مقالاتمقالات مختارة

الثورات كسلوك للتغيير

الثورات كسلوك للتغيير

بقلم مريم ياسين الحمادي

في الثورات قد تبقى الأمور عالقة سنوات في حال عدم ظهور نتائج حقيقية لها، ويبقى الوضع المتأرجح بين تطلعات السابقين واللاحقين، وعلى اختلاف التطلعات بين الأطراف، يبقى قبول الوضع الراهن والعمل على الوصول إلى أفضل الحلول!

قد تبقى الأمور عالقة بين القيادة التي تبقى في مكانها، ومحاولة إعادة النظر في الحكم وطريقته، خاصة في الدول التي تعتمد على نظام حكومي جمهوري، يعتمد على التصويت والانتخاب، حيث يجد الناس عدم إتاحة الفرصة لتجديد الدماء لتنعكس إيجاباً على الحياة العامة والخاصة، بسبب التغيرات المأمولة، خاصة في وقت أصبح العالم فيه أقرب إلى قرية يتشاركون الحياة ومفرداتها والحقوق والواجبات، وقد تكون الانتخابات ونتائجها صادمة أو غير متوقعة، أو قد يقوم الناس باعتزالها، وهو ما يعتبر خطأ يقع فيه الناس، فالتواجد في منطقة صنع القرار أمر مهم جداً، والتفريط فيه يعطي الخصم مساحة أكبر للتمدد من خلالها.

لقد كان للثورات دور مهم في حياة الأمم السابقة، وارتبطت بقدر من العنف، وبقدر كبير من الفوضى، قبل حدوث الاستقرار في النظام، وغالباً ما تقوم الثورات بغرض إدماج أكبر للمواطنين في العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن المفترض حدوث نقلات نوعية في المنظومة، وتغيير في مواقع الأفراد والمجموعات، بما يخدم المراحل التالية، إلا إن حدثت تداخلات أو تدخلات تسهم في تغيير المسارات، للإصلاح أو للإضرار بها، وهو ما يحتاج وعياً من الناس حتى لا يتلاعب بهم أصحاب المصالح على اختلاف أنواعهم ومواقعهم، وتشكيل مجموعات واعية تمثلهم، ليكونوا رأياً وتواجداً واحداً.

والمشاهد في الوطن العربي يمكن أن يلاحظ اختلاف الفترات التي حاولت فيها الشعوب تغيير الحكم أو التأثير عليه، فقد استغرق في بعض الدول أشهراً، ووصل إلى سنوات في دول أخرى، ومنذ بدء الثورات في الشمال الإفريقي حيث كانت البداية، حتى وصلت إلى السودان بعدها بسنوات، في وقت أدركت فيه الشعوب العربية الآثار الصعبة للثورات، وبدأ البحث عن طرق أكثر هدوءاً، وأكثر حواراً، والبحث عن طاولات المفاوضات لعلها تنجح أو تحقق نتائج إيجابية دون خسائر ولا تفويضات ولا أحزاب مختلفة، ومع كل ذلك، ما زال الإعلام يبحث عن المناطق التي يمكن أن تساعد الإنسان وتدعمه للحصول على الحقوق المطلوبة، كحق التعبير، والحياة، وتحقيق مبادئ حقوق الإنسان.

وبالتزامن مع ذلك يوجد إعلاميون يعملون بشكل مضاد، وهو ما يثبت أن المعارك تحولت إلى حلبات إعلامية، يكثر فيها المتصارعون، فيهم من يقدم الأدلة بالأرقام، وفيهم من يقدمها من القرآن والسنة، وفيهم من يقوم بتحريفها كما يريد، وفيهم من يبحث عن قصص ليرويها، يجدها المشاهد مضحكة أكثر من أن تكون مقنعة، وفيهم من يصف الإسلام بأنه متطرف أو يعتقد بالحكم الإسلامي المتطرف، في حين أن التطرف يرتبط بالأشخاص يتصرفون ويتشددون في سمة من السمات التي يمكن أن تنسب إليهم، لذا ظهر العديد من الإعلاميين الذين يقومون بتقديم محتوى ساخر لمناقشات جادة، تخاطب عامة الناس وتبين الفكر والاتجاهات بطرق سهلة وبسيطة.
وهذه سنة الحياة، في كل عامل سلبي يكون على الأرض يظهر مثله أو أكبر منه عامل إيجابي، فهذه هي الطبيعة، التي لن تتغير إلا بما يشاء الله.

(المصدر: صحيفة العرب القطرية / الخليج أونلاين)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى