اسم الكتاب: التِّكرارُ في غير العبادات وأثره في الفقه الإسلاميّ.
اسم المؤلف: د. هشام بن عبد الملك بن عبد الله آل الشيخ.
عدد الصفحات: 380 صفحة.
الناشر: دار الصُّميعيّ للنَّشر والتَّوزيع بالرياض.
نبذه عن الكتاب:
لا شك أن تكرار الأعمال، وإعادتها مرّةً بعد أُخرى، من الظواهر الواقعيّة البارزة، التي نلحظها في حياتنا، ولذا فلم يكن مستغرباً أن تلقى في الفقه الإسلاميّ من الاهتمام قدراً كبيراً، هو ما دفع المؤلف إلى النهوض بعمليّة استقراءٍ واسعةٍ لهذا المفهوم في أبواب الفقه، ما عدا باب العبادات، وذلك لحاجة الناس الماسّة إلى معرفة الحكم الشرعي الّذي يترتّب على هذه الظاهرة، في الأحوال المختلفة التي قد تعرَضُ للإنسان في حياته.
ومن المعلوم أنّ الأصوليّين، قد تناولوا في أبواب علم أصول الفقه، مسائل “الإعادة والأداء والقضاء والتّداخل والتكرار” بيد أنّ رصد الوقائع التي تندرج تحتَها، وبيان حكمها الشّرعيّ، أمرٌ يتعلّق بأبواب الفقه المختلفة، وهو ما نهض مؤلف الكتاب لبيانه، مستعيناً بالأصول النّظريّة المقرّرة لدى الأصوليّين، ولذا فإنّ هذا الكتاب قد جاء ليسدّ ثغرةً، ويحتلّ مكاناً بارزاً في المكتبة الإسلاميّة.
فصول الكتاب:
بدأ الكاتب بمقدّمةٍ، عرّف فيها معنيي التكرار والإعادة، في اللغة والاصطلاح، مبيّناً الفرق بينهما.
ثمّ قسم موضوع البحث – بعد المقدمة – إلى أربعة فصول، خصّص كلّ فصلٍ منها لرصد حالات التكرار، “في الأحوال الشخصية”، ثم في “الجنايات والحدود والتعزيرات”، ثمّ “فيما يتّصل بالقضاء والفتيا”، ثم “فيما يتّصل بالجهاد والسِّيَر”، على التَّوالي.
وفي هذه الفصول، تناول – بالترتيب – حالات التكرار الآتية:
– في الفصل الأول: تكرار النظر إلى المخطوبة، تكرار وليمة النكاح، تكرار المهر بتكرار وطء الشبهة، تكرار لفظ الطلاق، سواءٌ للمدخول بها أو غير المدخول بها، تكرار لفظة “اختاري”، تكرار يمين الإيلاء في المجلس الواحد، تكرار الظهار قبل التكفير، تكرار الأيمان في اللّعان. تكرار الرّضاع المحرّم. تكرار الحلف باليمين، تكرار الحلف بنذر.
– في الفصل الثّاني: التكرار في القتل العمد، وشبه العمد، والقتل الخطأ، التكرار في الجناية على الأطراف، وعلى المنافع، التكرار في جريمة الزنا، وتكرار القذف، وتكرار جريمة شرب الخمر، وتكرار السرقة، وتكرار الردة.
– في الفصل الثَّالث: تكرار نظر القاضي في القضية، تكرار تخلف الخصوم عن حضور مجلس القضاء، تكرار عرض الصلح على الخصم، تكرار نظر المفتي عند تكرر الواقعة، تكرار المستفتي العمل بالفتوى عند تكرر الحادثة.
– في الفصل الرابع: تكرار دعوة غير المسلمين للإسلام، تكرار السّبّ من غير المسلم، تكرار أخذ الجزية والخراج في العام الواحد.
وفي كلّ حالةٍ من حالات التكرار أعلاه، كان الكاتب يبدأ بتحرير محلّ البحث، مبيّنا ما إذا كان ثمّةَ خلافٌ فقهيٌّ، يقوم بتقريره، ثم يجتهد في بيان ثمرته، ليُبيّن في ختام كلّ حالةٍ الأثرَ المترتّب على التكرار فيها.
خلاصة الكتاب:
في خاتمة الكتاب، لخّص الكاتب النتائج التي توصّل إليها، عبر هذا البحث، والتي نُشير إلى بعضها فيما يلي:
في مقدّمة الكتاب، توصّل الباحث إلى أنّ الفارق بين الإعادة والتكرار هو أنّ ترديد القول أو الفعل مرةً بعد مرّة، في الإعادة يكون بسبب وقوع خللٍ في المرّة الأولى.، وليس كذلك في الإعادة. وأنّ تكرار القول أو الفعل، يرتّب آثاراً شرعيّةً، كما سيتّضح لنا فيما يلي:
في باب الأحوال الشخصية، توصّل الباحث إلى النتائج التالية: أنّ تكرار النظر إلى المخطوبة، ينضبط بالحاجة والضَّرورة لا بعددٍ معيّن، أمّا وليمة النكاح فضابطها ألا تصل حدّ الإسراف، وتكرار الوطء في الشبهة الواحدة لا يوجب إلا مهراً واحداً، والتكرار في باب الطلاق كلّه متعلّق بنيّة المطلّق وقصده، والتكرار في يمين الإيلاء لا يوجب إلا كفارة واحدة، والظهار المتكرر على المرأة الواحدة، لا يوجب إلا كفارة ظهارٍ واحدة، واللعان لا يتمّ وتترتّب عليه آثاره، إلا بعد الإتيان بألفاظه مكرّرةً في مجلسٍ واحد، وأنَّ القدر المحرِّم من الرِّضاع هو خمس رضعاتٍ مكرّراتٍ.
وفيما يتعلّق بالتكرار، في كلٍّ من جريمتي السّرقة وشرب الخمر، نلحظ ما يلي: أنّ من تكرّرت منه السرقة، قبل إقامة الحدّ عليه، فإنه لا يُقام عليه إلا حدٌّ واحد، فإن كرّرها بعد ذلك، فإنّه يُحبس، فإن كرّرها للمرّة الثانية، فإنّه يُعزّر بما دون القتل، أمّا مَن تكرر منه شربُ المسكر، وحُدّ في كلّ مرّةٍ، فقد جوّزوا قتله تعزيراً، إن رأى الإمامُ ذلك، ولا غروَ فالخمر أمّ الكبائر.
وذكر المؤلف: “أنّ التكرار قد يترتّب عليه حكمٌ معيّن، وقد لا يكون له أثرٌ في الحكم، فوجوده كعدمه، كما هو واضحٌ في بعض المسائل”.
و أشار إلى مسألة مهمة ألا وهي أن الناس في تلقيهم لدعوة الإسلام على أقسام، وكل قسم له حكمه من ناحية تكرار الدعوة إلى الدين وعدمها.
كما لفت الانتباه إلى مسألة عقدية مهمة وهي أن من سب الدين من غير المسلمين ينقض عهده، ولا يشترط التكرار في ذلك، وأن الجزية والخراج تتكرران بتكرار السنين والأعوام، ولا يكتفى في ذلك بجزية واحدة أو خراج واحد.
والكتاب يتميز بجودة الترتيب وحسن التبويب وجودة الإخراج والتصميم والشكل ووضوح المنهج ، ويقدم للقارئ المعالجة الشرعية الواضحة لمسائل التكرار في غير العبادات كما يذكر ثمرة الخلاف إن وجدت،وبأسلوب مبسط ورصين وشيق يشجع القارئ على اقتناءه، ناهيك غزارة المادة العلمية، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي مؤلفه خير الجزاء وأن ينفع به الإسلام والمسلمين .
المصدر: الملتقى الفقهي.