مقالاتمقالات مختارة

الحراك الجزائري بين الرؤية وردود الأفعال

الحراك الجزائري بين الرؤية وردود الأفعال

بقلم عبد المنعم إسماعيل

في الحراك الجزائري ليس من الوعي محاولة السعي لترسيخ الاستقرار للمناهج المخالفة التي جلبت على الأمة خلال قرن من الزمان كل مظاهر وآليات التبعية.

***

الأصل في حركة المجتمعات الفاعلة على الساحة الداخلية لها أو المحيط الإقليمي أو الدولي هو الحركة من خلال رؤية حاكمة للمجتمعات البشرية، ثم يتولد من هذه الرؤية رسالة حاملة للشعوب على القيام بها في الواقع فرارا من شهادة التاريخ على الشعوب المعتزلة لآليات المنهجية العلمية القائمة على ثوابت والمدركة لحجم وطبيعة المتغيرات.

امتلاك الرؤية العلمية لتحقيق التغيير الفاعل ليس مجرد آليات تنظيرية في أرض الواقع بل أدوات تتوافق في ظاهرها وباطنها مع السنن الربانية الحاكمة لقواعد التغيير المجتمعي في عالم الواقع بعيدا عن الصدام معها أو عدم التوازي مع مقتضيات كل سنة من السنن الربانية الحاكمة لحركة الأفراد والجماعات والشعوب بقواعدها العامة التي لا تتغير وتتبدل في عالم الواقع ودنيا الحقيقة.

ليس من العقلانية في شيء أو ترتبط الفوضى بمآلات الحديث عن التغيير والإصلاح من خلال حراك بشري أو توعوي غير مدرك لطبيعة الواقع وحركة التاريخ والاستشراف الشامل والكامل لدروس المستقبل استقراءا لها لمدافعتها بما يحقق التوافق الشرعي والكوني مع أدوات التغيير ومفاتيح التمكين.

ليس من الحكمة أن يرتبط السعي للحراك التغييري لمجرد ردود الفعل على الواقع الاقتصادي أو السياسي بشكله القائم ، بل المطلوب هو أن يرتبط البحث عن الإصلاح والتغيير كرؤية علمية حاكمة للبنية المجتمعية الشاملة من قمة الهرم الإداري إلى سعي الأطفال لمعايشة الصلاح ولزوم الإصلاح المنهجي القائم على تحريك التيار المجتمعي نحو الإرادة الحاملة على البحث عن الحق ثم تمييز الحق ثم لزوم الحق ثم الدعوة للحق ثم الصبر والمثابرة على الدعوة ثم تربية البنية المجتمعية على سلامة النواة الصلبة الحاكمة والحاملة لقوة وعجلة الدفع المجتمعي للشعوب والجماهير نحو التدرج الواعي وليس التدرج الاستهلاكي الناتج عن أماني وأحلام عقول تواقة لتغيير واقع فما يكون منها إلا إعادة تدوير نماذج الانحراف العلماني في صورتها الجديدة.

وليس من الوعي محاولة السعي لترسيخ الاستقرار للمناهج المخالفة التي جلبت على الأمة خلال قرن من الزمان كل مظاهر وآليات التبعية.

وليس من الحكمة أن يرتبط السعي للتغيير بأجندات خادمة للشركات العابرة للقارات بتسويق الدعوات العلمانية لدساتير الدول بمزاعم الدعوة لمفهوم الدولة المدنية ليتم من توابعها الشرعنة لهدم كل خصوصيات الأمة والدولة بمزاعم التوافق مع الدستور المدني القائم في دنيا الواقع وعالم الخيال.

وليس من النجاح عدم الاستفادة من دروس التاريخ. مما ينتج عنها تكرار تجارب ووصول لنفس النتيجة التي سعينا جميعا نحو تغييرها.

وليس من المنهجية فتح كل الملفات في آن واحد وهي قفز على سنة التدرج التوعوي القائم على ممر التاريخ .

وليس من الفهم الرشيد محاولات النجاح في الاستفزاز للشعوب المعادية للأمة مع ملازمة العجز عن آليات المدافعة والصيانة للثوابت أو المتغيرات.

حين نعجز عن تعميم سياسة التحييد للخصوم ينبغي أن لا ننجح في سياسة استدعاء الشياطين المشيطنة والمتربصة في عالم الواقع.

ترسيخ الهدوء الإصلاح كحركة الماء بين الصخور هو أنجح أدوات الاستمرار بعيدا عن عشوائية الصدام الذي ينتج منه دائما إعادة لاستنساخ كل مدارس تغريبية في عالم الواقع والتاريخ.

وليس من الإنصاف الخلط بين القادة والشعوب فهذا مبدأ يضر أكثر مما ينفع.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى