مقالات

إغاثة نازحي الأنبار في العراق.. موقف مشرف جديد يحسب للمساجد

إغاثة نازحي الأنبار في العراق.. موقف مشرف جديد يحسب للمساجد

لا يخفى على أحد ما قامت به مساجد أهل السنة في العراق من دور مهم بعد الاحتلال، فبالاضافة الى دورها الرئيسي في نشر الدعوة الاسلامية والقيم والأخلاق بين المجتمع واحتضانها للعلم ودورات تحفيظ القرآن، الا أنها أصبحت المنطلق الرئيسي لعلاج كل أزمة أو مظلومية تقع على أهل السنة وبتعبير أدق “سند ظهر” لكل المظلومين، ولذلك استهدفها الاحتلال الأمريكي والمليشيات المدعومة من ايران والحشد الشعبي والأجهزة الأمنية التابعة للحكومة ووصفوها بالارهاب وحاضنات الجماعات المتطرفة وخاصة في بغداد وديالى والبصرة، وهو ما زادها اصراراً على قول الحق ونصرة المظلومين، وكان آخر مثال لتضحيات المساجد هو الحراك الشعبي السني في المحافظات الست المنتفضة، والذي كان للشيوخ والعلماء البصمة الكبرى في تنظيمه وحشد الناس له لنصرة قضية السنة واظهار مظلوميتهم وبطش وظلم الحكومة الطائفية بحقهم.

نازحو الأنبار.. الأزمة الجديدة

تقرير1

واليوم يضاف الى سجل هذه المساجد موقفاً مشرفاً آخر وهو استقبالها للنازحين الهاربين من المعارك والعمليات العسكرية الحاصلة في الأنبار، والذين ما ان بدأت مأساتهم حتى قام العلماء وأئمة المساجد والدعاة في العاصمة بغداد، بالتنسيق فيما بينهم وتشكيل غرف عمليات طارئة، لاختيار الأماكن والجوامع المناسبة لاستقبال النازحين وتقديم المساعدات لهم بشكل فوري وعاجل، وبالفعل فقد تم اختيار أكثر من عشرين مسجداً في بغداد لاحتواء هذه الكارثة، وتتميز هذه الأماكن المختارة بكبر باحاتها الخارجية أو وجود ساحة خارجية كبيرة تتسع لنصب خيم للنازحين.

وسرعان ما بدأت الحملات الاغاثية التي قام بتنسيقها أئمة المساجد والدعاة والمصلين فيما بينهم، كما قامت المناطق السنية بحملات اغاثية عاجلة، حيث تداول الناس عبر مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي الرسائل التي تحث على الصدقة واغاثة اخوانهم المنكوبين القادمين من المناطق المتضررة.

ويؤكد “أبو فؤاد” وهو أحد المشاركين بالحملات الاغاثية في منطقة المنصور غربي بغداد، أنه “على الرغم من وجود المليشيات والأجهزة الأمنية الطائفية بكثافة في مناطق العاصمة، الا أن ذلك لم يثن العلماء والشيوخ عن مواصلة دورهم الكامل في التنسيق الاغاثي وتقديم المساعدات والقيام بالواجب الكامل رغم الخطر الأمني”.

المأساة كبيرة

تقرير2

وبالرغم من صورة التكافل الاجتماعي التي رسمها أهالي المناطق السنية ومساجدها في بغداد تجاه اخوانهم النازحين والتي ساهمت بالتخفيف من معاناتهم، الا أن مأساة أهالي الأنبار كبيرة جداً، حيث تتفاقم معاناة النازحين بشكل كبير، وسط تزايد أعدادهم التي وصلت إلى أكثر من 114 ألف نازح بحسب الأمم المتحدة، والتي دعت الحكومة العراقية إلى عقد مؤتمر دولي لمساعدة نازحيه.

الناطق باسم منظمة “غوث اللاجئين” التابعة للأمم المتحدة “ادريان ايدواردز”، أعلن في بيان صحفي، أن “عدد النازحين من مدينة الرمادي التابعة لمحافظة الأنبار غربي العراق، بلغ اكثر من 114 ألف شخصاً خلال الأسبوعين الماضيين هرباً من العمليات العسكرية الجارية في المحافظة”، معرباً عن “قلق المنظمة إزاء المشاكل المتراكمة التي يواجهها المهجرون”.

الدور الحكومي

دور الحكومة العراقية تجاه النازحين من الأنبار كان على العكس من واجباتها تماماً، فبدلاً من ايواءهم وتقديم المساعدات العاجلة لهم، وبدلاً من أن تسخر كل وزاراتها وجهودها لخدمة النازحين واستقبالهم وتوفير ما يحتاجون إليه، على اعتبار أنها عجزت عن حمايتهم من الخطر الذي تهدّدهم في مناطقهم، إلا أنها سلكت طرقاً واتبعت سياسات ملتوية وغير مقبولة تجاههم، وهذه السياسات ستكون حتماً نقاطاً سوداء إضافية في سجلّها الذي تلفّه العتمة والسواد.

فبعد نظام الكفيل الذي فرضته الحكومة على النازحين، والذي يقضي بعدم دخول أية عائلة نازحة إلى العاصمة بغداد إلا بوجود شخص بغدادي يكفلها، والذي واجه سيل الإنتقادات شعبياً وسياسياً مطالبين بإلغائه، وهو ما دفع الحكومة إلى أن تنحى منحىً آخر، وتضرب على الوتر الحسّاس، ألا وهو “الأمن”، حيث جاء على لسان رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية “حاكم الزاملي” الذي ادّعى بأن تنظيم الدولة “داعش” بدأ بتجنيد مئات الأسر النازحة بهدف ادخال نحو ألف مقاتل مدرب الى العاصمة بغداد، مشيراً إلى ان دخولهم “خطر حقيقي” يهدد أمن العاصمة، بحسب “شبكة حراك”.

وهذه التصريحات التي صدرت عن الزاملي، لم تكن مفاجئة، خاصة وأن الحكومة تكيل بمكيالين وهي اليوم لم تعد جزءاً من حل مشكلة أهل السنة في العراق، بل أصبحت جزءاً من المشكلة نفسها، لأن طائفيتها المقيتة ساهمت وبشكل فاعل وكبير في اثارة الفوضى في البلاد والتي لم تهدأ منذ أن استلم الطائفيون ومليشياتهم زمام الحكم في البلاد.

الصمود متواصل

تقرير 3

إغاثة نازحي الأنبار.. انجاز جديد يضاف للمساجد وأئمتها وخطبائها وعلمائها في بغداد، الذين لم يجدوا أمامهم خيارا سوى الاعتماد على أنفسهم وامكانياتهم المحدودة لاستيعاب الأزمة، أمام خذلان الجهات الحكومية الطائفية، حيث أوصلت هذه المؤسسات رسالة واضحة الى الأعداء، وهي أن دَوْر “بيوت الله” أكبر من مجرد أداء الصلاة والقيام بالنشاطات المتنوعة، وانما هي تمثل المرجع والمنقذ لكل مشكلة أو محنة تمر بأهل السنة في العراق وستظل شامخة صامدة رغم الظروف القاهرة ولم ولن تقصر يوماً في أداء الواجب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى