“الاختيار 2”.. شهادات “رابعة” تعود بسبب مسلسل في مصر
إعداد حسن محمود
جدل مجتمعي واسع في الساعات الأخيرة بمصر تركه عمل فني رمضاني بسبب تطرقه إلى أحداث الأزمة السياسية في البلاد، وتحديداً لعملية فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس 2013م، فما بين مستنكر لفتح الجراح وناقم على ما سماه تزييف الحقائق وإغفال “وقوع مذبحة”، وما بين مرحب بإعلان ما يراه من “حقائق” واتهام الآخر بالعنف، مضت الساعات عصيبة ومتصارعة في مصر، وفق ما رصده مراسل “المجتمع”.
أكاذيب صارخة!
وعجت وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين والمقربين منها بهجوم شديد على صناع المسلسل وشهادات متواترة تفند ما وصفته بالأكاذيب الصارخة التي جاءت في حلقة المسلسل عن فض الاعتصام، واتهمت المشاركين فيه من السلطات بارتكاب مذبحة بشرية، بالتزامن مع تغيير صورة “البروفايل” للعديد من رموز ونشطاء الجماعة وحلفائها إلى شارة رابعة العدوية، خاصة ممن هم خارج البلاد.
واتهم علي خفاجي، أحد القيادات الشابة الميدانية لثورة 25 يناير بمصر والعضو البارز في تحالف دعم الشرعية المنظم لاعتصام رابعة العدوية، صناع المسلسل بالتزييف والكذب واستحلال دماء المصريين بالباطل.
ووصف من منفاه الاختياري بالخارج، في تدوينة مطولة له رصدتها “المجتمع”، المسلسل بأنه تزييف للواقع وللحقيقة وكذب شارك فيه صناعه، مؤكداً أن إعلان شهود العيان شهاداتهم في هذا الوقت مجدداً مهم حتى لا تبدد الحقائق لدى الأجيال الشابة الجديدة.
وخاطب من وصفهم بـ”شهود العيان” قائلاً: “قولوا للناس: إن أصحابنا ماتوا بدم بارد وهم بيمارسوا (يمارسون) أقل حق من حقوقهم كمواطنين بعد ثورة يناير أن يعبروا عن رفضهم للانقلاب، وقولولهم مش ناسيين ولا هننسى وهنفضل نحكي عن جرائمكم للعالم كله ولولادنا ومش هتقدروا تزيفوا التاريخ واحنا عايشين”.
وأرفق خفاجي في شهادته، صورة من تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” الذي اتهم السلطات المصرية وقيادات تنفيذية بارزة فيها بارتكاب مذبحة بشرية مروعة أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، وهو ما نفته السلطات المصرية أكثر من مرة.
واستنكر الكاتب الصحفي قطب العربي، الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة بمصر سابقاً، ما جاء في المسلسل مما وصفه بالأكاذيب الصارخة.
وقال، في تدوينة على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي: “من أكاذيب مسلسل “الاختيار 2″ احتجاز المعتصمين قسراً، وعدم السماح لهم من قبل إدارة الاعتصام بالمغادرة، وهو ما ظهر في حلقة الأمس من المسلسل حيث تمكن الفنان أحمد مكي (ذو العضلات المفتولة) من دخول الاعتصام (وكأن الأمر كان صعباً أو مستحيلاً) واستطاع إخراج سيدة بسيطة (شغالة) رفض المعتصمون السماح لها بالانصراف!”.
وأضاف أن “هناك حرصاً واضحاً في المسلسل على تنميط المعتصمين كفلاحين وصعايدة وعمال نظافة وسائقين وعمال يومية، وينسى منتج المسلسل أن هذه الفئات تمثل غالبية المصريين فعلاً، وإن كان الاعتصام يضم كل الفئات من أساتذة الجامعة ورجال الأعمال وفنانين ورياضيين مشهورين وإعلاميين ومهندسين وأطباء وعمال وطلبة وموظفين وفلاحين ونساء وأطفال، أي كل الشرائح المصرية”.
وأشار العربي إلى مواقفه في التعامل مع الإعلاميين وقتها قائلاً: “أتذكر أننا في حركة “صحفيون ضد الانقلاب” دعونا الصحفيين والإعلاميين للدخول إلى الميدان لرصد ما يحدث داخله، والتأكد بأنفسهم من وجود أو عدم وجود سلاح.. إلخ، ووضعنا أنفسنا في خدمتهم بدءاً باستقبالهم على مداخل الاعتصام، وتيسير أي معلومة لهم وتمكينهم من زيارة أي خيمة أو أي مكان، وقد استجاب البعض لذلك لكنهم لم يستطيعوا كتابة شيء في صحفهم لأنه لم يكن مسموحاً بأي رواية سوى تلك التي تشوه الاعتصام”.
واتهم العربي المسلسل بأنه “حريص على تأكيد حالة الانقسام المجتمعي التي يتغذى النظام عليها”، مؤكداً أن دور كل وطني مخلص هو مواجهة روح الكراهية والتفريق بين المصريين، لأن النظام حتماً سيزول وسيبقى الوطن والشعب.
واتهم الإعلامي الشاب عبدالله الماحي المسلسل بالتزييف، وقدم شهادته كشاهد عيان على مجريات الأمور، أكد فيها أن الفض كان “عملاً إجرامياً متوحشاً وهمجياً ضد معتصمين سلميين”.
وأضاف، في تدوينة على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي: “والله صعب ولغاية دلوقتي مش قادر أتصور قد إيه كانت وحشية وإجرام قوات فض رابعة وتعاملهم الهمجي مع المعتصمين السلميين”.
احتفال حكومي
وكثفت وسائل الإعلام المحلية الرسمية والمقربة من السلطات من أدواتها لعرض الحلقة الخامسة من مسلسل “الاختيار 2″، مساء السبت 17 أبريل، والاحتفال بها، وإبراز ما تراه من عنف في جماعة الإخوان المسلمين بمصر أثناء الاعتصام، وهو ما تنفيه الجماعة دائماً.
وأبرز الموقع الإلكتروني لصحيفة “أخبار اليوم” الحكومية بمصر تغطية تفصيلية لحلقة المسلسل، وربط بين المعتصمين برابعة العدوية والنهضة وممارسة العنف، واتهم جماعة الإخوان بقتل العديد من أفراد وضباط الفض.
واعتبر الكاتب محمود عبدالراضي، في موقع “اليوم السابع” المقرب من السلطات، اليوم الأحد، أن المسلسل “شهادة حية وتوثيق باقي في ضمير الوطن، لمن غدر وقتل واستباح الدماء من جماعة الشر، ومن قدم روحه فداءً لهذا الوطن واستشهد في سبيله من شهدائنا الأبرار”، وفق ما يرى، وهو عادة ما تنفيه جماعة الإخوان المسلمين بوثائق وشهادات مراراً وتكراراً.
كما استحوذت حلقة المسلسل على برامج “التوك شو”، بطريقة ممنهجة، وفق ما تم رصده.
وأشار الإعلامي المقرب من السلطة يوسف الحسيني، في برنامج “التاسعة” المذاع على “القناة الأولى المصرية” الرسمية، إلى أن المسلسل كان صورة طبق الأصل من الواقع من خلال شهادات العيان والتدقيق الكامل والحقيقي والوافي من ملفات كافة الأجهزة التي تعمل على رصد وتحليل نشاط الإخوان، وفق ما قال.
وأضافت الإعلامية المحسوبة على جهات بالدولة لميس الحديدي، عبر برنامجها “كلمة أخيرة” المذاع على شاشة “إكسترا نيوز”، أن مسلسل “الاختيار 2” وثق حقائق شاهدناها جميعاً وعايشناها كمصريين وإعلاميين في إطار التغطية اليومية، خاصة في استخدام المعتصمين كدروع بشرية، بحسب ما قالت.
واتهم الإعلامي المقرب من السلطة نشأت الديهي، خلال تقديم برنامجه “بالورقة والقلم” المذاع على قناة “تن”، الإخوان باستخدام العنف وإراقة الدماء في اعتصام رابعة العدوية، زاعماً أن مسلسل “الاختيار 2” ضربة موجعة ومؤلمة في قلب جماعة الإخوان وكل من يمولها ويدعمها ويؤيدها ويتعاطف معها”، حسب رأيه.
(المصدر: مجلة المجتمع)