بقلم أ. عماد الدين عشماوي – خاص بالمنتدى
تراجعت الثورات في المنطقة العربية خلال السنوات الأربع الماضية، وتقدم الاستبداد من جديد، متحالفاً مع أسوأ ما تصاب به أمة: كفران بعروبتها، وتشوش في علاقتها بإسلامها، وانكفاء على قطريات لا تحقق أمناً أو أماناً، واستقواء النظم الحاكمة بغرب لطالما طمع ومازال يطمع في ثرواتنا، وتمكين لقاعدته الاستعمارية في فلسطيننا، وطائفيات بغيضة تتقاتل على الدين والعرق وتقتل على الهوية، وخلافات لا حصر لها بين الحكام والمعارضات من جهة، وبين الأنظمة العربية بعضها البعض من جهة أخرى، بل حروب ينفق فيها ما يكفي وزيادة لتحقيق الأمن للحكام والمحكومين؛ لو كان للعقل مكان في مواضع اتخاذ القرار في الحكومات والمعارضات على حد سواء.
جاءت تراجعات الثورات العربية قوية وصادمة، على مستوى حرية التعبير، وحرية الممارسة السياسية، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، وتعاظم المطالب الطائفية، والانتشار السريع للفكر الداعشي، وتسارع تفكيك الدول، وبالجملة انسداد آفاق الإصلاح والتغيير، بعد فورة حريات وفيض أحلام بحياة طيبة؛ لم تدم سوى أقل من عامين، في أمة غالب أبنائها في سن الشباب، فضربت كل الآمال والأحلام والمشروعات التي عاش بها شباب المجتمعات العربية بغد أفضل.وتركتهم ما بين يائس، ومترقب، ولامبال، وقسم قليل يقاوم متشبثاً بالأمل في تصحيح مساراتها نحو طريق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لكنه لا يعرف طريقاً واضحاً للتغيير.
لنصل إلى ما نحن فيه اليوم: أمة غير آمنة، في مشهد سياسي ثقافي واجتماعي اقتصادي يسيطر عليه الخوف ويملأه الرعب، ومشروعات هندسة حدودية واجتماعية وسياسية جارية على قدم وساق لإعادة تشكيل بلاد العرب بعد مائة عام على سايكس بيكو.
يحدث هذا كله، في ذات الوقت الذي أصبحت فيه الأمة فتية شابة ولمدة عقدين قادمين. فوفقاً لتقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2016م، يقارب الشباب ثلث سكان المنطقة، حيث تتراوح أعمار من هم بين 15 إلى 29 عاماً (أكثر من 105 ملايين شخص)، في حين يشكل الأطفال دون 15 عاماً ثلثاً آخر.
ولقد أنبأنا التاريخ، أنه عندما عندما تلم بأمة ملمة أو تشغلها قضية أو تفاجئها ثورة، أو يطرح عليها عدو تحدياً، أو تتأزم الأمور بين أبناءها لدرجة التحارب، يكون المثقف-دائماً- صوت الناس، إليه يفزعون؛ يستدعونه كرائد لا يكذب أهله: يتكلم، ويبين، ويشرح ويوضح، ويوجه وينصح، منتجاً لخطاب يطمئنهم، ويوجههم ويسندهم، ويشرعن أفعالهم، ويؤكد عقائدهم، ويقترح سبل حل مشكلاتهم الآنية ومسائلهم الأساسية، وكيفية مواجهة تحدياتهم المختلفة.
وتدلنا خبرة وعبرة القرنين الماضيين، أيضاً، كيف لعب المثقفون العرب الدور الأساسي في نهضة الأمة بشتى الطرق الممكنة، من خلال إعداد شباب الأمة للمستقبل وترقية وعيهم ولفت أنظارهم وقيادتهم لبناء وتأسيس إنشاء الجمعيات الأهلية والمؤسسات العلمية والأحزاب السياسية، ونشر التعليم وتعليم اللغات والفنون، ومحاربة الاستعمار.
لهذا يحاول هذا المقال إلقاء الضوء على الدور المطلوب من المثقف العربي فيما يتعلق بقضية الشباب العربي، اليوم، كما بينها تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2016م ، في ضوء ما تواجهه الأمة من تحديات وصعاب وجودية تعصف بكيانها، كما قام به طوال القرنين الماضيين.
المثقفون والشباب: بين الأمس واليوم
صوت المثقفين، هو الذي أعطى القوة والقدرة للشباب العربي طوال القرنين الماضيين على متابعة الطريق،فقد وجدت علاقة تلازم تاريخية بين المثقف والدعوة إلى الاستقلال الوطني والمساواة الاجتماعية، والانفتاح على المستقبل. وتربية جيل من الشباب كان نواة النهضة والتحرر طوال القرن العشرين وحتى اليوم.
فقد كان جمال الدين الأفغاني، هو الذي أخذ بيد محمد عبده ورفاقه من الشباب المصريين والعرب الذين ألتفوا حول حلقته العلمية طيلة عشر سنوات، فأخرج لنا جيلاً من الشباب المثقف، صاروا قادة للرأي في بلاد العرب في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
وتابع بعدهم المسيرة جيل: محمد رشيد رضا، وعبد العزيز جاويش، وسعد زغلول، ومحمد حسين هيكل جمال الدين القاسمي، ومحب الدين الخطيب، والعقاد، وتوفيق الحكيم، وشكيب أرسلان ومحمد بن الطاهر عاشور، وعبدالقادر المغربي، وغيرهم الكثير ، الذين أخذوا بيد الشباب حتى تحقق للأمة استقلالها السياسي، وبدأت بواكير نهوضها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.
وكانت ثلة المثقفين العرب: أحمد السويدي، أحمد بهاء الدين، الأخضر الابراهيمي، الدكتور انطوان زحلان، برهان الدجاني، الدكتور خيرالدين حسيب، الدكتور سعدون حمادي، محمد الميلي، ، منصور الكيخيا، ، وليد الخالدي ، الدكتور يوسف صايغ وغيرهم هم من بادروا بتأسيس” مركز دراسات الوحدة العربية عام 1978م، عندما استشعروا أن قضية الوحدة العربية لم تعد تحتل المكان الأول- كما كانت في السابق – في الاهتمام العربي، وبالتالي ضرورة لفت نظر الرأي العام العربي إلى ذلك. إيماناً منهم بأن دور المثقف لا يقل أهمية عن دور السياسى فى مواجهة التحديات والأزمات،ذلك المركز الذي تخرج في مدرسته وتربى على نهجه آلاف من المثقفين العرب الشباب، ومنه انطلق المؤتمر القومي –الإسلامي للتقريب بين القوميين والإسلاميين العرب.
وطوال العقود الثلاثة الماضية، كان المثقفون من مصر وسوريا والمغرب والخليج العربي، أمثال برهان غليون وأنور عبد الملك ومحمد الغزالي ومحمد السيد سعيد وياسين الحافظ ورياض سيف وأنطون مقدسي وإدوارد سعيد ويوسف القرضاوي ومحمد حسين فضل الله ومحمد مهدي شمس الدين وأحمد صدقي الدجاني ومحمد عابد الجابري، ومحمد البرادعي، ومحمد سليم العوا، عبدالله بن بية، ونادر كاظم وغيرهم كثيرون، هم الذين أبقوا شعلة المقاومة للاستبداد والفساد والركون لليأس بين الشباب. ومن بينهم كان المؤسسون للجمعية الوطنية للتغيير في مصر، وموقعو بيان المثقفين ال99 في سوريا الأسد، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وغيرها من الكيانات التي سعت للنهوض بالأمة وشبابها.
وفي لحظات ثورة الربيع العربي الحاسمة، وجدنا غالبية هؤلاء المثقفين في طليعة الصفوف في ثورات الربيع العربي–بعكس الكثير الذي قيل عن غيابهم-، وقد كان الشباب الثائر الذي رابط في الميادين، هو زرع هؤلاء المثقفين.وكانت ليالي التحرير في مصر، تحيا على وقع كلمات وأشعار أحمد فؤاد نجم، وتميم البرغوثي والأبنودي، وخطب يوسف القرضاوي وغيرهم، وهكذا كان الأمر في باقي ميادين الحرية العربية.
أين نحن اليوم؟
بعد الثورات، اكتشفنا أن الصورة التي رسمناها لمجتمعاتنا وعالمنا مغايرة تماماً، وأن القضية لها أبعاد استراتيجية أكبر مما كنا نتخيل. وأن العالم العربي في واقع الأمر يمر بمخاض هائل يفوق ثوراتنا، ويحتاج إلى ثورات شاملة على كافة المستويات قياساً بحجم الفساد الذي أظهرته الثورات. وكان الشباب في قلب هذه الاكتشافات.
فالثورات ليست مجرد هبات يقوم بها قوم مخلصون، والحكام ليسوا منقادين وحسب للمركز الأوروأمريكي، لكن مجتمعاتنا ذاتها مقيدة بسلاسل من حديد التخلف، شديدة غليظة ومتغلغلة في أعماق الواقع العربي بكافة أشكاله وتجلياته. والشباب، يحتاج الكثير والكثير من الوعي والخبرة والتماسك والرؤية،حتى يقودوا الثورات إلى نهاياتها الطبيعية.
تحولات جوهرية
لقد وقعت خلال السنوات الست الماضية، تحولات جوهرية متداخلة في المجتمعات العربية، خلقت وضعاً جديداً يواجه الشباب العربي، يتمثل أهم تحدياته في:
- الانتقال من مرحلة”الحلم والقدرة على تحقيقه” إلى مرحلة”الكابوس والبحث عن كيفية التخلص منه”.فقد تحللت بسرعة الأحزاب والروابط والتحالفات التي قامت بعد الثورة، وسقطت أبنية مجتمعية وسلطوية ما كان في مقدور أحد التنبؤ بمصيرها الذي نراه:جيوش، جماعات، مؤسسات.وليس هذا وحسب، بل انهارت الأبنية والمؤسسات والعادات وأنماط السلوك القديمة، ولم توجد بدائلها حتى الآن.
- الطلاق المعلن بين من هم في السلطة وبين شعوبهم، بدرجة لم تعهد طوال القرن الماضي كله. وأغلق المجال العام في معظم بلدان العرب بشكل يدعو للدهشة المفرطة. لدرجة أن بعض الأنظمة، ترفض حتى مجرد وجود تسويات جائرة بين الحكام والشعوب تضمن في الحد الأدنى حياة معقولة. وأصبح الأمان في كنف الغرب، أكثر ضماناً من الاعتماد على الشعوب أو على الوحدة العربية
- الانسحاب الواضح والصريح للدور الاجتماعي للدولة، مما يقوض الأسس الاجتماعية للتضامن الاجتماعي.ويفقد مفهوم”المجتمع” معناه، بوصفه الرابطة الكلية في الدولة.
استراتيجية جديدة للتعامل مع الشباب العربي
وقد لفت تقرير التنمية الإنسانية العربية، الانتباه إلى جانب كبير من هذه الحقائق، فالشباب في غالبيتهم عاينوا مباشرة، نتائج إخفاق النموذج التنموي في المنطقة على أحوالهم.ولهذا دعا التقرير، الدول العربية إلى صياغة نموذج جديد للتنمية جدير بالشباب، يهتم بثلاثة أبعاد إستراتيجية رئيسية هي:
- العمل على تعزيز قدرات الشباب الأساسية، بما يمكنهم من تحقيق أقصى إمكاناتهم.
- توسيع نطاق الفرص المتاحة للشباب، من أجل تحقيق الذات اقتصادياً، بتوفير فرص عمل واحترام حقوقهم وحرياتهم وتمكينهم من المشاركة الفاعلة.
- العمل على تحقيق السلام والأمن، وتعزيز دور الشباب في هذا الإطار لضمان جدوى البعدين السابقين.
وشدد التقرير، على أن قضايا الديمقراطية والحريات، ومفاهيم المواطنة والمساواة، هي أحد أهم العوامل الجوهرية التى تساعد فى التنمية، وأنها صارت في صلب احتياجات الشباب العربي وحقوقه التي يحرص عليها، كما لفت الأنظار إلى افتقاد الشباب لأدوات التنظيم السياسى التى تجعل من التغيير عملية متراكمة ومستمرة ومتواصلة.
فكيف يمكن للمثقفين العرب أن يسهموا في تحقيق النتائج التي خلص إليها هذا التقرير؟
مهام وأدوار جديدة للمثقف العربي مع الشباب
من المهم بداية أن يتساءل المثقفون العرب، عن الكيفية التي تغير بها هذه التحولات السابقة نطاق التحديات التي يواجهها الشباب في حياتهم نفسها، ومن ثم الكيفية التي تؤثر بها في طريقة حياتهم، من أجل استكشاف واستطلاع قدرتهم على التصدي لها، وتخطيط أنواع الخطابات التي توجه لهؤلاء الشباب التي تسهم في تنفيذ الاستراتيجية التي اقترحها تقرير التنمية الإنسانية العربية، لتمكين الشباب العربي ومواجهة التحولات العميقة التي تواجهه.
ويعتقد الباحث، أن المثقفين العرب اليوم لديهم فرصة سانحة للقيام بدور هام في تمكين الشباب العربي، من خلال تفهم هذاالجيل، ومعرفة ماذا لديه من عدة معرفية أو ما يلزمه أن تكون معه، لمواجهة تحديات اليوم والغد. ويقترح بناء على فهم هذه التحولات وفي ضوء معالم الاستراتيجية المقترحة ما يلي:
أن يبدأ المثقفون العرب، في معالجتهم لقضايا الشباب ومخاطبتهم بكافة السبل المتاحة اليوم، من المتفق عليه وما لا يمكن دحضه، وهو :
- نحن عرب مسلمون، وسنظل عرباً مسلمين، فعصب هذه المنطقة كان وسيظل هما الإسلام والعروبة عند العالمين العارفين والعوام الطيبين من أبناء الأمة على حد سواء، من مختلف توجهاتهم ودياناتهم وأعراقهم.ودور كل مثقف عربي اليوم، تحويل الإسلام والقومية العربية من فكرتين يحيط بهما الغموض والتشويش، أو مجرد روابط عاطفية، لا ترقى لكونها أسس لقيام وحدة عربية، أو غير ذات موضوع على الإطلاق، كما يحاول كثيرون بأفعالهم وأقوالهم في الحكم والمعارضات، لتعود لهما مكانتهما بين أبناء وطننا العربي الكبير.
- إعادة بناء الإجماع العربي على قضايا الرئيسية بعد أن تساقط هذا الإجماع: فلسطين العروبة، المواطنة الكاملة للجميع، الانغراس في العالم دون الذوبان فيه، الحكم الرشيد.
- معالجة أزمة غياب المعنى عند شبابنا العربي اليوم، الناتجة عن تراجعات الثورات وتخبطات التيارات السياسية وتغول الأنظمة الحاكمة وتكالب القوى الطامعة، ومقاومة اختفاء الأمل بإعادة بناء صورة الواقع مستعينين بالتاريخ العربي والعالمي، وتوظيفه في الصراع بشكل إيجابي لصالح الأمل، بدلاً من استغلال المولعين ببث اليأس القتال لتلك الحالة، لصالح الواقع المزري والمستفيدين منه.
- مقاومة عملية التقويض من الداخل، التي يقوم بها الإعلام الاستهلاكي المهادن للاستبداد والفساد، لتفكيك نسيج المجتمع العربي، عبر بث كل ما يحبط الشباب، أو يشوش قيمه وعاداته العربية ويخلق نماذج شائهة من الحياة والتطلعات الزائفة، وذلك من خلال بث صورة حقيقية للواقع مبشرة بالأمل القائم على العمل، المستند لمكامن القوة في مجتمعاتنا-وفي مقدمتها الشباب- وخلاصة العبرة من التاريخ التي تؤيد إمكانية العبور نحو مستقبل أفضل لأمتنا.
مؤسسة جديدة للشباب العربي
تتوزع اليوم، مئات المواقع الإلكترونية، والمنتديات الفكرية والثقافية، ومراكز الأبحاث والدراسات، التي يقودها مثقفون عرب، ونرى أموالاً طائلة تنفق على حروب خاسرة في الإعلام بين الحكومات والمعارضات، تكفي تماماً لبدء إحياء عربي حقيقي يقوده المثقفون لإعداد شبابنا العربي لتحديات الحاضر ومهام المستقبل. فلماذا لا تتوافق مجموعة من هذه المؤسسات والمراكز والمحطات الفضائية، على خطة لبث الأمل والثقة في نفوس الشباب العربي لبناء مؤسسة”الوحدة العربية الثقافية” التي لا تهدف سوى لبث الأمل في نفوس الشباب، ووضع الخطط وتبني الأفكار والمواهب الشابة في كافة المجالات، وتدريب شباب العرب على إدارة مستقبلهم.
مؤسسة ثقافية عربية، لا يقودها سياسي مهما بلغ نقاؤه، ولا حاكم مهما بلغت استقامته وزدادت شعبيته، ولكن يقودها مثقفون عرب يؤمنون بوحدة العرب، وأن عروبتهم أساس وجودهم واستمرارهم، يضعون فيها خلاصة خبراتهم دليلاً لعمل ثقافي سياسي عربي يمكن لشبابنا يتجاوز سلبيات الأمس.
وتكون مهام هذه المؤسسة:
- العمل على تعزيز قدرات الشباب الأساسية في المجال الثقافي، بما يمكنهم من تحقيق أقصى إمكاناتهم، وتوسيع نطاق الفرص المتاحة لهم في هذا المجال، خلقاً لجيل جديد من المثقفين العرب المنغمسين في قضايا مجتمعاتهم المحلية، المطلعين على تطورات قريتهم الكونية، القادرين على بث ثقافة الأمل والعمل للتغيير بين أهليهم في قرى ونجوع وحارات الوطن العربي.
- العمل على نشر ثقافة السماحة والتسامح ونبذ العنف بين الشباب العربي، وتوعيتهم بمخاطر الطائفية والتحزبات المتعصبة لرأي واحد أو معتقد واحد أو لشخص واحد.
- العمل على قضايا الديمقراطية والحريات، ومفاهيم المواطنة والمساواة، لتكون هي مكونات عقول وقلوب شبابنا العربي في ممارسته السياسية في ساحات العمل السياسي، لإخراج أجيال مبرأة من آفات أجيال الاستبداد والاستعباد والعنف والتعذيب، التي شوهت الممارسات السياسية العربية، وأحالت السياسة لمستنقع من الأمراض يعج بالمرضى النفسيين من كل شكل ولون.
- نقل خبرات المثقفين النظرية والعملية، المكتسبة من تجاربهم المحلية أو المنقولة عن التجارب العالمية في العمل الثقافي والسياسي للشباب، والتي تسهل عملية التغيير، وتفتح آفاقاً مبتكرة بأدوات وممارسات جديدة للعمل السياسي والثقافي الجاد والإيجابي، وتمدهم بالمواد العلمية والخبرات المطلوبة وإعداد الكوادر الثقافية والسياسية والمجتمعية الشابة لأداء دورها في كل قطر عربي.
- خلق نسيج فكري وثقافي، من خلال مناهج ثقافية مبتكرة يمكن أن تكون في متناول الشباب العربي إالكترونياً، أو عبر لقاءات حية في قاعات دراسية حسب المتاح، يربط بين الشباب العربي، ويساعدهم على صياغة رؤية شمولية لواقع ومستقبل مجتمعاتهم العربية قائم على الابتكار والإبداع والتجديد ووحدة المصير.
خاتمة
يظل الاتجاه الحقيقي للتاريخ غير معروف تماماً، سوى للمنجمين والدجالين، ومثبطي الهمم، وسوس الأمم وتجار وسماسرة أو طلائع الاستعمار ودعائم الاستبداد.وحسب كل عربي مؤمن بعروبته وإسلامه، أن نذكره ببعض العلامات الأبرز على ذلك في زماننا: فتحت الضغط الهائل للأنظمة القمعية ولد الربيع العربي. وهذا الشباب الذي كانت التقارير تصفه بأنه خزان غضب موقوت أو عبء اقتصادي، صار”مفجرا للثورات”، وعاد للعروبة رونقها بين عشية وضحاها في ميادين الحرية.
فلا يمكن لقارىء حقيقي للتاريخ، ومتابع واع لنفوس الأجيال الجديدة من العرب، أن يتكهن أية نتيجة يمكن أن ينتهي إليها وضع الضياع الحالي، فلحظتنا الراهنة في ضوء أحداث الماضي واستشراف المستقبل مفتوحة على كل الاحتمالات، فيمكن للبعض أن يقول أن منطقتنا تدخل الآن في شتاء عاصف طويل، وعلينا أن نعزي أنفسنا في عروبتنا ومستقبلنا، وأننا قد وقعنا في ربع التفتت والطائفية الخراب.
لكن على الضفة الأخرى، حيث يسكن الأمل في سجلات التاريخ، صوت عاقل يقول لنا: إن السنوات القادمة، ولاشك، تحمل من تباشير الخير لأمتنا الكثير، فمد الحرية، الذي بدأ يعلو منذ سنوات ست مضت؛ ولم يبلغ مداه بعد ليذهب بالزبد الذي ران على سطح المشهد السياسي، مستمر لم يزده الاستبداد إلا إصراراً على تجاوز الفشل والتخبط الذي رافقه، وسيحمل في الأجل القريب تباشير ربيع يكشف قساوة هذا الشتاء الكالح، إن قام المثقفون العرب بواجب الوقت في إقناع الشباب العربي بالتمسك بثوابتنا وركزوا دعائمها في قلوبهم وعقولهم، وأمدوهم بأدوات العمل، حتى يقدروا على مقاومة كل رياح السموم القطرية والاستعمارية والطائفية والاستبدادية.
فهل آن الأوان، لأن يؤدي هذا الهوان والتراجع، لأن يعيد المثقفون العرب تغيير استراتيجيات تعاملهم مع شبابنا العربي، ويقومون بدورهم بما يؤدي إلى بزوغ ثقافة جديدة بين هؤلاء الشباب تدعو لقومية عربية جديدة متصالحة مع إسلامها، تكون فلسطين مركزيتها، ووحدة العرب ووحدة مصيرهم هدفها وشعارها، كما قام به سلفهم السابق في القرنين الماضيين؟