مقالاتمقالات المنتدى

الحياء! الحياء! ياحكّامنا!

الحياء! الحياء! ياحكّامنا!

 

بقلم د. محمد عناية الله أسد سبحاني (خاص بالمنتدى)

 

لبيك ياغزة! لبيك يا غزّة!

تلك كلمات رقيقة حبيبة يردّدها المسلمون اليوم في الشرق والغرب.

يردّدونها بكل حرارة وقوّة وحماس!

ولكنهم لايملكون شيئا سوى صيحات الغضب والاستنكار!

لا يملكون سوى عبرات حارّة، ودموع ساخنة يسكبونها أمام ربهم على عجزهم عن مساعدة إخوانهم!

وأما الملوك والرؤوساء، الذين يملكون السلطات، ويملكون الصلاحيات فهم في غفلة ساهون!

ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون!

إن غزّة العزّة، كما هو معروف ومشاهد لدى الجميع، تمرّ بظروف قاسية مؤلمة!

تمرّ بظروف رهيبة مخيفة لا يصبر عليها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان!

تمرّ بحالات تدمي العيون! وتقرّح الجفون! وتصدّع القلوب! وتفتّت الأكباد!

وليس ذلك قصة يوم أو يومين، فقد مرّ على ذلك ما يقارب شهراً ونصفاً من الزمان!

لا نقول شهراً ونصفاً، فمثل تلك الظروف العبوسة المزلزلة تساوي كل دقيقة منها شهرين وأكثر!

إن دولة إسرائيل- قاتلها الله- تعضّ على أهل غزّة الأنامل من الغيظ، وتمطر عليهم صواريخ فتّاكة وقنابل مدمّرة في كل صباح ومساء!

إنها تقتل الصبيان، وتقتل النساء، وتقتل الشيوخ بكل قسوة وشراسة!

إنها تدمّر المنازل، وتدمّر العيادات والمستشفيات، وتخرّب القرى والمدن بكل وحشية وهمجية!

فغزّة الآن عبارة عن أشلاء ممزّقة وعظام مكسورة محطّمة، وبيوت مخرّبة، ومدن خاوية موحشة!

ضاقت المقابر بشهدائها، وضاقت المستشفيات والعيادات بجرحاها ومرضاها!

هم لايجدون ما يُروي غليلهم من الماء! ولايجدون ما يشبع بطونهم من الغذاء! ولا يجدون من الأدوية والعلاجات ما يداوي جرحاهم، ويشفي مرضاهم!

وبعد كل هذا إذا وجد أعداؤهم فرصة للسلب والنهب واختلاس الجرحى، واستخراج ما في أجسادهم من الأعضاء فهم لا يمتنعون من ذلك، ويفعلونه بكل وقاحة، من غير خجل ولا استحياء!

يحصل هذا كله يوميا، بمرأى ومسمع منكم،أيها القادة والسادة! وأيها الملوك والرؤوساء!

ويا أصحاب العروش والتيجان! ويا أصحاب الكراسي والبرلمان!

 والأنباء عن غزّة تصلكم تترى، والصيحات من أهل غزة تقرع آذانكم، وتنادي غيرتكم وحميّتكم، ولكنها لا تحرّك منكم ساكنا، ولا توقظ منكم نائما!

ومما يدعو إلى الأسف أن هذه الأوضاع كشفتكم كشفا يا حكّام المسلمين! ويا قادة الأمة! فلا ملام عليكم!

فأنتم لستم أحرارا في تصرفاتكم، ولا تملكون شيئا من أموركم حتى تُلاموا على عدم تحرّككم!

أنتم عَبِيد صاغرون لمن وراءكم، فلا تملكون شيئا غير أن تعقدوا المؤتمرات تلو المؤتمرات! وتقرؤوا فيها الورقات بعد الورقات!

ثم تعلنوا بانتهاء تلك الجلسات العابثة بقرارات فارغة ميّتة لاحياة فيها ولا أمل!

وهل أنتم مطمئنون ياحكّامنا! ويا رؤوساءنا! إلى هذا العجز المشين، وإلى هذا الذل المهين مع أنكم تملكون من أسباب العزّة والقوة ما لا يملكه سادتكم وكبراؤكم من اليهود والنصارى!

أنتم نسيتم ربكم مع الأسف، فأنساكم ربكم أنفسكم!

فأصبحتم لا تعرفون خيركم من شركم، ولا تعرفون صديقكم من عدوّكم!

أنتم نسيتم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين دون غيرهم. تذكروا قول ربكم:

ﵟبَشِّرِ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا ١٣٨ ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا ١٣٩ ﵞ [النساء: 138-139]

 ﵟيَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ ٨ ﵞ [المنافقون: 8]

وتلك ظاهرة أثبتها بجلاء إخواننا المجاهدون في غزة، هم أثبتوا في وضح النهار أن أقوى قوة في العالم هو الإيمان بالله، وإذا كان الإيمان قويا صادقا صامدا فهو الذي يكسب المعركة، والدبابات، و المدرعات، والقنابل وما إليها، كلها تفشل أمام قوة الإيمان، وترجع بعار وهوان لا يزول.

فاستحيوا ياحكّامنا! واستحيوا يا رؤوساءنا وملوكنا!

استحيوا من مواقفكم الهابطة المخجلة في شأن غزّة العزّة وأهلها، وتوبوا إلى ربكم، وارجعوا إلى رشدكم وصوابكم، نسأل الله لكم الهداية والتوفيق! ونسأله تعالى أن ينجيكم من خزي الدنيا! وينجيكم من خزي يوم القيامة!

***                           ***

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى