الانقلاب على الإيمان.. لماذا ينتشر الإلحاد بين شباب الربيع العربي؟
إعداد إسماعيل عرفة
“قبل ثورات 2011م، كنت وحيدا، كان الكمبيوتر هو عالمي، لم أكن أعلم أن هناك أي ملحدين في الإسكندرية حتى عام 2011م بعد الثورة، كنت أظن أني الوحيد هنا.. بدأت بالتعرف على اثنين أو ثلاثة، والآن صار عددنا في المجموعة مئة ملحد”[1].
كانت هذه الكلمات معبرة عن حال قطاع -يبدو أنه في اتساع- من الشباب الذين اتخذوا من الإلحاد خيارا لهم عقب ثورات الربيع العربي، الأمر الذي يمكن وصفه باعتباره حدثا فارقا في تاريخ ظاهرة الإلحاد في العالم العربي، بعدما كانت تلك الأصوات متوارية تماما قبل الثورات وما لحقها من اهتزازات طالت البنى الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية.
تحولٌ يمكن إرجاعه لما تُمثّله الانتفاضات الشعبية كحالة من الانقطاع الجذري عما سبقها من أنماط ثقافية واجتماعية وسياسية، فالثورات لا تنحصر تأثيراتها في المساحات السياسية، بل تمتد لتصل نحو نمط المعيشة اليومي للشعوب. ومع ازدياد أصوات الذين يمكن وصفهم بـ “الملحدين” بعد عام 2011م في العالم العربي، لتتحول هذه الأحداث إلى ظاهرة تستحق الوقوف عندها والنظر في دوافعها ومآلاتها، ولنطرح سؤالا مهما في هذا السياق: هل هناك ارتباط بين الإلحاد والثورات؟
لا يعتبر إلحاد ما بعد الربيع العربي استثناء في تاريخ ظاهرة الإلحاد في المجتمعات، حيث يخبرنا التاريخ أن التحولات السياسية الجذرية يعقبها تحولات اجتماعية عميقة كذلك، وهو الأمر الذي يقرره عالم السياسة الفرنسي ألكسيس دي توكفيل بقوله: “بعد أن تكتمل الثورة سيظل ما خلّفته من عادات ثورية قائمة في الأمة زمنا طويلا، وسوف تعقب الثورة اضطرابات اجتماعية عميقة”[2].
يمكن النظر إلى الإلحاد في هذا السياق كظاهرة تتأثر بالمسألة السياسية بالعموم، لا بالثورات فحسب، الأمر الذي يمكن ملاحظته حين النظر في صفحات التاريخ، حيث مثّلت بريطانيا نموذجا فريدا في حينه، فقبل العام 1886م كانت بريطانيا تنبذ الإلحاد وبشدة داخل المملكة، لكن عندما فاز تشارلز برادلاف في انتخابات البرلمان، والذي كان أول ملحد يصل لمنصب سياسي مماثل، مثّل هذا الحدث “نقطة تحوّل تاريخية” تغيرت على إثرها الأرضية الثقافية البريطانية بصورة ملحوظة، وليصبح الإلحاد جزءا من منظومة السلطة، الحال الذي انعكس على قبول المزاج الجمعي للشعب البريطاني لهذا الاتجاه، وليُشكّل تصدر برادلاف كسرا لحاجز الصمت، ولحُجب التواري التي كانت تلف أقرانه، وليتشكّل في وقت قصير تيار يطالب بحقه في المواطنة والحقوق الاجتماعية كأي متدين في المجتمع[3]، حادثة كانت نقطة الانطلاق التي يمكن ملاحظة ازديادها بصور ثابتة حتى يومنا في المجتمع البريطاني.
وبالانتقال من بريطانيا إلى فرنسا، مهد الثورة في المخيال الأوروبي الحديث، يمكننا ملاحظة تأثير السياسي بصورة لا يمكن إغفالها أو تجاوزها. فمنذ القرن الرابع الميلادي وحتى القرن الثامن عشر كانت أوروبا تقع تحت الحكم الكنسي الاستبدادي، ومع استمرار الاضطهاد الديني والظلم باسم الرب والكتاب المقدس، بدأت المعارضة تتشكّل شيئا فشيئا ضد هذا اللون من الطغيان السياسي، والتي بدأت في صورتها الأولية بالإصلاحات الدينية من داخل المنظومة الكنسية دون الرفض الجذري، لكن اتساع دائرة الاستبداد ولّد ردة فعل جذرية، ترفض ما يتصل بالمنظومة الكنسية بمطلقها، ولتتّسم تلك المعارضة بحسب وصف أستاذة الأدب الفرنسي زينب عبد العزيز في كتابها “الإلحاد وأسبابه: التاريخ الأسود للكنيسة” بأن الإلحاد صار بمنزلة شكل نضالي لمذهب الإنسانية (Humanism) في صراعه مع الاستبداد الكنسي[4]. ليصبح الإيمان بتلك القيم التنويرية حينئذ مرادفا للإلحاد بشكل ما، كون الإلحاد هو الرديف الفكري الجذري للنضال ضد الكنيسة.
غالبية المؤرخين يعتبرون الثورة الفرنسية علامة بارزة في تاريخ التفكير البشري حول الدين والإله
الفيلسوف الفرنسي بارون دولباخ كان أحد المثقفين المناضلين ضد الاستبداد الكنسي، والذي ألّف كتاب “نظام الطبيعة” الصادر عام 1770م والذي يعتقد أغلب المؤرخين أنه أول كتاب مطبوع يتبنى الإلحاد بشكل معلن، ورغم أن مؤلفه نشره بدون وضع اسمه عليه، فإن هويته كانت معروفة لدى الطبقة المثقفة في باريس. فقبل الثورة الفرنسية عام 1789م كان بمنزلة انتحار أن يخرج أحد الأفراد مُعلنا إلحاده على الملأ لأن حياته ستصبح حينها مهددة بالقتل[5].
جاءت الثورة الفرنسية عام 1789م لتغيّر هذا المشهد رأسا على عقب، ومثّلت نقطة تحول جذرية لشيوع الإلحاد، فغالبية المؤرخين -كما يوضح الباحث البريطاني جوليان باجيني- يعتبرون أن الثورة الفرنسية علامة بارزة في تاريخ التفكير البشري حول الدين والإله، إلى الحدّ الذي دفع أحد المتحمّسين للإلحاد إلى القول بأن الإلحاد كان هو روح الثورة الفرنسية[6]، ولسنا هنا بصدد عرض العوامل التفصيلية التي تضافرت لتنتج هذه الصيغة الجديدة.
وليذكر الباحث البريطاني جافين هيمان أنه في فرنسا “انتقل الإلحاد فجأة من كونه عدوا للدولة إلى ما يقارب العقيدة الرسمية لها”[7]. وعقب الثورة، التي بدأت إفرازاتها تمتد لسائر القارة العجوز، بدأت ظاهرة الإلحاد في التمدد إلى بقية العالم لاحقا. إلا أن تلك الحقبة لم تتصل وبصورة عضوية ومباشرة في العالم العربي، لكن تأثيراتها لا يمكن نفيها، خاصة بعد ما تلا أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، من صعود من يمكن وصفهم بـ “دُعاة الإلحاد الجدد” بقيادة ريتشارد داوكنز وسام هاريس، والذين كان لهم تأثير وبصورة محدودة على نشر مفاهيم الإلحاد.
“أثناء الثورة وُلد عند الشباب عموما شعور بإمكانية التشكيك في أية فكرة قائمة أو أية مؤسسة موجودة قبل الثورة، وحتى في الدين نفسه”[8].
(جمال، ناشط سياسي)
بعد الثورة و اهتزار كل السلطات الدينية والسياسية والأسرية وغيرها، أصبح الدين وسلطته ونصوصه مع مرور الوقت موضعا للنظر والمعارضة، بل والتمرد والتندُّر
عاملان أساسيان يمكن النظر إليهما باعتبارهما المشكّل الأساسي لنمو ظاهرة الإلحاد وسط الشباب، الأول هو نشوء نزعة التمرد على كافة السلطات؛ السياسية منها والروحية والأبوية، أما الثاني فهو تنامي حالة الإحباط العام التي سادت بعد فشل ثورة 25 يناير وما صاحب ذلك من شعور بالاغتراب وفقدان للمعنى وضياع للهوية بين الشباب المصري.
فيما يتصل بنزعة التمرد، فيمكن للمراقب أن يلحظ بسهولة أن هذه النزعة تفجّرت عقب تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن السلطة في فبراير/شباط 2011م، فقد كان المخيال الجمعي للشعب المصري ينظر للسلطة باعتبارها حاجزا لا يمكن لأي إنسان أن يتجاوزه، ما يحيط تلك الأسوار من ظلم وقهر، لتصاحب لحظة السقوط تلك انهيار لهيبة المفاهيم السلطوية ومكانتها “شبه” المقدسة، وليسود شعور بالتفوق والاستثنائية التي تسرّب معها شعور ضمني بأن كل السلطات -الدينية والسياسية والأسرية وغيرها- قابلة للمساءلة والشك، وللهدم بكُليتها في بعض الأحيان.
بالتأكيد لم تُستثنَ السلطة الدينية من هذا التفجّر الشعوري، لتُزال وفق هذه الاهتزازات هيبة الدين وقداسته من النفوس تدريجيا، حتى أصبح الدين وسلطته ونصوصه مع مرور الوقت موضعا للنظر والمعارضة، بل والتمرد والتندُّر، وهو الأمر الذي يؤكده الصحفي البريطاني براين ويتاكر عند ملاحظته لنتائج ثورة 25 يناير بقوله: “لم تكن الثورة المصرية وانتشار الخطاب الإلحادي في مصر سببا ونتيجة بقدر ما كانت نتائج لعملية واحدة؛ هي مساءلة السلطة وتحديها”[9].
يرجع جزء كبير من إلحاد الشباب إلى أنهم يتعاملون مع الإله باعتباره سلطة سياسية يجب الضغط عليها لتحقيق مكاسب أو معارضته
فكرة يؤيدها الباحث المصري حسام أبو البخاري حين يقول: “النقلة التي نقلت بها الثورة المجتمع المصري هي سقوط السلطة، ليس بمفهوم السلطة الحاكمة المتمثلة في مبارك ونظامه، ولكن السلطة بمعناها الواسع، السلطة الاجتماعية أو الدينية أو الأبوية، وهكذا”[10]، ويمكن إرجاع ذلك للارتباط الذي أنتجته السلطة السياسية في إدخال المجال الديني ضمن نطاق سيطرتها، لينتج وفق ذلك خطاب ديني مشوه يساهم في تكريس الواقع السياسي وضبطه كأداة سيطرة على الفضاء العام، لما يحمله الدين من مساحة شعورية قادرة على التأثير في قطاع عريض من الجمهور.
ومع ذيوع العمل السياسي والنشاط في المجال العام، بدأت تنعكس تصورات الشباب عن السياسة والسلطة الزمنية على الدين والنصوص الشرعية، مما ساهم في سحب نزعة التمرد على السلطة السياسية إلى التمرد على السلطة الدينية كذلك، أو باعتبارهما مجالات سيطرة -نتيجة لتداخلهما- ينبغي تجاوزهما معا، ويعطي الكاتب محمد عبد القهار نموذجا تفسيريا يُرجع فيه هذا السحب إلى تصور الشباب للسلطة الدينية كسلطة تطابق السلطة السياسية في طبيعتها وآلية التعامل معها، يقول عبد القهار: “يرجع جزء كبير [من إلحاد الشباب] إلى أنهم يتعاملون مع الإله باعتباره سلطة سياسية يجب الضغط عليها لتحقيق مكاسب أو معارضته أو رفض تدخله في اختيارات الإنسان كما يتعامل النشطاء مع حكام العالم الثالث، أو التعامل مع الإله باعتباره أبا من جيل قديم لم يعد يعرف ما يريده جيل الآيفون..”[11].
لم يكن التمرد وحده هو المحفز الوحيد لانتشار ظاهرة الإلحاد، فقد رسم الاكتئاب وحالة الإحباط العامة، التي سادت عقب الارتدادات على أحلام الشعوب التي شهدها الربيع العربي بواسطة قوى الثورة المضادة، الأرضية الخصبة لانتشار الإلحاد. وكما اعتاد العاملون في مجال علم النفس أن يشتقوا مصطلحات تصف عوارض الأمراض مثل “اضطراب العاطفة الموسمي” و”اكتئاب ما بعد الولادة”، فقد اشتقوا حديثا مصطلحا جديدا سمّوه بـ “اكتئاب ما بعد الثورات” (Post-Revolutionary Depression)[12]، وهو مشابه لـ “اضطراب ما بعد الصدمة” المعروف في أوساط الطب النفسي.
وينبه الكاتب زياد عقل إلى أن اكتئاب ما بعد الثورة “ليس غضبا عاديا، ولا مرحلة سريعة حدثت بسبب مجموعة شروط معينة، وإنما هي اضطراب ملحوظ بأعراض يمكننا ملاحظتها بسهولة”. ويضيف عقل: “يبدأ هذا اللون من الاكتئاب بحالة من الرفض العام لكل شيء، إنه فقدان مفاجئ للاهتمام وشعور عام بالإرهاق السياسي. لا يعبر اكتئاب ما بعد الثورة عن توجه سياسي معين أو انتماء طبقي ما أو حتى مصلحة شخصية، وإنما هو مأزق مشترك ونوبات من الحزن المتواصل. إنه فقدان للأهداف الأصيلة لجيل الشباب، والفشل في البحث عن بدائل في الوقت ذاته”[13].
وفي ذات السياق تذكر غيداء أبو خيران -طالبة متخصصة بعلم النفس- أن أهم سمات اكتئاب ما بعد الثورات هو الاهتزاز الذي ينتج في فهم الشخص لذاته والعالم من حوله وتكوين مشاعر العجز لديه والإحساس بعبثية الحياة ولا جدواها بعد الذي حدث.
وتذكر أبو خيران: “يرجع السبب الرئيسي وراء ذلك إلى أنّ حاضر الأفراد ومجتمعاتهم التي يعيشون فيها تلعب دورا كبيرا في الطريقة التي ينظر كلٌّ منهم لنفسه وحياته. وقد أنتجت المجتمعات العربيّة أفرادا مهزومين فاقدي الثقة والأمل بالتغيير، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، ويترنّحون بين العبثية واللاجدوى وينظرون لحياتهم على أنها محض فراغ لا طائل منها، خاصة بعد الإحباط الناتج عن فشل تلك الثورات الذي عزّز شعورا كبيرا بعدم الرضا عن الذات والواقع والحياة الشخصية والمجتمع ككلّ، مصحوبا باليأس والتشاؤم وغياب المعنى من محاولات الثورة والتغيير، لا سيّما بعد كل تلك الأحداث المأساوية من تضحيات وفقدان وسجن وغربة وغيرها”[14].
يرى أستاذ التحليل النفسي بجامعة جنت البلجيكية باول فيرهايجي أن الدين والأيدولوجيا يوفران هوية مشتركة تركز على الفعل الأخلاقي والإحساس المشترك بالمعنى، وفقدانهما يخلق فراغا عند الشخص[15]. وبعد الانقلاب على الثورات بالعموم، وعلى ثورة يناير كما في سياق تقريرنا، ضاعت السرديات الكبرى، وفُقدت الأيدولوجيات تحت نيران القمع العسكري، وساد الفضاء العام فراغ فكري غير مسبوق للمجتمع المصري.
نتيجة لهذا الفراغ، تأثر الشباب المصري بسؤال الشر، حيث غاب المعنى وغابت القيمة من المعاناة، وهو ما يشير إليه الباحث سامي عامري بقوله: “فقد الإنسان المعاصر قدرته على مغالبة الشر لأنه فقد في ذاته حافز القدرة على استشعار أي معنى إيجابي للمكابدة والصراع مع أوجه النقص في حياته”[16]. وهو ما يفسر لنا لماذا يعتبر سؤال الشر الدافع الأول للإلحاد، لا في مصر وحدها بل في العالم بأسره، وهو ما يقرره الفيلسوف الأميركي الملحد مايكل تولي مصرحا بأن “الحجة المركزية للإلحاد هي حجة الشر”[17].
وغنيٌّ عن القول إن هذه الحجة هي الترجمة العملية لفقدان المعنى في حياة الإنسان. فمع تراكم حالة اللامعنى والشعور بالفراغ وفقدان المعنى والجدوى، تأتي شلالات الدماء الهادرة وصرخات الاستغاثة والمعاناة الشديدة التي يعيشها أبناء مصر وسوريا واليمن وليبيا لتحيي سؤال الشر في نفوس الشباب وهم مستنزفون روحيا ومعنويا، وهو ما يوضحه أحد الشباب السوريين قائلا: “لقد صلينا بكل الطرق والطرقات، تكسرت أضلاعنا، أخلصنا النية ورفعنا رايات الدين والتزمنا بالصلاة والأذكار، ولم يكن النصر المؤزر الذي وعدنا به أكثر من ضحك على اللحى، بل كان من نصيب الظالم الذي كفر وسكر على دمائنا”[18].
وجد الشباب الذين عايشوا أحداث الربيع العربي أنفسهم محطمين نفسيا بالكلية بعدما انهارت أحلامهم وتبددت طموحاتهم
تأتي هذه السردية لتُظهر إشكالا حقيقيا يُعبّر عن اختلالات في النظر للحياة، والمعنى فيها، حيث لم تكن المشكلة في الدين ذاته كما يتضح، بل في الصيغ الدينية التي تقدم للجماهير باعتبارها الدين في أبهى تصوراته، فكما تذكر الكاتبة شام العلي: “من يعرف المجتمع السوري أو عاش فيه يعلم تماما أن التدين يأخذ في الحالة العامة شكل تدين روتيني صوري شعائري، ويلعب العامل الاجتماعي فيه دورا مركزيا، ويعرف كذلك أن عددا كبيرا من المحجبات تحجبن بالعدوى، وأن العقيدة لم تكن أكثر من درسين أو ثلاثة في السنة بأسرها”[19].
لتسقط هذه القشرة الرقيقة للدين مع أول اضطراب شهدته عقب الاهتزازات التي شهدها الربيع العربي، وهكذا، وجد الشباب الذين عايشوا أحداث الربيع العربي أنفسهم محطمين نفسيا بالكلية بعدما انهارت أحلامهم وتبددت طموحاتهم، ولتتنامى النزعات الفردانية، مع تضافر الإحباط وفقدان المعنى مع الظروف الاقتصادية الطاحنة والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، وهو ما يتناقض مع الخطاب الديني المفعم بالنصر الموعود فوق الرؤوس، ولتحاصر الأحلام بين مطرقة القمع وسندان التشريد والتهجير والاعتقال، فسقطت الأحلام الوردية وسقط معها ما تبقى من دين، وليدخلوا في مرحلة من الضياع والاكتئاب الذي انتهى بهم إلى الإلحاد، لا بمعناه الفلسفي والفكري، ولكن باعتباره ردة فعل يمكن أن يتشبّث بها الأفراد كبديل عما سبق من منظومات فشلت في تحقيق “الجنة المنتظرة” التي صوّروها.
(المصدر: ميدان الجزيرة)