مقالاتمقالات مختارة

الأحكام الفقهية المتعلّقة بحظر التجول في زمن الكورونا

الأحكام الفقهية المتعلّقة بحظر التجول في زمن الكورونا

بقلم خبّاب مروان الحمد

من الأحكام الفقهية المتعلّقة بحظر التجول بسبب الوباء: (الصلاة على الميت الغائب)

والذي عليه مذهب أصحابنا الحنابلة وكذا السادة الشافعية القول بجواز الصلاة على الميت الغائب.

خلافاً للسادة الحنفية والمالكية الذين لم يروا الصلاة على الغائب، لأنّهم ذكروا أنّ هذه الصلاة خاصّة برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحين نقل ذلك عنهم العلاّمة ابن العربي المالكي بقوله: “قال المالكية وغيرهم ليس ذلك إلا لمحمد قلنا – أي ابن العربي- وما عمل به محمد تعمل به أمته”.

إذا عُلم هذا ؛ فإنّ الميت إذا لم يتمكن أهله أو أقاربه من المجيء عنده في بلده والصلاة عليه؛ فإنّه تجوز الصلاة عليه في بلدٍ آخر بالنية؛ لأنّ الغائب ليس بين يدي المصلي لينوي الصلاة على شيء مشاهَد، فيستقبل القبلة، ويصلي عليه كصلاته على حاضر.

ويرى الشافعية والحنابلة إن كان الميت داخل البلد لم يصلَّ عليه صلاة الغائب لأمرين:

1- أنه يمكن حضوره، للصلاة عليه، أو على قبره؛ فأشبه ما لو كانا من جانب واحد.

2- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على حاضر في البلد إلا بحضرته؛ بالإضافة وقالوا : إذا لم يُمكنه ذلك، أو فاتته الصلاة على الجنازة؛ فإنّه يذهب و يصلي على القبر؛ لما ثبت من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على قبر منبوذ فأمَّهم وصلوا خلفه. [ أخرجه البخاري في صحيحه]

والأصل صحّة ومعقولية هذا القول؛ لكن يُمكن مناقشته؛ أنّهم ذكروا بأنّ العلّة في عدم الصلاة على الغائب لمن كان في البلد إمكان حضوره والصلاة عليه؛ لكن في مسألتنا المتعلقة باانتشار الوباء؛ فإنّه لا يُمكن حضور أغلب الناس؛ لأنّ الاجتماع نفسه سببٌ للانتشار؛ ومانعٌ من موانع الاجتماع للصلاة على الميت.

وبناءً على ذلك فإن كان الميت في بلدٍ ولم يستطع بعضهم في بلده نفسها الحضور للصلاة عليه بسبب هذا الوباء ومشقّة الحضور؛ فإنّه تصح الصلاة عليه صلاة غائبٍ، وهذا القول قالت به طائفة كبرى من الشافعية وبعض الحنابلة وخص بعض الشافعية الجواز للمعذور لمرض أو زمانة أو حبس.

وتبقى مُدّة الصلاة على الميت الغائب إلى ما يُقارب الشهرٍ، فقد قال الإمام أحمد: “أكثر ما سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أم سعد ابن عبادة بعد شهر”.

ومدة الشهر تقريبية؛ ويُفسّر ذلك الإمام ابن قدامة بقوله: “تَحْدِيدُهُ بِالشَّهْرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَتْ عِنْدَ رَأْسِهِ، لِيَكُونَ مُقَارِبًا لِلْحَدِّ، وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بَعْدَ الشَّهْرِ قَرِيبًا مِنْهُ؛ لِدَلَالَةِ الْخَبَرِ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ”.

ويُوضّح صاحب الشرح الكبير علّة الصلاة عليه لمدّة شهر بقوله: “ولأنها مدة يغلب على الظن بقاء الميت أشبهت الثلاثة أو كالغائب، وتجويز الصلاة عليه مطلقاً باطل بأن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي عليه الآن إجماعاً”.

هذا والله تعالى أعلم وأحكم.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى