أكد مؤتمر “علماء الأمة في مواجهة الاستبداد وسفك الدماء”، والذي نظمته، رابطة علماء أهل السنة، بالتعاون مع عدد كبير من الهيئات والروابط الإسلامية، يومي 8 و9 أغسطس/آب الجاري، أن الاستبداد سيؤدي لنشر الفوضى، وإشاعة الإرهاب، والعنف والتخريب، وانحدار قيم العدالة والإنسانية، والدمار الاقتصادي، والحروب الأهلية والطائفية.
وبحث المؤتمر، الذي شارك فيه علماء من 30 دولة مسلمة، “بيان الحكم الشرعي في الجرائم التي يقترفها الانقلاب في مصر، (في إشارة لإطاحة الجيش، بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في 3 يوليو/ تموز 2013) من خطف للرئيس الشرعي (مرسي)، وسفك للدماء وانتهاك للأعراض، وتكميم للأفواه، وخطف قسري، واعتقال عشوائي، وتعذيب للأسرى، وقتل للمعتقلين.
وطالب المؤتمر برسم خارطة عمل لعلماء أهل السنة، ووضع مسار استراتيجي يتحركون فيه لمواجهة المشروع الشيعي الإيراني في المنطقة والعالم، مؤكًدا وقوف العلماء في مواجهة الاحتلال الصهيوني للمسجد الأقصى وفلسطين.
وفي كلمته قال، جمال عبد الستار، أمين عام الرابطة، “المؤتمر يستهدف حشد علماء الأمة من كل الأقطار، لبيان تجريم الإسلام للقمع والاستبداد، والظلم، وإهدار حقوق الإنسان”.
ودعا عبد الستار، المجتمع الدولي لاتخاذ موقف صارم، لوقف أحكام الإعدام في مصر، والتي وصفها بـ”الجائرة”، كما دعا إلى إطلاق سراح المعتقلين.
وصدرت في مصر مؤخرًا أحكام بالإعدام (أولية)، بحق العشرات من معارضي السلطات المصرية، ولاقت هذه الأحكام إدانات واسعة من الدول والمنظمات الحقوقية.
وقال عبد الستار، “المسلمون لم يستغلوا العلم كغيرهم، في صناعة أسلحة فتاكة، تبيد البشر، وتدمر الأمم”، لافتًا إلى أن كل صور الإرهاب تمارس على المسلمين، في كل دول العالم، قتلًا وتشريدًا، منذ إسقاط الخلافة الإسلامية عام 1924، وحتى الآن”.
من جانبه، وصف عبد الوهاب إكنجي، الأمين العام لرابطة علماء تركيا، العلماء بـ “الأطباء الواجب عليهم تشخيص مرض الأمة، المتمثل في الاستبداد، الذي نتج عنه سفك دماء المسلمين في كل مكان، ثم تقديم العلاج”.
وقال إكنجي، “إذا صلح العلماء والأمراء صلحت الأمة، والعكس صحيح، وفساد الأمراء يأتي لفساد العلماء، ونفاقهم، وفتاويهم التي تدفع بالأمة إلى التهلكة”.
وأشار إكنجي، أن “الإسلام الذي فرض علينا الصلاة والصيام، هو أيضا الذي قال نبيه محمد لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، فهو دين شامل جمع في أحكامه بين العبادات وعلم السياسة”.
وفي كلمته قال، الشيخ محمد موسى الشريف، عضو المكتب التنفيذي، ومجلس الأمناء في رابطة علماء أهل السنة، “نحن اليوم في حاجة لأفعال، لا أقوال، الشباب يتخطفهم داعش، وهو تنظيم مجهول القيادة، سواء على المستوى السياسي، أو العسكري، أو الشرعي”.
وأوضح الشريف، أن عشرات الآلاف من الشباب المسلم، الذي يسارع في الانضمام لداعش، هو شباب صالح في أغلبه، وذو نوايا طيبة، وسبب انضمامه لداعش هو تقصير من العلماء في أن يتقدموا لاستلام الراية”.
وقال الشريف، “العلماء هم أولوا الأمر والحكم في الأمة، وعندما قصروا كان حال المسلمين كما نرى الآن، من وهن، وضعف، ومذلة”.
وقال فريد أحمد فراشة، الأمين العام لاتحاد علماء باكستان، “اليوم دماء المسلمين أصبحت أرخص دماء على وجه الأرض، 1.5 مليار مسلم يقتلون ثم يتهمون بالإرهاب ممن يقتلهم بدم بارد، والاستعمار يخطط لتقسيم بلاد المسلمين إلى دويلات، وإضعاف أهل السنة في كل مكان”.
