين كان مصاحبًا للإمام الشهيد في زيارة مدينة (دسوق). وقد ذهبنا إليها لنستمع إلى الإمام الشهيد، أنا والأخ أحمد العسال، والأخ محمد الدمرداش مراد. وذلك عن طريق قطار الدلتا. وكانت المناسبة مناسبة المولد النبوي، فألقى سعيد كلمة ضافية أخذت بمجامع القلوب، في هذه الذكرى العاطرة.
جواب مفحم:
والمرة الأخرى أظنها كانت في المركز العام، وسمعت منه كلمة حكيمة موفَّقة، لا أذكر في أيِّ الأعوام كانت؟ وهي أنه كان يخطب مرة، فأراد بعض المستمعين أن يحرجه، فسأله هذا السؤال: أنتم صار لكم عشرون سنة تتكلمون، فماذا فعلتم؟
وكان جوابه: وأنتم أيضًا صار لكم عشرون سنة تسمعون، فماذا فعلتم؟!
فكان جوابًا مفحمًا ومقنعًا. فبعض الناس يجعل كل التبعة على المتكلِّم، ولا يحمِّل المستمع شيئًا. والواقع أن على المتكلِّم أن يدعو ويشرح ويبيِّن، وعلى المستمع أن يفهم ويعمل وينفذ، وقد سمعت كلمة سعيد رمضان في الحفل، ولكني لم ألتقِ به. ولم ألتقه مدة دراسته في الجامعة حتى تخرَّج.
ثقة الإمام الشهيد به:
كان سعيد رمضان بموهبته وذكائه وحيويته وخبرته في الدعوة منذ باكورة شبابه، موضع ثقة الإمام الشهيد، فقد بعث به إلى الصعيد، وبعث به إلى بعض البلاد العربية، وكان قريبا من أسرة الإمام البنا، ومعروفا لديهم، كما أنهم قريبون منه، ومعروفون لديه.
مجلة الشهاب:
وحين أصدر الإمام مجلته الشهرية العلمية الشهيرة التي سماها (الشهاب)، على اسم مجلة المصلح الجزائري (عبد الحميد بن باديس)، وكان يريد أن تخلُف هذه المجلة مجلة (المنار) العلمية الإصلاحية الشهيرة، التي كان يصدرها الإمام المجدد السيد محمد رشيد رضا. هنا عيَّن حسن البنا سعيد رمضان مديرًا لهذه المجلة.
وقد تزوَّج سعيد رمضان كبرى بنات الإمام الشهيد (وفاء حسن البنا) أم أيمن حفظها الله، ومنها أنجب أولاده جميعًا.
خروجه من مصر:
وخلال هذه المدة لم يقدَّر لي أن ألتقي سعيد رمضان، حتى حُلَّت الجماعة، واعتقل الإخوان، واعتُقلت مع بعض زملائي في معهد طنطا، وقُدِّر لي أن ألقى كثيرًا من الإخوة من زملاء سعيد، مثل: مصطفى مؤمن، وحسان حتحوت، ومحمد عاكف، ومن هو أكبر منهم سنًّا مثل: محمد الغزالي، وعبد العزيز كامل، وعبد المعز عبد الستار، وعبد الحكيم عابدين، وعبد البديع صقر.. وغيرهم، ولكن لم يقدَّر لي أن ألقى سعيدًا، فقد كان خارج مصر عند حلِّ الإخوان، وظل بعيدًا عن مصر، حتى انزاحت الغمَّة، وانفرجت الأزمة، وعادت الأمور إلى طبيعتها، فرجع إلى مصر سنة 1950م.
وكتب سعيد في مجلة الإخوان: (مذكرات شهيد يجوب الآفاق في سبيل الله).
نشاطه ومقابلاته:
ولكننا كنا نتابع نشاط سعيد مما ينشر في الصحف، من مقابلاته مع المراسلين الأجانب، ولباقته في الردِّ على أسئلتهم.
وقرأنا لقاءه بالملك عبد الله بن الحسين ملك الأردن، الذي رحَّب به، وقرَّبه منه، وكان سعيد يثني عليه، ويقول: هو أذكى ملوك العرب، وأعلم ملوك العرب، وأتقى ملوك العرب. وقد عيَّنه حاكمًا عسكريًّا لمدينة القدس.
مجلة (المسلمون):
وبعد عودته إلى مصر، وانتخاب الأستاذ الهضيبي مرشدًا عامًّا للإخوان، كان قريبًا منه، وقد فكَّر في إنشاء مجلة تخلف مجلة (الشهاب) التي كان يُديرها، فأسَّس مجلة (المسلمون) التي ظلَّت تصدر مدة من القاهرة، وكان يكتب فيها كبار العلماء والدعاة والمفكرين المسلمين. وقد كتبت فيها مرة أو مرتين.
في عنبر الإدارة:
وبعد أن قامت الثورة، في 23 يوليو 1952م، كان له صلة ببعض ضُبَّاطها، وظلت علاقته بهم طيبة، فترة من الزمن، حتى اصطدمت الثورة بالإخوان، وكان الحل الأول، وفي 11 يناير 1954م اعتُقل سعيد مع المعتقلين، واعتقلت أنا من أول يوم مع مجموعة من إخواني. وهناك لقيته وجهًا لوجه لأول مرة، ولكن لم يقع بيننا حديث أو حوار. وقد قدَّمني الأستاذ المرشد لأصلِّي بالإخوان إمامًا، فكان يصلي ورائي مع سائر الإخوان، واستمرَّ ذلك عدة أيام، ثم نُقِل مع أعضاء مكتب الإرشاد وقادة الجماعة، في عنبر خاص يسمى (عنبر الإدارة) تمييزًا لهم. أو لتيسير الاتصال بهم.
الصراع مع عبد الناصر:
وبعد ذلك خرج الإخوان من معتقلاتهم، وذهب عبد الناصر، ومعه عدد من إخوانه القادة، إلى منزل الأستاذ الهضيبي، واعتذر له عمَّا حدث، واتُّفِق على بدء صفحة جديدة بين الجماعة والثورة، على إقامة البناء على الحق والقوة والحرية، وتبايعوا على ذلك. وكانت فرحة عامة بين الإخوان في مصر وفي البلاد العربية والإسلامية.
ولكن سرعان ما قلبت الثورة ظهر المِجَنِّ للإخوان، وظهر بسرعة جوٌّ مشحون بالتوتر والصراع، مما جعل الأستاذ الهضيبي يسارع بالسفر إلى سورية، والجو يزداد تلبدًا بالغيوم، يوما بعد يوم، وينذر برعد قاصف، وبرق خاطف، وسيل جارف.
تجريده مع جماعة من الإخوان من جنسيتهم المصرية:
وفي هذا الوقت كان سعيد في الخارج مع جماعة من الإخوان، فاتهمهم رجال الثورة بأنهم يعملون ضد وطنهم، ويقومون بأعمال مضادَّة للثورة، فجرَّدوا هؤلاء من جنسيتهم المصرية، وهم: عبد الحكيم عابدين، وسعيد رمضان، وكامل الشريف، وسعد الوليلي.
والعرب يقولون: رُبَّ ضارة نافعة. والصوفية يقولون: كم من محنة في طيِّها منحة. والله تعالى يقول: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء:19].
فإنَّ هذا القرار الظالم قد أعفى هؤلاء الإخوة جميعًا من الدخول في محنة 1954م الثانية والقاسية، واقتضى بقاءهم في الخارج، نشيطين، عاملين للإسلام.
وظلَّ سعيد في الخارج، كما ظل يصدر من سورية مجلته الشهيرة (المسلمون)، وقد جعل رئاسة تحريرها للدكتور مصطفى السباعي، الداعية والفقيه الشهير، والمراقب العام للإخوان في سورية، ثم تولَّى هو رئاستها بعد ذلك، إلى أن توقَّفت.
وكان سعيد يعتبر هذه المجلة مجلة (المسلمين). لم يكن يرى أن يجعل الفرد أكبر همها، ولا مبلغ علمها، بل تهتم بالمسلمين في العالم، أي الأمة الإسلامية في المشارق والمغارب، وقد ساعده على ذلك معرفته ببلاد المسلمين، وسعتها، وتنوع مشكلاتها، وكثرة العلماء والأدباء، والمفكرين فيها، وقدرته على مخاطبتهم، وقد جرب معهم حين كان مديرا لمجلة الشهاب في عهد مؤسسها الإمام حسن البنا، وكان هو يكتب افتتاحياتها، وكثيرا ما تكون عرضًا لفكرة جديدة أو مناقشة لموضوع مهم، أو تبيينا لحدث كبير، كما يكتب هو بعنوان (خاطرة) في كل مرة من بنات أفكاره وخواطره الحية النابهة.
وأحيانا يدرس بعض الموضوعات التي تستحق أن تدرس وأن تأخذ حقها في المجلة، وأحيانا يشارك في الكتابة عن بعض العلماء والدعاة والرجال الصالحين الذين بدائهم شيخه البهي الخولي بالإمام أحمد بن حنبل في باب مع العارفين واستمر فيها بعض الوقت وتركها بعد ذلك لسعيد.
إنشاء المركز الإسلامي بسويسرا
ثم أنشأ (المركز الإسلامي) في جنيف بسويسرا، بمعاونة من السعودية وغيرها.
وفي هذه الفترة اتَّهمت السلطات المصريّة سعيد رمضان ومعه مجموعة، بتهمة إعداد مؤامرة ضد مصر، وإعلان الانقلاب عليها. وكانت هذه التهمة الملفقة (حبل النجاة) من الاعتقال والتعذيب، ومعاناة محنة 1954م.
مزايا سعيد رمضان:
كان سعيد رمضان يتمتع بجملة مزايا قلَّما تتوفَّر لكثير من الدعاة، بعضها هبات من الله تعالى يمنحها من شاء من عباده، وبعضها مكتسبة يحصِّلها المرء بالسعي وجهاد النفس وبذل الجهد، ومن جد وجد، ومن زرع حصد.
من هذه المزايا:
أولًا: بشاشة وجهه، وابتسامته الدائمة، وشخصيته الجاذبة، بلا تكلف ولا افتعال. وهو ما جعله قريبًا محببًا إلى الناس، ولا سيما الشباب.
ثانيًا: لباقته وحضور بديهته في الحوار والرد على الأسئلة المحرجة، والإجابة المقنعة، أو حسن التخلص منها.
ثالثًا: فصاحة لسانه، وقوة تأثيره في خطابته، وشدُّ الجماهير إليه.
رابعًا: قوة عاطفته، وحيوية مشاعره، التي تنتقل منه إلى سامعيه، فتجعله يَبكي ويُبكي، ويتأثَّر ويؤثر، وخصوصًا إذا تحدث عن الجانب الرباني في الإسلام، أو عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، أو تحدث عن الشخصيات الإسلامية المؤثرة.
خامسًا: قربه من الإمام الشهيد، وثقة الإمام به، حتى إنه كلَّفه بمهام كبيرة على صغر سنه.
سادسًا: اتصاله بالدعوة ورجالها، ونشاطه فيها منذ عهد مبكر من عمره. فكان تلميذ الأستاذ البهي الخولي، قبل أن نتتلمذ نحن عليه.
سابعًا: رحلته إلى أقطار شتَّى، وتعرُّفه على كثير من رجالات العالم الإسلامي، وخصوصًا العالمين للدعوة الإسلامية والبعث الإسلامي.
ثامنًا: قدرته على الاتصال بالشخصيات الكبيرة، في العالم العربي والإسلامي وتأثيره فيهم، واستفادته من ذلك لصالح الدعوة.
كاتصاله بالمملكة العربية السعودية، وبرجالها وعلمائها وبرابطة العالم الإسلامي، الذي كان له دور في تأسيسها.
انكماشه في العقود الأخيرة من عمره:
غير أن الذي يعجب له المراقب لحياة سعيد ومسيرته– ويأسف له أيضًا- أنَّ هذه الحيوية الهائلة، لم تستمر في فَيْضها وعطائها بقوة كما كانت، فقد قلَّ نشاطه المعهود والمرتجى فيه، إلى حد كبير. لقد ظلت هذه الشخصية الثرية تدعو وتعطي، ولكن ليس بالقدر الذي كان يُتَوَقَّع منها، والذي يكافئ ما لديه من مواهب، ويتلاءم مع تاريخه الحافل والدافق بالخير والعطاء.
وربما كان لإقامته في أوربا أثرٌ في ذلك، ولكنْ هناك كثيرون أقاموا في أوربا، وفي أمريكا، ولم يمنعهم ذلك من مواصلة الفيض، واستمرار العطاء.
وقد فسَّر بعضنا بأنَّ الرجل قد تفرَّغ للتأمُّل والكتابة، فلم يعد يهمه الكلمة المرتجلة، بل همه الكلمة المكتوبة. وهذا يمكن أن يكون عذرًا مقبولًا، لو أننا قرأنا للرجل كتبًا ذات بال، أصدرها خلال تلك المدة.
حتى قال بعض إخواننا: كأنَّ عينًا أصابت الرجل، فلم يعد تلك الشعلة المتوهِّجة التي كانت تشعُّ نورًا، وتقذف نارًا.
على كلِّ حال، حَسْبُه ما قدَّمه في شبابه، ممَّا يندر أن يقدِّمَه مثله، وعسى أن يعوِّض أبناؤه في شبابهم، فينهضوا بما لم ينهض به أبوهم في شيخوخته. ونحن نجد في ابنه الداعية المثقف النشيط الذي يجيد التحدث والكتابة بالعربية والانجليزية، ويحضر المؤتمرات، ويشارك في الندوات، ويؤلف الكتب، ويشارك معنا في قطر في رئاسة مركز (الأخلاق) الذي شاركناه في تأسيسه، واختيار رجاله، وأهدافه وموضوعاته.
وقد سعدت بلقاء أخيه البكر الأكبر في قطر، وعرفني أنه التقى بي في مصر في وداع والده، وسلم علي، وكان مثل والده في الظرف واللطف.
رحم الله سعيد رمضان، وغفر له، وتقبَّله في الصالحين، وجزاه عن دينه ودعوته وأمته، خير ما يجزي به الدعاة العاملين، والمجاهدين الصادقين. وأن يحشره مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)