إيران تتغلغل شرق الفرات.. وتعزز احتلالها الثقافي بجامعة جديدة
تواصل إيران التغلغل في سوريا عسكرياً واجتماعياً وثقافياً، على الرغم من الجهود الأمريكية والغربية الرامية إلى إخراجها كلياً، ورغم العقوبات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة التي أدت بالاقتصاد الإيراني إلى مستويات مأزومة بشكل غير مسبوق.
فقد كشفت صحيفة الحياة، أمس، نقلاً عن مصادر في المعارضة السورية، أن حشوداً إيرانية وصلت إلى خط التماس مع فصائل المعارضة في منطقة تل رفعت بريف حلب الشمالي، ما اعتبره معارضون “رسالة إلى أنقرة أكثر منه تحضيراً لعمل عسكري”. وقال مصدر قيادي في الجيش الحر: إن “الشريط الشمالي في سورية بات ساحة لتوجيه الرسائل بين الأطراف المؤثرة، خصوصاً روسيا وتركيا”. وقلل من “أهمية الحشود وتداعياتها على الوضع في إدلب”، لكنه لم يستبعد أن تكون التحركات الإيرانية في شمال حلب “رسالة إلى الجانب التركي مع ازدياد الحديث عن عملية عسكرية ضد الأكراد”. وزاد: “لا يمكن أن نسقط من حساباتنا أن روسيا غير مرتاحة من التقارب التركي- الأميركي في ملف مدينة منبج، وترغب في اتفاقات مع الأتراك تشمل كل المناطق الحدودية وشرق الفرات”. ورأى أن “إيران تواصل حشودها في المناطق الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية من حلب لتؤكد أنها باقية كقوة أساسية في سورية، وهو ما تفعله أيضاً على الضفة الغربية للفرات”.
ويزيد التدخل الإيراني من توتر المنطقة المشحونة أصلاً بخلافات لا تبدو في طريقها إلى الحل قريباً، إذ يتنازعها (الأكراد الانفصاليون والعشائر وقوات النظام، وخارجياً تتدخل الولايات المتحدة وتركيا وبعض الدول الأوربية فيها بشكل مباشر)، ليزيد التدخل الإيراني من تعقيد الموقف، خصوصاً أنه لن ينسجم مع مصالح “حليف أستانا” التركي، كما أنه سيصطدم بحاجز أمريكي قوي.
وفي شأن متصل، وضمن سعيها إلى إحداث تغيير على المستويات الثقافية والاجتماعية للسوريين، بعدما أحدثت تغييراً ديموغرافياً، أعلنت إيران عن نيتها افتتاح فرع لجامعة “تربية مدرس” في سوريا.
وخلال لقاء مع نائب رئيس “مجموعة الصداقة البرلمانية السورية- الإيرانية”، محمد حسين راغب الحسين، في طهران، الأربعاء الفائت، قال وزير العلوم والأبحاث والتكنولوجيا الإيراني، منصور غلامي، إن افتتاح تلك الجامعة يسهم في حل مشكلات التعليم العالي التي تواجهها سوريا.
وتتخصص جامعة “تربية مدرس” الإيرانية بتدريس مجالات جامعية عدة، ضمن درجتي الماجستير والدكتوراة، وهي جامعة حكومية مقرها طهران، وتأسست عام 1982.
وخلال خمس سنوات من التدخل الإيراني المباشر في سوريا، منذ العام 2013، عملت طهران على إحداث تغييرات جوهرية في بنية المجتمع السوري، فافتتحت “الحوزات” الشيعية الطائفية، ومدارس ومعاهد التعليم الديني الطائفي، كما نقلت إرثها الثقافي إلى شوارع العاصمة دمشق وجميع المناطق التي تحتلها وسط وجنوب البلاد.
ويأتي مشروع افتتاح فرع لجامعة “تربية مدرس” تتويجاً لموجات التغيير تلك، إذ ستعمل هذه الجامعة على إعداد الأساتذة الجامعيين والباحثين الذين سيتولون بدورهم إدارة المؤسسات التعليمية السورية مستقبلاً، ما يعني إعداد أجيال سورية بثقافة إيرانية خالصة!.
يذكر أن جامعة “تربية مدرس” لا تُعتبر الجامعة الإيرانية الأولى التي ستفتتح فرعاً لها في سوريا، إذ وافق رئيس النظام، بشار الأسد، في كانون الثاني الماضي، على افتتاح فرع لجامعة “آزار الإسلامية الإيرانية” في مدن سوريا، بحسب ما أعلنه رئيس الهيئة التأسيسية والأمناء في الجامعة، علي أكبر ولايتي.
(المصدر: وكالة الأناضول)