مقالاتمقالات مختارة

الحرب على النقاب.. وتحريم مسلسل أرطغرل!!

الحرب على النقاب.. وتحريم مسلسل أرطغرل!!

بقلم د. أحمد زكريا

تعودنا منذ سقوط الخلافة، وتوغل العلمانية في بلاد المسلمين على هذه الحروب المستعرة على ثوابت الإسلام.

ولا يعنيني في هذا المقال التأكيد على مشروعية النقاب سواء أخذنا بوجوبه أم سنيته!

فلم يتفتق ذهن فقيه معتبر من قبل على القول بحرمته،كما يقول العلامة القرضاوي: (فلم يقل أحد من علماء المسلمين في القديم أو الحديث بتحريم لبس النقاب على المرأة بصفة عامة، إلا ما جاء في حالة الإحرام فحسب.. إنما اختلفوا فيه بين القول بالوجوب والقول بالاستحباب، والقول بالجواز.)

حتى جاءنا مفتي الديار لينسب للسادة المالكية القول بحرمته، وهذا كذب وتدليس على علماء المالكية!

ما أريد الحديث عنه هنا هو خطورة الأمر عندما تصبح المؤسسة الدينية قنطرة للعلمانية!!

فلم تكتف المؤسسة بما هرف به العلمانيون من أقوال سمجة في حرب الإسلام في صورة النقاب، بل زادت الطين بلة بفتوى عجيبة بتحريم مشاهدة المسلسلات التركية التي تتحدث عن تاريخ الخلافة العثمانية، وعن عظمة أجدادنا الذين فتحوا أوربا، وأسسوا للإسلام دولة قوية، وكنت سأسعد كثيرا لو أفتى علماء مصر بتحريم مسلسلات وأفلام العري والعربدة والعشق، لكن حرب على النقاب، وتحريم لما يربي الناشئة على الرجولة والفروسية، فما هو المطلوب: انتشار الدياثة والتحلل والعهر والخنوع لتمرير صفعة القرن، والسكوت على تيران وصنافير، وسجن واعتقال العلماء، وترك دماء المسلمين تخضب الأرض دون استنكار أو شجب؟!!!

ألم يخرج المدعو (رئيس جامعة القاهرة) ليصف ويُقرر أن (النقاب تخلف)؟!

وهل استطاع منظرو العلمانية البالية أن ينصروا أصول علمانيتهم المعوجة يوماً في مناظرة مع علماء الصحوة -اللهم إلا في حروبهم الخيالية مع طواحين الهواء في أفلامهم وكتاباتهم-؟! ..

ولا أنسى أن أحيي موقف شيخ الأزهر في رده الحاسم على رئيس جامعة القاهرة دفاعا عن ثوابت الإسلام.

هذا -إذاً- هو الوجه الحقيقي للعلمانية في أوطاننا..

ومن نافلة القول أن نقول أنهم يتشدقون أن الإسلاميين إذا حكموا فسيفرضون آرائهم ويلزمون الناس بها، وهذا صحيح..!!

ولكن الفارق أن الإسلام يفرض حكم الله وليس آراء البشر، وأن الإسلام يفرض الحق وهو يستدل له بأدلة لا يقوى الباطل أن يجد حجةً ضدها ، وأن الإسلام يفرض الطهر والعفة والستر..

أما الجاهلية فتفرض أهواءها، وليس لها حجة إلا حجة فرعون (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)، ولا تفرض إلا الخنا والعهر والعُري..

هذا هو الفارق، فنتيجة فرض الإسلام حكم الله على الأرض هو مرضاة الله وبركاتٍ في الرزق والعيش، أما نتيجة فرض الجاهلية لرأيها كما قال تعالى: {وأضل فرعون قومه وما هدى}…

فهو -إذاً- الإضلال باسم الإرشاد!! وهو التخلف باسم العلم! وهو الغش بدعوى منع الغش!!

وماذا في طهر حجاب المؤمنات لتكرهوه إلا الطهر والعفاف والفضيلة..؟!

يقول الشعرواي في تفسيره: (فهل التطهر عيب! لا، لكنهم عاشوا في النجاسة وألفوها، ويرفضون الخروج منها ، لذلك كرهوا التطهر. والمثال على ذلك حين نجد شابا يريد أن ينضم إلى صداقة جماعة في مثل عمره، لكنه وجدهم يشربون الخمور، فنصحهم بالابتعاد عنه، ووجدهم يغازلون النساء فحذرهم من مغبة الخوض في أعراض الناس، لكن جماعة الأصدقاء كرهت وجوده بينهم لأنه لم يألف الفساد فيقولون: لنبتعد عن هذا المستقيم المتزهد المتقشف، وكأن هذه الصفات صارت سبة في نظر أصحاب المزاج المنحرف ، مثلهم مثل الحيوان الذي يحيا في القذارة ، وإن خرج إلى النظافة يموت)

فما هو الحل -في شريعتهم- مع (جريمة التطهر)؟! يُتابع فيقول: (إذن: أخرجوهم ، لا لأنهم أهل نجاسة ومعصية، إنما لأنهم أناس يتطهرون، فالطهارة والعفة جريمتهم التي يخرجون من أجلها!! كما تقول: لا عيب في فلان إلا أنه كريم، أو تقول: لا كرامة في فلان إلا أنه لص. فهذه -إذن- صفة لا تمدح ، وتلك صفة لا تذم.

لقد قلب هؤلاء الموازين ، وخالفوا الطبيعة السوية بهذه الأحكام الفاسدة التي تدل على فساد الطباع ، وأي فساد بعد أن قلبوا المعايير ، فكرهوا ما يجب أن يحب ، وأحبوا ما يجب أن يكره؟ .)

فهو إذاً موقفٌ موحد للجاهلية اتجاه الطهر والمتطهرين أياً كانت صورته أو هيئته يكفي فقط أنه (طهر)، يقول صاحب التحرير: (وَالتَّطَهُّرُ تَكَلُّفُ الطَّهَارَةِ، وَحَقِيقَتُهَا النَّظَافَةُ، وَتُطْلَقُ الطَّهَارَةُ- مَجَازًا- عَلَى تَزْكِيَةِ النَّفْسِ وَالْحَذَرِ مِنَ الرَّذَائِلِ وَهِيَ الْمُرَادُ هُنَا، وَتِلْكَ صِفَةُ كَمَالٍ، لَكِنَّ الْقَوْمَ لَمَّا مَرَدُوا على الفسوق كَانَ يَعُدُّونَ الْكَمَالَ مُنَافِرًا لِطِبَاعِهِمْ، فَلَا يُطِيقُونَ مُعَاشَرَةَ أَهْلِ الْكَمَالِ، وَيَذُمُّونَ مَا لَهُمْ مِنَ الْكَمَالَاتِ فَيُسَمُّونَهَا ثِقْلًا، وَلِذَا وَصَفُوا تَنَزُّهَ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَآلِهِ تَطَهُّرًا، بِصِيغَةِ التَّكَلُّفِ وَالتَّصَنُّعِ، وَيَجُوزَ أَنْ يَكُونَ حِكَايَةً لِمَا فِي كَلَامِهِمْ مِنَ التَّهَكُّمِ بِلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَآلِهِ، وَهَذَا مِنْ قَلْبِ الْحَقَائِقِ لِأَجْلِ مُشَايَعَةِ الْعَوَائِدِ الذَّمِيمَةِ، وَأَهْلُ الْمُجُونِ وَالِانْخِلَاعِ، يُسَمُّونَ الْمُتَعَفِّفَ عَنْ سِيرَتِهِمْ بِالتَّائِبِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُمْ: إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ قَصَدُوا بِهِ ذَمَّهُمْ.)

يقول الشيخ سيد قطب -رحمه الله-: (ولكن لماذا العجب؟ وماذا تصنع الجاهلية الحديثة؟ أليست تطارد الذين يتطهرون ، فلا ينغمسون في الوحل الذي تنغمس فيه مجتمعات الجاهلية – وتسميه تقدمية وتحطيما للأغلال عن المرأة وغير المرأة – أليست تطاردهم في أرزاقهم وأنفسهم وأموالهم وأفكارهم وتصوراتهم كذلك؛ ولا تطيق أن تراهم يتطهرون؛ لأنها لا تتسع ولا ترحب إلا بالملوثين الدنسين القذرين؟! إنه منطق الجاهلية في كل حين!!)

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى