مقالاتمقالات مختارة

إغراء القوّة لدى سلطة مستبدّة .. ما الذي يقمعه ؟!

إغراء القوّة لدى سلطة مستبدّة .. ما الذي يقمعه ؟!

بقلم أ. عبدالله عيسى سلامة

حين يجد حاكم ما ، بين يديه ، وسائل القوّة ، كلها ، من عسكرية ، وأمنية ، ومالية .. ومن سيطرة على الناس ، بقوّة مؤسّسات الدولة .. فقلّما يردعه شيء ، عن الاستبداد والتسلّط .. إلاّ بعض أنواع القوّة المادّية ، التي لا يؤمن بغيرها ! لأنه مهووس بهوس القوّة ، محكوم نفسياً ، بالتفكير بها ، وحدها ، حصراً .. في فرضها ، على الناس ، وفي الخضوع لها ، حين تفرض عليه !

وسائل القمع متعدّدة ، ولكل منها طبيعته ، وأسلوبه ، وإمكانيته .. في قمع الاستبداد ! وهي تتفاوت قوّة وضعفاً ، وجدوى :

*) القانون هو الوسيلة الأولى ـ بحسب الأصل ـ التي يفكّر بها العقلاء ، لقمع الاستبد\اد ، أو شكمه ، أو ردعه ! بَيد أن الاستبداد ، لا يلتزم بأيّ قانون ، سوى قانون قوّته ورغبته وهواه ! حتّى القانون الذي يكتبه المستبدّ ، بيده ، مستعدّ لخرقه ، في أيّة لحظة ، حين يجده صار قيداً ضدّ رغباته !

*) القيم ، والمروءات ، والأخلاق الإنسانية ، المتعارف عليها بين البشر.. لا يبالي بها المستبدّ ، ولا يقيم لها وزناً ، حتّى لو ظلّ يتغنّى بها ، ليخدع الناس عن حقيقته ! فله طريقته الخاصّة ، في فهمها ، والالتزام بما يراه منها .. في الوقت الذي يحدّده هو ، ويمليه على الآخرين ، الخاضعين لسلطته !

*) قوّة السلاح ، التي تتصدّى له ، وتنتصر عليه .. هي القوّة الأولى ، التي يمكن أن تخضعه لسلطانها ! لأن قوّة السلاح ، نفسها ، هي قوّته الأولى ، التي بين يديه ، والتي يصنع ، بموجبها ، لنفسه ، سائر أنواع القوى الأخرى ؛ من قوّة سيطرة ، ونفوذ، ومال، ورعب يغرسه في نفوس الناس ، ورغبة يغري بها الآخرين ..!

*) قوّة الإرادة الشعبية ، المحتشدة ، المصمّمة ، هي القوّة الثانية ، من حيث الأهمّية والجدوى ، المؤهّلة لإزاحة كابوس الاستبداد! وهذه تحتاج إلى وسائل وأساليب معيّنة، لتكون قادرة على مجابهة قوّة السلاح ، التي يملكها ! وهذه القوّة الشعبية ، يحرص حرصاً شديداً ، على تذويبها ، وتفتيتها .. بشتّى السبل ، والوسائل المتاحة لديه ؛ بما فيها العنف المسلّح ، ضدّ مواطنيه ، بأبشع صوره ! ولذا ؛ فإن من أهمّ وسائل المجابهة الشعبية ، الاستعداد ، للتعامل مع هذا العنف ، بشتّى صور الاستعداد ! من ذلك : الاستعداد النفسي ، لدى قادة التمرّد الشعبي ، ووضع الخطط ، المكافئة لمجابهة القمع السلطوي ! ويُعدّ حشد الناس ، بأعداد ضخمة ، وبصورة منهجية ، منظّمة ، وموزّعة في مناطق شتّى من البلاد .. من أقوى الأساليب ، وأنجعها ، في مجابهة الاستبداد ! وقد أثبتت هذه الوسيلة ، حتّى الآن ، أنها أفضل الوسائل ، في غيبة السلاح ، أو في استبعاده ـ لأسباب مختلفة ـ من تفكير القيادات الشعبية ، المقاوِمة للاستبداد ! وأهمّ شرط ، لنجاحها ، هو ألاّ تقلّ قدرتها ، على إزاحة الاستبداد ، عن قدرة السلاح .. مع اختلاف كلّ من الوسيلتين والأسلوبين !

 

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى