بقلم د. سعيد بن ناصر الغامدي
يجب أن يتصدى للفتيا من عُرف بعلمه الراسخ في أمور الشريعة وأصبحت لديه الملكة العلمية المؤهلة للفتيا والتوقيع عن الله تعالى في الأحكام والقضايا ، وبناءً على هذا فلا يصلح للفتيا ضعيف في العلم الشرعي حتى ولو كان واسع الثقافة ، ولا يعد من أهل الفتيا من اقتصرت عنايته على مجرد كتابة الأبحاث الشرعية المتخصصة ، حتى ولو أجاد في هذه الأبحاث أو بعضها ، لأن نصاب الفتيا لا يقتصر على القدرة البحثية التي قد يمتلكها طالب كلية الشريعة ، ثم إنه لابد للمفتي أن يكون معروفاً عند أهل العلم وله عندهم درجة الاعتبار في هذا المجال ، كشأن المتخصص في أي فن من فنون الدنيا ، أما أن يتصدى للفتيا من لا يعرف أصلاً ، ولا تعرف درجته العلمية ولا مقدار رسوخه في العلم ، فإن ذلك لم يكن معهوداً عند أهل السنة ، وإنما هو من أحوال وطرائق الفتيا عند الفرق الباطنية التي تصدر من مجاهيل لا يعرفهم سوى زعماء الطائفة وخاصتهم ، ولهذا قال الإمام البخاري في صحيحه:(باب كيف يقبض العلم ،وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر ما كان من حديث رسول الله صلى عليه وسلم فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولاتقبل الاحديث النبي صلى الله عليه وسلم،ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لايهلك حتى يكون سراً)
و لابد للمفتي مع توفر العلم الراسخ أن يكون من المعروفين بالتقوى والورع، فكيف يعرف ذلك إذا كان المفتي مجهول الحال ؟ بل كيف يكون الأمر إذا كان من تطلب منه الفتيا ضعيف الالتزام بالسنة أوممن يتتبع الرخص وشواذ الأقوال أو غير ذلك من سوالب العدالة –وهذا ما أنزه أعضاء الفتيا في المجلس الأوروبي عنه – حملاً لهم على البراءة والسلامة الأصلية ، وإن كان الأصل أن يعرفوا بين علماء الشريعة وطلاب العلم لتكون التزكية لهم ولفتاواهم عن علم وبينة.