الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (5)
بقلم فاتن فاروق عبد المنعم
طائفة الحشاشين:
نشأت في الجبال بعيدا عن الأعين متخذة قلاعا وحصونا مثل قلعة آلموت في إيران جنوبي بحر القزوين،
وهؤلاء ارتكبوا من الجرائم والاغتيالات الكثير لإحداث فراغ سياسي وفكري حتى لا يجد العوام من يكشف لهم ضلال هذه الفئة،
لذا حرصوا على اغتيال الأمراء والقادة والفقهاء والقضاة والوعاظ بل وحالوا اغتيال صلاح الدين الأيوبي
(الشوكة في حلوق الشيعة والنصارى إلى يومنا هذا، هل فهمنا لماذا بعض الأفسال في أيامنا يتطالون عليه؟! يقبضون من أسفل الموائد وخلف الأبواب)
لذا فقد تميز عهدهم بالإغتيالات والإرهاب، وقد كان يخافهم بعض الحكام والوزراء.
السائح الإيطالي ماركو بولو:
يروي هذا السائح أن شيخ الجبل الحسن بن الصباح كما كان يطلق عليه (نظرا لسكناه قلعة آلموت في إيران)
كان يأخذ الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشر والعشرين وينشئهم تنشئة خاصة،
ثم يأتي بهم ويخدرهم بالحشيش ويدخلهم بعد ذلك في حدائق غناء مليئة بالملذات والكواعب الحسان،
ويطلقهم فيها ليتمتعوا بكل ما احتوت ثم يعيدهم إلى حضرته،
ويطلب منهم بعدما يفيقون أن يغتالوا من يريده من أعدائه، وجزاؤهم بعد ذلك أن يخلدوا في الجنة التي ذاقوا نعيمها.
خليفة ابن الصباح (الحسن بن محمد بن كيابزرك):
خرج على الناس ليقول لهم أن الإمام قد فتح أبواب رحمته ورأفته بهم بأنه قد رفع عنهم آصار (تكاليف) الشريعة وأوزارها ورسومها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته»
والإمام هو المسئول الأول عن أتباعه، وهو الذي يتحمل بدلا منهم الحساب يوم القيامة،
إن أطاعوه إطاعة تامة واعتقدوا إمامته على هذا النحو، وبذلك فقد رفع عنهم كل التكاليف الشرعية ليمحو جميع فرائض الإسلام محوا،
وشرع الإباحية المطلقة في المال والنساء وشرب الخمر وادعى أنه الإمام المختفي من نسل نزار بن المستنصر بالله.
ولما مات خلفه الحسن الثالث الذي أعاد القيام بالفرائض الشرعية وأمر ببناء المساجد وإقامة الآذان
وراسل الخليفة العباسي الناصر لدين الله، وطعن في الحسن بن الصباح وكل من تبعه وأمر بحرق كتبهم وأرسل أمه وزوجته لآداء فريضة الحج،
ولكن هذه الأفعال لم ترق لأتباع الباطنية واعتبروها خروجا على تعاليم ابن الصباح فقتل على يد أحد الحشاشين،
وبذلك فقد عاد الحشاشون إلى سابق عهدهم في الإلحاد والإباحية، وزرع الخوف والفتن بين الناس،
حتى جاء هولاكو على رأس جيش مهيب واجتاح حصون وقلاع الحشاشين أولها قلعة آلموت،
وبذلك قضى على هذه الدولة التي كانت مصدر الإلحاد والفتن، ولكن مازال لهم أتباع على الحدود الروسية الإيرانية يسمون (جون دهرمية) أو (المؤمنية)
وفي مصياف والقدموس بسوريا، ومنهم من فر ليلتقي بالإسماعيلية بالهند
وكان نتاج هذا اللقاء أن كونوا الإسماعيلية النزارية وهي مزيج من الإسماعيلية والهندوكية والتصوف الفارسي والهندي،
وهؤلاء تعاونوا مع المحتل الإنجليزي وقت احتلال انجلترا للهند (السقوط لا يتجزأ)
لذا منحت انجلترا إمامهم لقب صاحب السمو وفتحوا له أبواب المستعمرات الإنجليزية التي يدين أهلها بالإسلام،
فأرسل الإسماعيلية دعاتهم إلى أقطار إفريقيا وآسيا مثل بورما وسيلان وكينيا وزنجبار وأوغندا ليشككوا الناس بدينهم.
أغاخان الثالث:
إمام الإسماعيلية بالهند والذي توطدت علاقة الإسماعيلين بالاحتلال الإنجليزي في عهده
مما جعل هذا وسيطا بين الحلفاء وألمانيا (أثناء الحرب العالمية الثانية)
وكانت بريطانيا تطلق أحد عشر مدفعا تحية له عند حضوره الاحتفالات الرسمية،
كان معروفا بالترف الزائد وتزوج أربع مرات باحتفالات أسطورية منها زواجه من الأميرة الإيطالية (ثريا ماجليانو) 1908م
والتي أنجبت له ولي العهد علي خان، وعندما احتفل بيوبيله الذهبي عام 1936م قدم له أتباعه أن وزنوه بالذهب،
وكان يعد من أغنى أغنياء العالم، وأمر نساء الإسماعيليين بنزع الحجاب لأنه يتعارض مع العقائد الإسماعيلية.
يقول عنه جولد تسيهر:
«هو رجل دنيوي المظهر إلى حد كبير، ومشبع بأفكار الثقافة العصرية، لذا كان من الطبيعي أن يخصص موارده للإنفاق على رحلاته العديدة،
وهو ممن يؤيدون سيادة انجلترا على الهند، تلك السيادة التي يراها نعمة للشعوب الهندية،
وفي حركة السواراجي أصدر لمسلمي الهند بيانا قصد فيه أيضا غير المسلمين من الديانات الأخرى،
أثبت فيه أن رغبة الهنود في الاستقلال عن انجلترا هي رغبة طائشة حمقاء، ونزعة متهوسة، سابقة لأوانها،
ثم بين ضرورة الحكم الإنجليزي ونفعه، كعامل من عوامل الاتحاد والتوفيق بين طوائف السكان ذوي الميول المتعارضة»
ومن المهم الإشارة إلى أن الصليبيين هم من مكنوا ووطدوا أقدام الإسماعيليين بالشام،
بل وزادت شوكتهم بعد إنشاء طائفة للحشاشين بالشام لتبث الرعب والإرهاب بين عموم المسلمين، والإسماعيلية بالشام كانت تناصر الصليبيين،
وتعادي نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي اللذين أرادا توحيد العالم الإسلامي ضد الصليبيين، وهكذا النقيضان لا يلتقيان،
الباطنية دائما وأبدا كانت خنجرا مسموما في خاصرة الأمة، فهم يتمددون بدعوتهم في الخفاء في مختلف الدول الإسلامية
مستغلين جهل العوام بعد تجفيف منابع العلماء الربانيين عن عمد، يساعدهم في ذلك قديما انجلترا واليوم أمريكا لمناهضة إسلام السنة.
الإسماعيلية تعتقد بوجود إلهين أحدهما علة لوجود الآخر، وهما السابق والتالي، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي
(سبق أن أشرنا إلى كون عقيدتهم تتكئ على نظريات فلاسفة اليونان الوثنية من أفلاطون وأرسطو وفيثاغورث)
أما معتقد الإسماعيلية فهو موجب للتكفير وفي ذلك يقول أبو حامد الغزالي:
“أما القول بإلهين فكفر صريح لا يتوقف فيه، لأنهم عرفوا أننا نعتقد أن للعالم صانعا واحدا قادرا عالما مريدا متكلما سميعا بصيرا حيا،
ليس كمثله شيء، فمن رآها كفرا فهو كافر لا محالة، وكما نعلم فإن الدعوة الأولى التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
هي التوحيد وعدم الإشراك مع الله إلها آخر، ولا شك أن عقيدة الإسماعيلية تعني إشراك آلهة أخرى مع الله، وهذا يدل على هدم الركن الأساسي في الإسلام.
من حديث الدكتور محمد كامل حسين في تحقيقه لديوان المؤيد:
حقد دفين على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة أبي بكر وعمر بن الخطاب، حيث يزعم الإسماعيلية أن أبا بكر كان حجة جزيرة لآخر إمام في دور عيسى،
وبحكم مكانته علم أن الله تعالى سيرسل نبيا يختم به الأنبياء، فطمع أبو بكر أن يكون هو النبي، ولكن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم،
فاضطر أبو بكر أن يؤمن بنبوته طمعا في أن يلي الوصاية، فكان أبو بكر من أوائل الذين اعترفوا بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،
وعلم أبو بكر أن الله تعالى نص على وصاية علي بن أبي طالب ولكنه عمل على اغتصاب حق علي،
ثم أن أبا بكر أراد أن يرد الحق لأهله وأن ابنه محمدا كان يحضه على اتباع علي،
ولكن عمر أغراه ومنعه على أن يلي الأمر بعده فكان عمر خليل أبي بكر وفيهما أنزل الله تعالى (ليتني لم اتخذ فلانا خليلا)
يعني الظالم الثاني (أي عمر) وزعم الأسماعيليون أن قول أبي بكر المنسوب إليه:
(لي شيطان يعتريني فإذا زغت فقوموني)
بأن الشيطان هو عمر، لهذا تبرأ الإسماعيليون من الشيخين ونعتوهما بكل الصفات القبيحة كأبليس، وفرعون، وهامان، والطاغوت، وهبل،
إلى غير ذلك من الألفاظ الدنيئة، وسموا جمهور المسلمين الذين لا يؤمنون بمذهبهم أولاد الزنا، والنواصب، لأنهم بغضوا عليا ونصبوا أعداؤه.
وللحديث بقية إن شاء الله
المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية