بقلم د. أحمد موفق زيدان – موقع المسلم
ندرك تماماً أن التآمر العالمي الذي بدأ على ثورة الشام يتجه اليوم صوب تركيا ومشروعها الحضاري، فقد ظهر أن العبء الذي حمله الشعب الشامي وهو إسقاط العصابة الطائفية كان أكبر من قدرته وإمكانياته مع هذا التآمر غير المسبوق عليه وعلى ثورته، فالحواضر الإسلامية أمثال دمشق وبغداد واسطنمبول ليست حواضر قطرية صغيرة، وأحجامها لا تقاس بجغرافيتها الحالية، ولذا فلا بد من أخذ التاريخ الضارب بجذورها، والذي يتحسب له التآمر العالمي اليوم في أن يتجدد من جديد لا سيما وأن أعماق الريف الحلبي كان ساحات مواجهة تاريخية مريرة ومديدة منذ الرومان إلى حروب الصليبيين مع السلاجقة والأيوبيين، ثم بين العثمانيين والمماليك، ولعل المسلسل الذي سعى الأتراك إلى بثه هذه الأيام أرطغرل يحمل تلك الرسائل التي نتحدث عنها…
تآمر الأميركيون على حكومة رجب طيب أردوغان منذ اليوم الأول، وسعوا إلى سرقة خيار الشعب التركي كما سعوا إلى سرقة خيار الشعب في ليبيا ومصر واليمن وسوريا وووو، ولا يزالون يصرون على سرقة تلك الجهود، ولكنهم يحاربون طواحين الهواء فكما أن جون كيندي حاول أن يفيض في منسوب القمع ضد الشعب الفيتنامي على أمل أن تكون تلك الانتفاضة آخر انتفاضات شعبية كما أخبر بذلك مستشاره الخاص أثناء محاضرة له لطلابه في جامعة أميركا يومها، أقول كما أُحبط ذلك المخطط على يد الفيتكونغ فسيُحبط بإذن الله على أيدي ثوار الشام و مجاهديها بدعم تركيا والأشقاء العرب الحقيقيين…
حاول الأتراك تدوير الزوايا السياسية فلجؤوا إلى روسيا مع انعدام الخيارات أمامهم في ظل انسداد الاستبداد العربي أمامهم وكذلك التآمر الإيراني والدولي عليهم، وفجأة نرى الاتفاق والتواطؤ الكامل بين روسيا وأميركا والعصابة الطائفية الأسدية مع إيران في تطويق تركيا وحرمانها حتى من الباب وحين سيطرت عليها بدؤوا بمضايقتها عبر تحريك أذرعهم من غلاة الكرد، لنرى إرسال مساعدات عسكرية كدبابات وعربات عسكرية وحتى جنود أميركيين، بينما كان أوباما بالأمس يقول إنه لا يريد إرسال قوات أميركية إلى سوريا، ولكن قوات من أجل ضرب الثورة ومساعدة طاغية الشام ومعادية لتركيا فهذا أمر مطلوب ومشروع بالنسبة لهم..
الجيب الكردي اليوم يجمع كل القوى الشريرة من أميركا وروسيا وإيران والعصابة الطائفية الأسدية وكذلك الدواعش المتناغمين مع المخطط الشرير في المنطقة، فهم يستميتون في القتال ضد الثوار وتركيا، وحين يقاتلون في تدمر وغيرها نرى الانسحاب الكيفي لهم ولقواتهم بعد أن استنفذ غرضه ..
إخواننا الأتراك المسألة جدية وخطيرة، ولا بد من التفكير ملياً بألاّ تصرفوا من رصيدكم الإسلامي وعاطفية الشعوب العربية والإسلامية التي تتحلون بها في بازار السياسة الدولية السرابية المعادي لكم، فالمواجهة قادمة لا محالة، وما تفعلونه هو تأخيرها وتأجيلها تماماً كما أجلتموها من قبل مع العصابة الأسدية قبل فدفعتم الثمن أضعافاً مضاعفة، ووصلتم إلى ما وصلتم إليه.