مقالاتمقالات مختارة

الإرهاب والسلطة القمعية وجهان لعملة واحدة

الإرهاب والسلطة القمعية وجهان لعملة واحدة

بقلم مجدي أبو اسماعيل

أصبحت أخبار ومشاهد ضحايا الحرب المسماه بالحرب على الإرهاب تمر علينا مرور الكرام ولا تستدعي فينا أي مشاعر أو ردة فعل بالنفير للتوقف، وإن وجدت ردة فعل فما هي إلا موجة عابرة من الترحم والدعاء للضحايا وانتشار الدعاية لبطولات القوات حتى لا تبعث مشاهد القتل عدم الثقة في إدارة المعركة التي كثر فيها الضحايا، ولا تعطي الفرص لسائلٍ إلى متى نري سقوط الضحايا بهذا الشكل وبنفس الأسلوب في كل مرة؟ هل حقاً السلطة تريد إنهاء تلك الحرب؟! وإن أرادت فهل الاستراتيجية المتبعة صحيحة لإنهائها؟!

إلا أنه وإن ظهر من يتسائل بتلك الأسئلة فلا تجد من أبواق النظام إلا التراشق والتشكك في السائل، وأيضاً إن وجدت الإجابات تكون بتسائلات استخفاف مثل ألا ترى الإرهاب؟ أليس من حق السلطة التصدي لهؤلاء الإرهابيون؟ ولا شك أنه من حق السلطة التصدي لتلك الجماعات ولكن إن كان الضحايا من أفراد الشعب أليس من حق الشعب أن يعرف متى تتوقف تلك الحرب؟ الواضح للجميع أن تلك الحروب دائماً تجدها في البلدان التي تحكمها انقلابات وسلطة قمعية وإجرامية ضد المعارضين المعتدلين سواء كانت داخلية أو خارجية، ودائما تكون شعلتها ناتجة من ثأر وإنتقام لأفعال السلطة، إذا نستطيع أن نقول وبكل يقين أن الإرهاب تواجده مرتبط بتواجد القمع، حيث أن القمع أيضاً هو وسيلة استقطاب حتى من هما أصحاب الأجندات الخبيثة والتي تضع موارد الشعوب صوب أعينها.

وهنا أرغب في توجيه الحديث عن الدولة المصرية لأنها قلب المنطقة ما أن استقر نبضها إلا وكانت مسائلة وقت حتى تستقر كل المنطقة، حتى أنه بمجرد الانقلاب على مسار ثورة يناير ودهس المسار الديمقراطي انقلبت معها البوصلة السياسية للمنطقة جمعاء، وقد أعقب هذا الانقلاب الغاشم موجة قمعية وإجرامية وسقوط الألاف من الضحايا والزج بالسجون عشرات الآلاف من المعارضين مع ممارسة أشد أنواع التنكيل وتلفيق القضايا بداية من الرئيس المنتخب الذي استشهد أثناء محاكمته مرورا بعشرات الآلاف من المعارضين والقيادات المعتدلة الذين لم يحيدوا عن سلمية معارضتهم ضد الانقلاب العسكري.

ومع استمرار تلك السلطة المنقلبة الغاشمة لم تحيد أبدا عن نفس السياسة الإجرامية إلى جانب إرتباطها برؤية إقليمية مبنية على عدم السماح بقيام أنظمة ديمقراطية في المنطقة، وأيضاً السعي في فتح قنوات تطبيع مع الكيان الصهيوني والتي قد بدأها من الأيام الأولي من الانقلاب وتوافقها مع الرؤية الصهيونية التي جعلته يتبع سياسة التهجير وهدم مئات البيوت الواقعة على الشريط الحدودي بمدينة رفح. ومن الطبيعي لكل تلك الأفعال أن تسبب العداء في نفس الكثير ممن يرون كل تلك المظالم، فكانت تلك الفرصة هي الذهبية للجماعات المتطرفة قليلة العدد لتستقطب جيشاً ضد الدولة، وحتى في حرب الدولة ضد تلك الجماعات تجد ظلما عظيماً واقع على الآلاف من المدنيين.

ومع استشهاد الرئيس المنتخب محمد مرسي المنقلب عليهم داخل محبسه وكم التنكيل الذي حدث معه ومع مشاهدة الملايين من المؤيدين والمتعاطفين في جميع أنحاء العالم قبل مصر والكارهين للنظام المصري الانقلابي وداعميه أكثر ما يخيف هو أن يقع اليأس في قلوب الكثير ويكفرون بالسلمية تماما ويكونوا وقودا جديدا لاستمرار تلك المعارك. الشاهد أن تلك الحرب لا نصر ولا هزيمة لأي من الطرفين، فكل طرف بأخطاء الطرف الأخر يستطيع أن يبرر لنفسه فهنا بقتل وقمع المدنيين من السلطة تستقطب الجماعات المتطرفة أفرادا جدد، أما السلطة بسقوط ضحايا من قواتها تجد لنفسها المبرر لأفعالها حتى يغض الداخل والخارج الطرف عن أفعاله الإجرامية ضد معارضيه، أما النصر الحقيقي الذي بها تنتهي تلك الحرب فلن يحققه إلا الشعب، عندما يقف ضد السلطة الغاشمة ويسقطها وفي نفس الوقت لا يعطي الفرصة للجماعات المتطرفة من الحشد خصوصا لو أن الشعب أعاد حقه المسلوب في تثبيت نظام يقوم على العدل وإقامة ديمقراطية حقيقية تقوم على التنافس لتحسين حياة المواطن لا للتنافس على سلب حق المواطن حتى في الحياة.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى