في الساعة 12 بعد منتصف الليل، شاهد إمام مسجد أبو هُريرة في مدينة شيفيلد البريطانية من نافذته المطلة على الشارع دخاناً يخرج بكثافة من نافذة إحدى شقق المبنى المقابل للمسجد في شارع سفرن، وهو سكن لرعاية كبار السن، وفتح النافدة ليسمع ويشاهد فتاة (21 عاماً) تصرخ لطلب النجدة من حريق شب في شقتهم.
خرج الشيخ محمد اليافعي، إمام المسجد، مهرولاً نحو الخارج، ودعا الشباب الساكنين في المركز الإسلامي التابع لدار الرعاية الإسلامية للخروج بسرعة لإنقاذ جارتهم وابنتها، وكانت الشقة في الدور الثاني، فأخذ سلماً خشبياً من المركز، وقفز شابان فوق السور نحو ساحة المبنى، وناولهما الإمام السلم الذي قصر عن بلوغ النافذة لارتفاع الشقة عن الأرض أكثر من مترين، فحمل الشابان السلم بيديهما ليصل للنافذة، وقام الإمام بتوجيه البنت بالنزول ببطء كون السلم محمولاً على اليد وليس ثابتاً على الأرض، ونزلت البنت بسلام وتم إنقاذها، ثم حاولت والدتها القفز من النافذة من شدة الخوف وكثرة الدخان، فأسرع أحد الشباب بصعود السلم لكي يتلقفها بعد تثبيت السلم على الأرض فأمسكها، ولكنها انزلقت، فتلقفها الشاب الآخر وأمسك بها وأنزلاها بسلام، وهي تبكي غير مصدقة أنها نجت هي وابنتها، وشكرت الإمام والشابين إسماعيل، وناصر الذين أنقذوها وابنتها بحرارة.
وبعد دقيقتين من إنقاذهما وصلت سيارة المطافئ، وتمت السيطرة على الحريق وإطفاء النار، وتبعتها سيارة الإسعاف التي اطمأنت على الأم وابنتها، وكذلك سيارات الشرطة.
ووصل بعدها مباشرة مدير المركز الإسلامي التابع لدار الرعاية الإسلامية في شيفيلد علي البطاطي بعد الاتصال عليه وإخباره بما جرى، وشكر الإمام والشباب الذين شاركوا في عملية الإنقاذ، وناداهم بالأبطال، ثم توجه مع الإمام إلى السيدة راسل توماس ليطمئن عليها وابنتها اللتين شكرتاهم كثيراً مرة أخرى على ما قاموا به، والدموع تنهمر من عيناهما، ثم اجتمع سكان المبنى لمواساة الأم وابنتها، وجميعهم من كبار السن، حيث إن المبنى المجاور لمنزلهما عبارة عن سكن لرعاية كبار السن.
ويقطن هذا المبنى الخاص بكبار السن من عمر 55 سنة وأكثر، الذي تسكنه هذه السيدة البريطانية، التي صادف أن زارتها ابنتها تلك الليلة وباتت معها.
وقال بام كوباس، أحد الساكنين هناك وعمره 75 سنة ويعمل سكرتيراً صحياً في مستشفى الأطفال: هذه ليست المرة الأولى التي يقوم أعضاء دار الرعاية الإسلامية بشيفيلد وجيراننا في المسجد بمد العون، ولولا شجاعتهم في هذه الليلة لكانت النساء موتى.
وقال بام ابن السيدة راسل توماس: نعم.. كلهم أبطال، ونعتقد أنهم يستحقون التعريف بهم، هؤلاء ناس محبوبون، ودائماً يحاولون مساعدتنا بالخارج كتنظيف الطرق عند هطول الثلوج، وأنا ممنون كثيراً لأعضاء المسجد بما فعلوه لإنقاذ أمي وأختي والساكنين الآخرين.
وقال آخر: هؤلاء دائماً يعتنون بجيرانهم ويتأكدون بأنهم بخير، لقد أثبتوا أنهم جيران بما لا يدع مجالاً للشك وفي عدة مناسبات، وفي تلك الليلة كانوا أبطالاً محترفين.
(المصدر: مجلة المجتمع)