د. محمد بن عبدالله الدويش – مجلة البيان
اتسم العقد الثاني من هذا القرن ببزوغ الصحوة الإسلامية، واتسع نطاق الصحوة وأصبحت حاضرة بقوة في كافة فئات المجتمع: الشباب والنساء والصغار والكبار، المتعلمين والعامة.
وكل من عاش تلك الفترة يدرك هذه الظاهرة بوضوح، وليس بحاجة إلى أدلة أو براهين، فهي ظاهرة بارزة وعامة فرضت نفسها، واعترف بها العدو قبل الصديق.
كما أنها ظاهرة لم تكن محلية، بل هي ظاهرة عالمية، حتى قال أحد الساسة محذراً وزير الخارجية الأمريكي أثناء محادثات السلام: إذا لم يتم توقيع اتفاقية السلام فقد تراني في المرة القادمة – حين تزور بلادنا – ملتحياً.
وكما أن الحديث عن الظاهرة لا يحتاج إلى برهنة وإثبات، فإن الحديث عن انحسار المدّ والتراجع لا يحتاج إلى إثبات هو الآخر.
والسؤال المثار: ألا يمكن اليوم أن نفكر من جديد في بعث الصحوة من جديد؟ أليس لدينا من الرصيد والإمكانات ما يعيننا على بعث العمل الدعوي بأفضل مما كان عليه في المرحلة السابقة؟
وأحسب أن العناية بمثل هذا المشروع – إذا توافر الاقتناع به – أولى من كثير من المشروعات المتناثرة ذات الأثر المحدود.
وبين يدي القارئ الكريم هذه المقال التي تمثل معالم عامة وأفكاراً عملية للإجابة عن هذا السؤال: هل يمكن إعادة الصحوة؟ علها أن تكون مجالاً للنقاش والمداولة والإثراء والتطوير.
مظاهر تراجع الصحوة
سبقت الإشارة إلى أن ظاهرة التراجع بارزة وواضحة لا تحتاج إلى برهنة، وفيما يلي إشارة إلى طائفة من الدلائل على هذا التراجع:
1 – قلة التائبين وكثرة المتراجعين:
اتسم عصر الصحوة بأنه عصر التائبين والعائدين إلى الله عز وجل في كافة الأعمار والمراحل، وكان من المتكرر أن تقابل زميل دراسة أو جيرة سابقة أو عمل، فترى مظهره معبّراً عن توبة وعودة إلى الله عز وجل.
وامتدت الظاهرة إلى المشاهير من أهل الفن والغناء والرياضة، وشهدت أدبيات الصحوة – آنذاك – نتاجاً مكتوباً ومسموعاً للحديث عن التائبين والعائدين.
أما اليوم؛ فقد تضاءلت هذه الظاهرة وانحسرت، بل أصبحنا نشهد العكس؛ فنرى التراجع والتغيّر لدى عدد من الصالحين، ولم يعد شاذاً أن ترى صاحباً لك من الصالحين بعد طول غياب، فترى مظهره معبّراً عن التغيّر والتراجع.. نسأل الله الثبات والهداية.
2 – التراجع لدى القدوات:
كان التراجع في تلك الفترة – المسماة عصر الصحوة – يظهر في الأغلب لدى الشباب والمراهقين من طلاب التعليم العام، وأحياناً أقل التعليم الجامعي، أو حديثي العهد بالاستقامة والتوبة؛ وأما الآن فإن الصورة مختلفة، فقد أصبح من المألوف أن ترى طالب علم شرعي، أو إمام مسجد، أو من اشتهر بالدعوة والاحتساب؛ قد أصابه التراجع، وتغيّرت حاله.
بل إن عدداً غير قليل من هؤلاء قد تحولوا إلى كتّاب مناوئين للصحوة، يعلنون صراحة تبنّيهم الاتجاه الليبرالي.
3 – ضعف الاحتساب في العمل الدعوي:
اتسم عصر الصحوة بالاحتساب في العمل الدعوي، بل لا يكاد العمل الدعوي يُعرف إلا في دائرة الاحتساب والتطوع.
أما اليوم، ومع تنامي المؤسسات الدعوية وانتشارها؛ فقد انتشرت ظاهرة العمل بالأجر لدى عدد من الشباب الذين كانوا نماذج في الاحتساب والتطوع في العمل الدعوي، وكثيرٌ منهم يساوم على الأجرة، ويفاضل بين مجالات العمل في هذه المؤسسات بناء على الاعتبار المادي، بل تطوّر الأمر إلى انتقاد المؤسسات التي تبحث عن المتطوع وانتقاد من يعمل احتساباً دون أجر مادي، رغم أن كثيراً ممن يُستهدف بذلك هم ممن لهم أجر ثابت، وما يتلقونه هو أجر إضافي خارج أوقات دوامهم الرسمي.
4 – تسويغ الانحراف والتراجع:
كان التراجع في مرحلة الصحوة يوصف بأنه انتكاس وتقهقر، وصاحبه يشعر بالخجل والحياء.. أما اليوم؛ فقد برزت ظاهرة التبرير للتراجع والانحراف، وتفاوت المدى في ذلك ما بين اتجاه متطرف ترك التدين جملة وتفصيلاً، وبين اتجاه دون ذلك بقي في دائرة التدين والانتساب إليه، لكنه مولع بالتخفيف من كثير من مظاهر التدين، وبالأخص ما يتعلق بالمظهر، ويبرر ذلك بأنها مسائل خلاف، منتقداً مظاهر التدين والمتمسكين بها، واصفاً إياها بأنها ثقافة محلية.
وتقبُّل الخلاف الفقهي أمرٌ لا نقاش فيه، بل تنوع المدارس الفقهية بين من يغلب عليه الحزم والتورع في المسائل، ومن يغلب عليه التيسير والترخص المشروع؛ أمرٌ سائغ منذ عهود السلف.
لكن ذلك كله كان يدور في إطار التدين الصادق الجاد، والترجيح الفقهي المبني على الاقتناع والدليل الشرعي، أما ما نشهده اليوم فكثير منه ينتمي لدائرة التساهل والترخص أكثر منه لدائرة الاجتهاد وتنوع المدارس الفقهية.
والمراجعة وتقويم الماضي، وإعادة النظر في المواقف والآراء السابقة؛ أمر إيجابي، وبالأخص مع التغيرات العالمية والمحلية، ومع نضج الداعية وتقدم خبرته.. والمرحلة السابقة لم تكن تسلم من قدر من التشديد لدى بعض طلبة العلم والدعاة، والضيق بالخلاف، وتضخيم بعض المسائل الفرعية.
لكن المراجعة وتقويم الماضي إنما تُحمد حين تُبنى على علم شرعي، واتباع للدليل، ورؤية للمصالح الشرعية – ولو اختلفنا في تفصيلات بعض الآراء والاجتهادات -.. أما حين يكون التراجع مقصوداً لذاته، وتغيير الآراء هدفاً يسعى إليه صاحبه؛ فهذا لون مختلف، وكما أن التشديد وضعف تقبل الاختلاف مذموم، فمقابلة الأمر برد فعل متطرف مذموم هو الآخر.
5 – ضعف الخطاب الإيماني والوعظي وربما الاستخفاف به:
اتسم عصر الصحوة بانتشار الخطاب الوعظي المؤثر، وكانت الخطب والمحاضرات العامة تشهد تجمعات كبيرة، وعدد ممن كانوا يحظون بحضور جماهيري واسع، وانتشار للمادة المسموعة؛ كان أداؤهم البارز في مجال الوعظ وتحريك القلوب.
وكان لهذا الخطاب أثره في استقامة كثير من الناس وتوبتهم، وفي تثبيت المهتدين والصالحين.
أما اليوم؛ فقد اختلفت الصورة كثيراً، وفتُر الخطاب الوعظي، وربما أصبح محل استخفاف وتنقص، وأصبح يوصف بأنه معبر عن سطحية صاحبه وبساطته.
وربما وجدت أخطاء وتجاوزات في الخطاب الوعظي في المرحلة السابقة تتطلب المراجعة، إلا أنها لا تمثل الواقع كله، والعلاج في التسديد والتصويب وعلاج الأخطاء، وليس في انتقاص الوعظ وتهميش دوره.
حلول مقترحة
حين نتحدث عن إعادة الصحوة، فنحن نتحدث عن مشروع واسع غير محدود، وهو يتطلب جهداً يتلاءم مع حجم المشروع واتساع دائرته، ويتطلب قدراً من النقاش والحوار حول آلياته لتحقيق النضج وتطوير الأفكار.
وتتمثل معالم المشروع – من وجهة نظر الكاتب – فيما يلي:
1 – العناية بالخطاب الوعظي:
كان الخطاب الوعظي من سمات المرحلة السابقة وعوامل تأثيرها البالغ، وهو إحدى أدوات الامتداد والانتشار الدعوي، وأحد عوامل التثبيت وترسيخ المهتدين.
ولا عجب؛ فهو منهج شرعي أصيل، فقد وصف الله عز وجل كتابه بأنه موعظة فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّـمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57].
ووصف ما أنزله على موسى بذلك فقال: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: 145].
ووصف الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام بأنه موعظة فقال: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّـمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وآتَيْنَاهُ الإنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّـمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} [المائدة: 46].
ووعظ الله عز وجل نبيه نوحاً عليه السلام فقال: {قَالَ يَا نُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِـحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْـجَاهِلِينَ} [هود: 46].
ووعظ الله عز وجل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من العودة لما جرى في حادثة الإفك: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِـمِثْلِهِ أَبَداً إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [النور: 17].
وجاء الوعظ في سياق الأحكام الشرعية فقال تعالى: {وَإذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْـحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 231].
وجاء الوعظ في سياق تقرير قواعد العدل والإحسان: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].
وبيَّن عز وجل حسن مواعظه للمؤمنين فقال: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا وَإذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء: 58].
وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالموعظة، فأمره بأن يعظ المنافقين فقال: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} [النساء: 63].
وأمره عز وجل بأن يعظ الكافرين فقال: {قُلْ إنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إنْ هُوَ إلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ: 46].
وبيَّن الله عز وجل أن من شأن الأنبياء في دعوتهم وعظ أقوامهم، فأخبر أن قوم هود اعترضوا على وعظهم فقال: {قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ} [الشعراء: 136].
وأخبر عما وعظ به لقمان ابنه من مواعظ فقال سبحانه: {وَإذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].
وبيَّن أن الصالحين من بني إسرائيل وعظوا أهل السبت فقال: {وَإذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 164].
وكان صلى الله عليه وسلم يعظ أصحابه فيترك ذلك أثره عليهم، ويصور لنا ذلك المعنى العرباض بن سارية رضي الله عنه فيقول: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي؛ فإنه من يعش منكم يرى اختلافاً كثيراً، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ».
وكانوا يبكون عند سماع مواعظه، فعن أنس رضي الله عنه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط قال: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً». قال: فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين.
ومن الآليات المقترحة في ذلك:
1 – توظيف خطب الجمعة، والتنسيق مع الخطباء، والاعتناء بتسجيل المواد المتميزة ونشرها.
2 – إعداد قناة خاصة على اليوتيوب لجمع المواد الوعظية المتميزة.
3 – إعداد مقاطع مرئية ومسموعة مؤثرة ونشرها على الإنترنت.
4 – التنسيق مع دعاة مؤثرين لإقامة محاضرات وإلقاء مواد وعظية مؤثرة.
2 – توظيف المكتسبات السابقة:
اتسمت المرحلة السابقة بتحقيق عدد من المكتسبات تمثل رصيداً ثرياً يمكن أن يوظف في إعادة الصحوة، ومن هذه المكتسبات التي يمكن توظيفها ما يلي:
1 – الدعاة المؤثرون جماهيرياً.
2 – المعلمون والمعلمات.
3 – المتعاونون من الشباب والفتيات في الداخل والخارج، ويمكن تفعيل عناصر عديدة منهم من خلال التواصل الإلكتروني.
3 – الاعتناء بالعمل الشبابي والطلابي:
مثّل العمل الشبابي والطلابي في المرحلة السابقة أداة مهمة لاتساع نطاق الصحوة؛ فالشباب أسرع استجابة لداعي الخير وأرق أفئدة، وكفى بسيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شاهداً على ذلك، والأمر لا يقف عند حدود هذه الأمة، فهي سنة في الأمم المسلمة، ومن ذلك ما حكاه الله سبحانه وتعالى عن أهل الكهف: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْـحَقِّ إنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى 13 وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إلَهاً لَّقَدْ قُلْنَا إذاً شَطَطاً} [الكهف: 13 – 14].
وفي حديث صهيب رضي الله عنه في قصة أصحاب الأخدود: «كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك إني قد كبرت فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر فبعث إليه غلاماً يعلمه….».
وقال تبارك وتعالى عن دعوة موسى عليه السلام: {فَمَا آمَنَ لِـمُوسَى إلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإنَّهُ لَـمِنَ الْـمُسْرِفِينَ} [يونس: 83].. قال ابن كثير رحمه الله حول هذه الآية: «يخبر تعالى أنه لم يؤمن بموسى عليه السلام مع ما جاء به من الآيات البيّنات والحجج القاطعات والبراهين الساطعات؛ إلا قليل من قوم فرعون من الذرية، وهم الشباب، على وجل وخوف منه ومن ملئه أن يردوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر؛ لأن فرعون – لعنه الله – كان جباراً عنيداً مسرفاً في التمرد والعتو، وكانت له سطوة ومهابة تخاف رعيته منه خوفاً شديداً».
ومن الوسائل المقترحة في ذلك ما يلي:
1 – إعداد تصور لمحاضن تربوية جاذبة؛ فالمحاضن التربوية اليوم تعاني ضعفاً في إقبال الشباب عليها.
2 – توسيع نطاق النشاطات الشبابية الجماهيرية التي تستهدف الشباب والفتيات الأقل تديناً ومحافظة.
4 – توسيع أوعية النشر وأدواته:
من الفروق المهمة بين المرحلة السابقة والمرحلة التي نعيشها؛ تنوع أوعية النشر، واختلاف درجة تأثيرها؛ فالشريط الإسلامي الذي كان يمثل أداة ووسيلة مهمة وفاعلة تضاءل تأثيره كثيراً، وبرزت وسائل جديدة ذات إقبال وتأثير أكثر على الشباب.
وأي جهد يخاطب الشباب يفترض فيه أن يوظف الوسائل ذات الإقبال الأكثر والتأثير الأبلغ، ومن الوسائل المقترحة في ذلك ما يلي:
1 – إنتاج روايات شيقة ومثيرة تحكي قصة الصحوة وتجربتها.
2 – إنتاج أفلام يتم الاعتناء بأفكارها وإخراجها على غرار عدد من الأفلام التي انتشرت وصار لها صدى كبير، وهناك أفلام عالمية وعربية أسهمت في إحداث تأثير وصياغة توجهات.
ويمثل الإعلام بعامة، والإعلام الجديد بخاصة بأدواته المتعددة؛ مدخلاً مهماً ينبغي استثماره وفق عمل وبرامج مخططة ومدروسة.
إنها أفكار ورؤى وخواطر حول هذا الموضوع، لا تمثل رؤية ناضجة ولا مشروعاً متكاملاً، عليها أن تكون مدخلاً لمزيد من التطوير والإثراء.
أسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أنصار دينه، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.