مقالاتمقالات مختارة

احتضار “ولاية الفقيه” في محراب عزلته

احتضار “ولاية الفقيه” في محراب عزلته

بقلم عبد الرحمن جعفر الكناني

يتجلى الوهم في بناء إستراتيجية بعيدة المدى، وضعها “الولي الفقيه” قاعدة في إحياء الإمبراطورية الفارسية، التي رسمت خارطتها فيما يعرف بـ”إيران الكبرى” تمتد حدودها من إيران إلى آسيا الوسطى، وإلى الصين شرقا، وإلى الجزيرة العربية غربا ومن المحيط الهندي جنوبا وحتى البحر الأبيض المتوسط وبوابة إفريقيا شمالا، في ظل “حكومة إسلامية” مقرها طهران “الدولة المركز” أو “مركز الدولة الإسلامية” ظاهرها الديني الطائفي، وجوهرها عنصرية الآري الذي يرى نفسه الأرقى من كل سلالات البشر.

“إستراتيجية وطنية 2005 – 2025” واكبت المتغيرات بعد رحيل “خميني” وضعتها إيران وصادق عليها “الولي الفقيه” الجامع بيده كل السلطات السياسية والاقتصادية والعسكرية والدينية، جعلت من الوطن العربي وشمال إفريقيا، المنطلق الأول في تركيز قواعد نهجه التوسعي، ومركز اهتمامه المرحلي قبل الولوج في مراحل أكثر عمقا في الشرق الأوسط. وآسيا الوسطى والقوقاز.

“استراتيجية” رسمت أبعاد وبرامج السياسة الخارجية الإيرانية، المقيدة بنهج أيديولوجي مذهبي، يراد له الانتشار باعتباره المدخل الأكبر في بلوغ غاياتها، وهيأت لها أدوات تنفيذها من قبل، بتكاليف تنتزع من ميزانية الأمن القومي، أحزاب ومراجع ذهبية تستقوي بأجنحة عسكرية.

انتعشت الإستراتيجية الإيرانية، في ظرف سياسي ودولي مرتبك، وعالم عربي مفكك، يتخبط فس أزمات اقتصادية وأمنية، فتمكنت من بسط قواعد نفوذها في دول عربية لها الخصائص الجغرافية، وقدرات الاستقطاب الاقتصادي والعسكري، في ظل تسهيلات أمريكية إبان حكم الثنائي جورج بوش الابن وباراك أوباما، اللذان استخدما النظام الإيراني طوعا كأداة تكتيكية في تنفيذ مخطط مرحلي.

ودول عربية ارتقت بعلاقاتها مع “نظام الولي الفقيه” إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، فأضعفت موقف الدول العربية التي أرادت التحصن من مخاطر الإستراتيجية الإيرانية، فبدأ العالم العربي في شكل المنقسم إلى محاور إقليمية، تصادمت توجهاتها، وبلغت حد التباعد، الذي نسف القواسم المشتركة في قواعد الأمن القومي العربي.

غاب الموقف العربي الموحد إزاء إستراتيجية التوسع الإيراني إذن، غياب وهب نظام “الولي الفقيه” أداة قوة اختراقية في بسط نفوذه في كبريات العواصم العربية، تحت مسميات مقاومة الإرهاب، ودعم مقاومة تحرير فلسطين.

لكن انقلاب الأحداث على نحو متسارع في بغداد وبيروت، ووصولها طهران ومدن إيران الأخرى، هل سيؤدي إلى تشكيل موقف عربي موحد جديد، لا يتعارض مع إرادة دولية أدركت خطر الإستراتيجية الإيرانية؟

أربعون عاما والفشل الإيراني يتكرر فيما يعرف بـ”تصدير الثورة” إلى الوطن العربي، لا بقوة الأنظمة العربية التي تخوض معاركها القومية في وسائل الإعلام، وهي الفاقدة لمستلزمات المواجهة أمنيا وسياسيا، والمقيدة بمواقف السكون أو الحراك في الموقف الدولي تجاه قضية ما، بل بتنامي الموقف الشعبي العربي العام من إدراك خطورة المشروع الإيراني الطائفي على وحدتها العقائدية، وأمنها القومي الشامل، الذي توج بانتفاضة كبرى، تحرر الإسلام من عقد الطائفية البغيضة، وتعيد وحدة أوطان قاومت الفتن العنصرية التي تبثها “ولاية الفقيه” المحتضر في محراب عزلته.

(المصدر: صحيفة بوابة الشروق الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى