اسم الكتاب: إلزام وليّ الأمر وأثره في المسائل الخلافية.
اسم المؤلف: عبد الله بن محمد المزروع.
عدد الصفحات: 92 صفحة.
الناشر: مجلة البيان – الرياض.
نبذة عن الكتاب:
يدرُس هذا الكتاب مسألةً مهمَّة من مسائل السياسة الشرعيَّة, وهي مسألة (إلزام وليِّ الأمر رعيتَه في المسائل المختلَف فيها بين الفقهاء).
بادئ ذي بدء صدَّر المؤلِّف كتابه بمجموعة من القواعد المهمَّة، والتي تُعدُّ أصولًا من أصول أهل السُّنة والجماعة, ينبغي استحضارها عند الحديث عن المسائل المشكلة، أو التي وقع فيها النِّزاع بين أهل العلم, ومن تلك القواعد:
- القاعدة الأولى: وجوب طاعة وُلاة الأمر في غير معصية الله.
- القاعدة الثانية: تحريم طاعتهم في معصية الله.
- القاعدة الثالثة: وجوب الصَّبر على جَور الولاة, وتحريم الخروج عليهم لمجرَّد ذلك.
- القاعدة الرابعة: أنَّ المقصود الأعظم من نَصْب الولاة والحُكَّام إقامةُ الدِّين.
ثم انتقل المؤلِّف بعد ذلك إلى مباحث الكتاب, والتي تألَّفت من مبحثين:
المبحث الأوَّل: بيَّن المؤلِّف فيه المقصود بمسألة (حُكم الحاكم يَرفَع الخلاف) وحدودها؛ إذ أوضح أنَّ هناك تباينًا بين أهل العلم في المراد بهذه المسألة, وأنَّه – وبعد التدقيق في كلام أكثر أهل العلم الذاكرين لهذه المسألة – تبيَّن له أنَّهم يريدون بها حُكم الحاكم – سواء كان وليَّ الأمر أو القاضي أو الحَكَم – في مسائل القضاء, ومسائل المرافعات والخُصومات, ولا يريدون بها الأوامر السلطانيَّة في الإلزام بقول من الأقوال في المسائل الخلافيَّة.
وبعد أنْ نقل بعض النُّقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره في هذا الخصوص, أتى بما يؤكِّد ما خلص إليه في المسألة, فذكر من ذلك:
1- أنَّ أكثر مَن تكلَّم عن هذه المسألة إمَّا أنَّه ذكَرها في باب القضاء, أو أشار إليها في معرِض حديثه عن المسائل التي يقع فيها خصومةٌ بين الناس.
2- أنَّ بعضًا من أهل العلم أشار أنَّ من شروطها : أن يكون الحُكم مبنيًّا على دعوى, وهذا لا يكون إلَّا من دعوى.
3- أنَّ من تكلَّم عن هذه المسألة ينصُّ على القاضي، أو الحَكَم, وأحكام القُضاة والمحكَّمين ليست أحكامًا عامَّة، وإنَّما في المسائل الخاصَّة .
4- وممَّا يؤكِّد ما سبق أنَّ بعضهم ينصُّ على أنَّ الحاكم ليس له أن ينقُضَ حُكم مَن سبَقه، وأنه لا يجوز للمفتي أن يُفتي في عين مسألة خاصَّة, وهذا لا يمكن طردُه على الحُكم العامِّ بأيِّ حال من الأحوال.
ثم بيَّن المؤلِّف المراد بـ(حُكم الحاكم يَرفَع الخلاف), وشرع في تحرير محلِّ النِّزاع في المسألة, وهنا أوضح أنَّ الخلاف في هذا محصورٌ في نِطاق ضيِّق, وبدأ بذِكر ما ليس له علاقة بالمسألة؛ لينتهي إلى أنَّ المراد بالمسألة المبحوثة: أن يُلزم وليُّ الأمر رعيَّتَه بقول من الأقوال في مسألة اختلف العلماء في حُكمها؛ جوازًا أو تحريمًا, صِحَّة أو فسادًا.
وأوضح أنَّه ليس جميع المسائل المختلَف فيها على درجة واحدة؛ فبعضها الأمر فيه قريب, ثم قام بتقسيم المسائل المختلَف فيها إلى أربعة أقسام, وبيَّن ما هو محلُّ البحث منها.
المبحث الثاني: تناول فيه المؤلِّف أقوال أهل العلم وأدلَّتَهم في هذه المسألة, وبيَّن أنَّ المسألة قد اختُلِف فيها على قولين:
- القول الأوَّل: لا يجوز لوليِّ الأمر أن يُلزم الناسَ بقولٍ من الأقوال في مسألة عامَّة اختَلَف فيها العلماء.
ثم ذكَر مجموعةً من الأدلَّة على هذا القول, ومِن ثَمَّ قام بمناقشتها.
- القول الثاني: جواز إلزام وليِّ الأمر الناسَ في الأمور العامَّة التي اختَلَف فيها أهل العلم بقول من الأقوال بما ظهر له.
وهنا يبيِّن المؤلِّف أنَّ كثيرًا من القائلين بهذا القول لا يوجد لهم تأصيلٌ في المسألة بخصوصها, إلَّا أنَّ لهم فتاوى في مسائلَ معيَّنة, بواسطتها يمكن أن تُخرَّج أقوالهم عليها.
كما حرَّر المؤلِّف محلَّ النِّزاع بين أصحاب هذا القول؛ لما بينهم من بعض الاختلاف, فبيَّن أنَّهم متَّفقون على أنَّ غير باب العبادات وما يتعلَّق به يَدخلُه الإلزام من وليِّ الأمر بما تبيَّن له. أمَّا باب العبادات وأسبابها, وشروطها, وموانعها فقدِ اختلفوا فيه على قولين:
القول الأوَّل: أنَّ باب العبادات ، وأسبابها ، وشروطها ، وموانعها لا يَدخله الحكم البتَّةَ؛ إلَّا إنْ كان هناك صورة مشاقَّة للسلطان، وأُبَّهة الولاية، وإظهار العِناد والمخالفة، فيمتثل أمره لا لأنَّه موطن خلافٍ اتَّصل به حُكم حاكم؛ بل درءًا للفتنة، ودفعًا لاختلاف الكلمة.
القول الثاني: أنَّ حُكم الحاكم ملزِمٌ في باب العبادات.
وأمَّا مسألة حُكم الحاكم في غير باب العبادات وما يتعلَّق بها, فذكر المؤلِّف أنَّ أصحاب هذا القول قد ذهبوا إلى أنَّ إلزام الحاكم فيها لازم لجميع الناس, وذكر أدلَّتهم على ذلك, وناقشها, كما ذكر عددًا من أقوال العلماء المؤيِّدين لهذا القول.
وخلَص المؤلِّف إلى أنَّ أصحاب القول الأخير يرَوْن أنَّ حُكم الحاكم يَرفع الخلاف وَفقَ الشروط والضوابط التالية:
1- أن يكون الحاكم من أهل العلم والاجتهاد, أو أن يكون حُكمه بعد مشورة أهل العلم والاجتهاد.
2- ألَّا يكون حُكمه مخالفًا لنصٍّ من الكتاب أو السُّنَّة أو الإجماع.
3- أنه لا يُشترط أن يكون حُكمه موافقًا لاجتهاد الفقهاء فيما أصَّلوه أو فرَّعوه برأيهم من المسائل التي تخضَع لتقدير المصالح والمفاسد.
وبعد هذا العرْض للمسألة والأقوال فيها يذكُر المؤلِّف ما ترجَّح لديه في المسألة, فبيَّن أنه – وبالتأمُّل في أدلَّة كلا القولين، والنظر في المقاصد الشرعيَّة من تنصيب الولاة والحكَّام، ومراعاة المصالح والمفاسد التي تنبني عليها هذه المسألة – تبيَّن له أنَّ القول بأحد القولين على إطلاقه غير صحيح، بل ويخالف مقاصد الشريعة في هذا الباب. فرأى أن يجمع بين القولين، ووضَع الضوابط التي تضبط المسألة, فممَّا ذكره من الضوابط:
- أنَّ المسائل الشرعيَّة التي دلَّ عليها النصُّ الصحيح الصريح, ووقع فيها خلاف ضعيفٌ أو شاذٌّ؛ فهذه لوليِّ الأمر أن يُلزم الناسَ بها على ما جاء به النصُّ، وهذا باتِّفاق المسلمين.
- وأنَّ المسائل الشرعيَّة التي جاءت فيها نصوص شرعيَّة؛ وكان الخلاف فيها قويًّا؛ فهذه ليس لوليِّ الأمر أن يلزم الناس فيها بقولٍ من الأقوال إلَّا بشروط:
– عند رؤيته أنَّ المصلحة الشرعيَّة ظاهرة, وتقتضي إلزامَ الناس بأحد الأقوال, وأنَّه لا يستقيم حالهم إلَّا بذلك.
– ألَّا يكون هذا القول يُوقِع القائلين بالقول الآخَر في حرجٍ شرعي من تأثيم أو بُطلان ونحو ذلك .
- أمَّا المسائل التي لم يأتِ فيها نصٌّ شرعيٌّ، وإنَّما هي اجتهادات من الفقهاء بناءً على مراعاة المصالح, وسد الذرائع, ونحو ذلك؛ فللإمام أن يُلزم الناسَ بما رآه، وهذا مبنيٌّ على قاعدة: تبدُّل الأحكام، بتبدُّل الزَّمان والمكان.
- يُشترط فيما تقدَّم أن يكون الإمام عالمًا مجتهدًا عادلًا، وإن لم يكن كذلك فيجمع علماء بلده، وأهل الحَلِّ والعَقد، ويستشيرهم، ويعمل بقولهم .
أن يكون هذا من الناحية العمليَّة، أمَّا من الجهة العِلمية فليس حُكم الحاكم وإلزامه مغيِّرًا للأحكام الشرعيَّة، ولا مرجِّحًا لقولٍ على آخر.
المصدر: الدرر السنية.