وتحدث صلاح الدين يشار (ألباني الجنسية)، ممثلًا عن علماء أهل السنة في البلقان، قائلًا، “البلقان رغم موقعها الأوروبي، فإنها جزء لا يتجزأ عن الأمة الإسلامية”، مطالبًا علماء المسلمين بـ”تبنى مشروع لتربية الشباب، وبعث الأمل في نفوس الأمة”، ضاربًا المثل بألبانيا التي “خرجت من نظام حكم شيوعي متغطرس، فخرج الشباب هناك مطموس الهوية، ويحتاج من يأخذ بيده ويعيده لهويته الإسلامية”.
واستعرضت دينا لارسين (ناشطة حقوقية نرويجية)، أوضاع المسلمين في أوروبا، مطالبة العلماء بتجهيز “خطاب ناضج يجمع بين العقل والنقل، يستطيعون من خلاله مخاطبة الغرب”.
وطالب حسين حلاوة، أمين عام مجلس الافتاء الأوروبي، بعدم التعامل مع الغرب على أنه فصيل واحد كاره للإسلام والملسمين، لافتًا أن “الأكثرية في الغرب خاصة الشعوب تقف مع العدل، وتكره الظلم، لكن للأسف الإعلام يركز فقط على الفئة الأخرى، الداعمة للإرهاب والاستبداد رغم أنها أقلية”.
ووجه محمد حسن الددو، رئيس هيئة علماء المسلمين في موريتانيا، سؤالا للحاضرين، قائلًا، ماذا لو حضر إليكم النبي محمد الآن، هل كان سيعجبه حال الأمة؟، وهل كان سيتكلم أم سيفعل؟، مضيفًا، “هذا وقت العمل والمبادرة، لابد أن نري الله في أنفسنا خيرًا، فمن حكم عليهم بالإعدام، ومن قتلوا من المسلمين ظلمًا في كل بقاع العالم، دمائهم في رقبة الأمة جمعاء، والعلماء خاصة لأنهم لن يعذروا بجهل أو استضعاف”.
وقال نواف التكروري، أمين عام رابطة علماء فلسطين في الخارج، “العلماء هم قادة تحرير الشعوب”، لافتًا أن ما يجري من سفك لدماء المسلمين في شتى البقاع “لايصلح معه الصمت والسكوت، لقد تجاوزتنا الشعوب، وانطلقت وعلى العلماء أن يلحقوا بالركب”.
وحذر محمد الصغير، مدير مكتب وزير الأوقاف في عهد مرسي، وأحد علماء الأزهر، من “الحلف الصهيوصفوي (اختصار لكلمتي الصهيونية والصفوية)، الذي يستهدف استئصال أهل السنة”، على حد قوله.
وكشف محمد أبو الخير شكري، أمين سر المجلس الإسلامي السوري، عن حصيلة الحرب السورية حتى الآن، قائلًا، “هناك أكثر من 300 ألف شهيد، حيث يسقط كل ساعة ما بين 3 و 4 شهداء، و200 ألف معتقل، و5 ملايين لاجئ، و7 ملايين نازح”.
وأضاف شكري، “هناك 3 مشاريع موجهة ضد المسلمين، وتتمثل في المشروع الصهيوني (إسرائيل)، والصفوي (إيران)، والصليبي (الغرب)، ونحن مطالبون كعلماء سنة مواجهة هذه المشاريع الثلاثة”.
وبحسب محمد الصادق، من علماء اليمن، فإن “عودة الخلافة الإسلامية بات ضرورة، لمواجهة المشروع الصهيوني، الذي يقوده اليهود عالميًا ضد المسلمين”.
وقال الصادق، كلما اقترب المشروع الإسلامي، من الحكم في أي بلد كانت الحرب على المسلمين، وهو ما حدث في مصر، وسوريا، وليبيا، واليمن، وتونس، وغيرها”.
ورابطة علماء أهل السنة، (تأسست عام 2010، ومقرها سويسرا)، هي تجمع علمي منظم، يساهم في توحيد صفوف المسلمين، وجمع كلمتهم من خلال جمع طاقات العلماء، وتقديم حلول شرعية للقضايا المعاصرة، وفق منهج أهل السنة والجماعة.
المصدر: وكالة الأناضول.