كشف العميل الإسرائيلي كمال حماد ولأول مرة بعضا من تفاصيل مشاركته في عملية اغتيال الشهيد القسامي يحيى عياش في الخامس من يناير/كانون الثاني 1996.
وقال الصحفي الذي أنجز المقابلة التلفزيونية التي بثتها القناة الإسرائيلية الثانية في وقت متأخر من مساء الأحد، إن “كاف” ـ في إشارة إلى كمال حماد الذي لم يذكر اسمه صراحة في المقابلة ـ كان رجل أعمال كبير في قطاع غزة بذلك الوقت، وكان يتمتع بعلاقات جيدة مع السلطة وحركة “فتح”، وفي مقدمتهم مسؤول المخابرات الفلسطينية موسى عرفات.
ويحكي كمال أنه جلس ذات مرة إلى شخصين مدنيين اتضح له أنهما عضوان بجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي “الشاباك” فتبادل معهما بطاقات الزيارة، وكان أحدهما يدعى “أبو نبيل” تأكد لاحقا أنه آفي ديختر.
ومضى العميل يقول إن يحيى عياش كان صديقا لأسامة ابن شقيقته، وهذه هي العلاقة التي سيجري استغلالها لاحقا لتحقيق الهدف الإسرائيلي بقتل عياش، حيث إن الشهيد كان لجأ إلى صديقه أسامة لمساعدته.
وذكر أنه في إحدى الجلسات التي جمعته بموسى عرفات، التقى بمهندس إنجليزي في غزة، لديه سيارة من الأمم المتحدة، وكان ينقل المطلوبين من الضفة إلى غزة، ثم يقوم بعمليات تهريب من غزة للضفة، زاعما أن هذا الشخص ربما يكون نقل عياش إلى غزة.
العياش محترف
العميل كاف قال إن يحيى عياش، لم يكن يستقر في مكان واحد، مؤكدا أنه كان شخصا محترفا جدا، كما هم رجال حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، موضحا أنه كان ممنوعا من دخول بيت شقيقته “فهم من حماس متدينون جدا، ونحن “فتح” لا ندخل منزلهم أبدا، لم أدخل منزلها من قبل ولا نعرف ماذا يحدث بداخله”.
وذكر الصحفي الذي أجرى المقبلة أن زوجة عياش طلبت دخول غزة، وأن الشاباك قدر أنها ستلتحق بزوجها، فاختار تفخيخ جهاز هاتف يتكلف “كاف” خال أسامة حماد ليدخله لغزة، واستغلال الفرصة المواتية لتحقيق ذلك.
وشرح العميل كمال حماد كيف طُلب منه إيصال الهاتف إلى ابن شقيقته، موضحا أنه كان عملا غير سهل بالمرة، حيث تطلب إيصال الجوال المفخخ ليحيى عياش ستة أشهر.
عشرات الآلاف شاركوا عام 1997 في تخليد الذكرى الأولى لاستشهاد العياش ونجله البراء الذي يظهر بالصورة محمولا كان عمره وقتها ثلاث سنوات (رويترز) |
وذكر الصحفي الإسرائيلي أن الهاتف كان ملغما بعبوة ناسفة، وأن طائرة أباتشي كانت تحلق فوق قطاع غزة وبداخلها جهاز التحكم عن بعد بالعبوة الناسفة، وفي غرفة التحكم ينتظرون مكالمة عياش لوالده ليتعرفوا عليه عبر صوته، وعندئذ يفجرون العبوة الناسفة.
وفي المرة الأولى، جرى الضغط على الزر عند حديث عياش إلى أسرته، لكن العبوة لم تنفجر ونجا عياش من الاغتيال. بعدها، وبادعاءات مختلفة، نقل العميل الهاتف إلى إسرائيل للفحص، حيث اكتشفوا في تل أبيب أن أحد أسلاك العبوة قد انفصل، فتم إصلاحه، وعاد العميل بالهاتف إلى غزة يوم 5 يناير/كانون الثاني 1996.
ولادة فاستشهاد
في ذلك اليوم، كان الشهيد عياش على موعد مع مناسبة جميلة، إذ رزق بمولود جديد، فكان متلهفا لنقل الخبر السعيد إلى أبيه وأمه، فذهب إلى منزل شقيقة العميل للحديث عبر الهاتف الأرضي.
وفي منتصف المكالمة، شوشت إسرائيل على الاتصال، فانتقل للحديث عبر الجوال الملغم، وبمجرد ما تم التعرف إلى صوته، ضُغط على زر التفجير، فدوى الانفجار وارتقى العياش شهيدا.
العميل قال إنه قابل وقتها شخصا يملك محطة وقود في غزة، وأخبره بنبأ اغتيال يحيى عياش، فتحدث إلى شقيقه للانتقال إلى المنزل ومعرفة التفاصيل، فانتقل شقيقه إلى عين المكان وهناك أخذ منه القيادي القسامي وقتها (والقائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام حاليا) محمد الضيف بطاقة هويته الإسرائيلية وكان إلى جانب شقيق محمد دحلان الذي وعد برد البطاقة لشقيقه.
ولم يخف العميل فرحه باغتيال عياش وقال “كنت فرحا ومبسوطا”، غير أنه أضاف أن الفضيحة تبعته، حيث اعتقل مباشرة واتهم بالمشاركة في عملية الاغتيال وحكم عليه بالإعدام، لكنه فر، وحاول الاستقرار داخل الولايات المتحدة لكنه قرر العودة إلى إسرائيل لأنه يخشى على حياته.
حسرة ورعب
ويحكي العميل متحسرا كيف أنه نفذ كل ما طلبته منه إسرائيل، “وخاطرت بكل ممتلكاتي لأجل صنع السلام بيننا”، لكن جزاءه كان فقدان كل ثروته، والعيش في رعب دائم من القتل.
ويغلق العميل نوافذ منزله خشية اغتياله، بطلب من “الشاباك”، ولم يكشف أين يسكن في الوقت الحالي.
وأشار إلى أن إسرائيل “ترفض إعطاء زوجته الجنسية الإسرائيلية”، وأنها سحبت منه كل الامتيازات بعد افتضاح أمره وانتهاء العملية.
وذكر أنه كوّن ثروة مالية قدرها 20 مليون دولار من عمله كمقاول بناء في قطاع غزة، إلا أن السلطة الفلسطينية صادرتها، بعد انكشاف أمره.
(المصدر: الجزيرة / وكالة الأناضول)