مقالاتمقالات مختارة

أمتنا الإسلامية.. هل نحن اليوم أمام مشكلة حضارية؟

أمتنا الإسلامية.. هل نحن اليوم أمام مشكلة حضارية؟

بقلم د. محمد العبدة

يعود السؤال دائماً: لماذا يتقن الآخرون أعمالهم ونحن لا نفعل ذلك؟ لماذا يستفيدون من الوقت أكثر مما نستفيد؟ لماذا ينتفعون من المال أكثر مما ننتفع؟ إلى آخر الأسئلة الكثيرة التي تنمُّ عن القلق من واقعنا والبحث عن إجابات لهذه الأسئلة. هل هي مشكلة حضارية، وهل نحن من بقايا حضارة الإسلام كما يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي، أي أننا بحاجة إلى إقلاع حضاري من جديد.

إنّ تعريف الحضارة ربّما يساعد ويلقي نوعاً من الضوء على المشكلة، هناك وجهات نظر مختلفة حول تعريف الحضارة، فابن خلدون يراها “التفنن في الترف واستجادة أحواله، والكلف بالصنائع التي تؤنِّق من صنوفه” أي أن التحضر عنده ينحصر في المتع الحسية والأشياء المادية، وهذا بنظره مؤذن بنهاية الدولة، ويفرق الرئيس علي عزت بيجوفيتش بين الثقافة والحضارة “فالثقافة هي الفن الذي يكون به الإنسان إنساناً، والحضارة هي فن العمل والسيطرة وصناعة الأشياء، وهي استمرار للتقدم التقني لا الروحي، وإنها تعبير عن الضرورة، أما الثقافة فهي تعبير عن حرية الإنسان[1]“.

ويرى الشيخ صبحي الصالح أنّ الحضارة هي تراث أُمة تراكم في الماضي ويتجدد، ويزيده التتابع الحضاري نماء على نماء، وهي أشمل من المدنية، فكل مدنية حضارة، وكل عمران حضارة. المدنية نظام دولة تتمثل في السياسة والاقتصاد والتقنية على حين تتمثل الحضارة في الفنون والآداب والديانات والأخلاق، المدنية هي ما نستعمل والحضارة هي ما نحن[2]“. ويعرّفها آخرون “بأنها جملة المنجزات البشرية التي تنتجها جماعة مدنية في حقول المعرفة والعلم والإبداع وطريقة الحياة وفق نظرة شاملة إلى الكون[3]“.

هذا مثال للاختلاف حول تعريفها، وسأختار التعريف التالي: “الحضارة ليست هي منتجاتها الثقافية والعلمية والصناعية بل هي السر الذي يعمل في ايجاد تلك المنتجات واستنباتها وإخراجها على الأرض، هي سر الحبة التي تنبت الدوحة، والذرة التي تقوم بها المادة، هي الروح التي يقوم عليها النظام والتدبير[4]“. وهي البذرة التي تحدد خصائص حضارة وتميزها عن غيرها من الثقافات والحضارات[5].

ما هي هذه الحبة التي تنبت الدَّوْحة؟ إنها الفكرة التي تطبع مجتمع ما في دفعة يدخل بها التحضر ويدخل بها التاريخ، فالحضارة الغربية لا تكمن قوتها في اقتصادها وأسلحتها فهذا هو المظهر الخارجي للأشياء، وإنما تكمن في المنهج التجريبي في التفكير الذي ورثته عن (بيكون) وورثه بيكون عن الحضارة الإسلامية في الأندلس[6]. وفي الحضارة الإسلامية هي (إقرأ) التي بدأ بها التنزيل الإلاهي هذا التنزيل الذي كوّن الفرد تكويناً إيمانياَ يسري منه إلى كل ما انبثق عن تلك العقيدة من مظاهر عمرانية في البناء الفكري والسلوكي إلى نمط الأبعاد المادية في الحياة ونمط العلاقة مع الكون وما سخَّره الله سبحانه وتعالى للإنسان، هذا التكون الديني الذي ينظم الطاقة الحيوية للأفراد ويصل بشبكة العلاقات الاجتماعية إلى قمتها، وهذا البناء هو الذي يصلح به الإنسان ليقوم على عمارة الأرض التي هي من أغراض الخلق (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (الملك / 2).

الحضارة الإسلامية التي آتت أكلها في كل أنواع العلوم بدأت بـ (اقرأ) وترسخت عقيدة وشريعة وأخلاقاً، هو عصر جديد حيث طلب من الإنسان أن يفكر ويتدبر، “وإذا كانت كل الحضارات نشأت رويداً رويداً من تراث الماضي، واستغرقت في تبلورها حتى وصلت إلى شكلها الخاص آماداً من الزمن فإنّ حضارة الإسلام وحدها ظهرت دون سابق عهد، قامت في مجتمع واضح المعالم، له نظامه التشريعي الكامل، وله نظرته الخاصة إلى الحياة[7]” وهي حضارة تتجدد لأن أساسها الدين كما قال شاعرنا إقبال:

أمة الإسلام تأبى الأجلا                    أصلها الميثاق في قالوا: بلى

لقد فقه عمر رضي الله عنه هذا الدين وما يريد من البشر في هذه الحياة الدنيا، قام رضي الله عنه بإنجازات حضارية كبيرة، وقد تعلم الدرس من الرسول صلى الله عليه وسلم الذي حوَّل يثرب التي كانت تجمع واحات على أسس قبلية إلى (مدينة) وبنى المسجد وهو مركزها، وكان صلى الله عليه وسلم ينهى من يستقر في المدينة أن يعود إلى البداوة، لأن الحضارة مرتبطة بالاستقرار والعلم، ومن إنجازات عمر رضي الله عنه التي تنمُّ عن فقه عميق لغايات الإسلام أنه هو الذي أمر ببناء المدن وتخطيطها في العراق والشام ومصر أثناء الفتوحات، وما تزال باقية إلى اليوم.

فهو أبو المدن كما يعبر المؤرخ شاكر مصطفى، وقد حارب عمر كل مظاهر الترف في البناء حتى لا تنفق الأموال في غير محلها وهو الذي يهتم بالأمور الصحية للمسلمين، وعندما رأى وجوه بعض الذين رجعوا من فتوح العراق لم يعجبه ذلك وأمر ببناء المدن بعيداً عن المستنقعات، كما اهتم بالبنية التحتية كما يُقال اليوم فأمر بحفر قناة تصل نهر النيل بالبحر الأحمر، وذلك لنقل البضائع من مصر إلى الحجاز، وسميت هذه القناة بــ خليج أمير المؤمنين، وهو رضي الله عنه يهتم بالوقت وتنظيمه، ولذلك استشار الصحابة في وضع تأريخ لتنظيم أمور المسلمين في معاملاتهم وغيرها، فكان الاتفاق على بداية التأريخ من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

حين يكون الإنسان في حالة حضارة فإنه يعشق العلم ويخاطر ويذهب برحلات طويلة في سبيل الحصول عليه، ويستكشف ويبحث ويتأمل العالم

في مثل هذه الأجواء التي عاش فيها عمر رضي الله عنه تصبح طاقة الإنسان أضعافاً مضاعفة لأنه جو مفعم بالانطلاق نحو التشييد والبناء، وفي مثل هذا الجو تذهب الأنانية والحسد، وقد بنى المسلمون المسجد النبوي وهم في فرح غامر، والرسول صلى الله عليه وسلم يشاركهم في هذا البناء، ذلك لأنهم يشعرون أنهم يبنون دولة وأنهم أمة تحمل رسالة للعالمين.

حين يكون الإنسان في حالة حضارة فإنه يعشق العلم ويخاطر ويذهب برحلات طويلة في سبيل الحصول عليه، ويستكشف ويبحث ويتأمل العالم، وفي حضارتنا الإسلامية جاب علماء ومؤرخون وجغرافيون العالم الإسلامي كله ليفيدوا ويستفيدوا ويقدموا لنا صورة صادقة عن أحوال المسلمين، لقد بذلوا حياتهم في سبيل أن يقدموا علماً نافعاً. التحضر هو تطهير للإنسان من مظاهر الارتجال والفوضى. حتى تنتظم علاقاته ومعاملاته الحياتية ضمن أطر ونظم وشرائع، وقد جعل الإسلام الكتابة أساساً في التعامل حتى لا يكون خلاف وكل يأخذ حقه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ….) (البقرة / 282).

واقعنا اليوم:

الحضارة تعني عمران الأرض بالغايات التي خلق الإنسان من أجلها، وسخَّر الله له كل ما ينتفع به ويتقدم في حياته، هذه الحضارة التي زهت في دمشق وبغداد وقرطبة هل المسلمون اليوم لهم سلطان كامل على الفكر والعلم وهل يملكون من أسباب القوة لتحقيق هذا الهدف؟ وهل يستفيدون من الوقت والمال كما يجب؟ أي: هل نحن اليوم في مشكلة حضارية؟

الوقت أو الزمن جزء مهم جداً لإنجاز حضاري، ولكن الواقع أنه يضيع في بيروقراطية قاتلة يتلذذ فيها الموظف في الدوائر الرسمية بتأخير الإجراءات المطلوبة، والمواعيد غير المنضبطة التي تنمُّ عن استهتار بالوقت وعدم إعطائه الأهمية. وتقول الإحصاءات أن معدل زمن العمل الحقيقي للموظف في العالم العربي ساعة في اليوم وهو يتعدى عشر ساعات في بلاد أخرى.

المسلمون يقرأون القرآن وهو يدعوهم إلى التنبه لأهمية الوقت، وقد أقسم الله سبحانه بأجزاء من اليوم: الليل، الفجر، الضحى، العصر وإنّ عبادة عظيمة مثل الصلاة لها أوقات محددة يجب أن يتعلم المسلمون منها ضبط الوقت واحترامه ” والزمن نهر يعبر العالم، يمر خلال المدن يغذي نشاطها، وهو يتدفق على السواء في أرض كل شعب، ولكنه في مجال ٍ ما يصير ثروة، وفي مجال آخر يتحول عدماً، ولكنه نهرٌ صامت حتى أننا ننساه أحياناً[8].

المال جزء آخر له أهميته وقيمته إذا وضع في موضعه الصحيح، وحتى ينتفع به أكبر عدد من الناس ويتحول إلى مشاريع نهضوية ومؤسسات عامة، وإلى حياة كريمة للناس، ولكن في حالة التخلف تهدر الأموال في استهلاك الكماليات، بل في الاستهلاك لمجرد الاستهلاك وتهدر الأموال في التطاول في البنيان والإسراف في امتلاك الأشياء التي لا ضرورة لها، ويستولي حب المظاهر وعبادتها كما جاء في الحديث النبوي (تعس عبد الدينار تعس عبد القطيفة ….) وفي حالة التخلف تنفق الأموال على الفن الهابط ولا تنفق على البحث العلمي أو على العلماء وأصحاب الاختصاص، ويتخذ الكرم مظهراً فردياً سعياً وراء الجاه والمدح وقضاء المصالح الخاصة، ولا ينفق في الصالح العام.

في حالة (الإقلاع الحضاري) تذهب أخلاق الأثرة والكلف بالأشياء التافهة، ويتعود الإنسان على العمل التعاوني وعلى التلاحم المجتمعي، ولكن في حالة التخلف يصعب تكوين (فريق عمل) واحد، ولا يلتقي الناس على صعيد واحد لبحث مشاكلهم وإيجاد الحلول لها، وإنما يلجأ كل واحد لحل مشكلته بنفسه وعلى طريقته الخاصة سواء بطرق صحيحة أو بالتحايل والمخادعة والرشوة لأهل المناصب، وهكذا نرى كل فرد يريد الوصول إلى مبتغاه ولا يهتم بالآخرين . وفي هذه الأجواء لا تكفي النية الحسنة، ولا يكفي أن يمتلك الفرد ذاكرة تحفظ كل الكتب ولكنه لا يستطيع استخدام الوقت واستخدام الأشياء التي بين يديه، هو لا يمتلك الفعالية ليكون منتجاً وإيجابياً.

في حالة التخلف يبدأ تقليد الآخر وفي أمور تفقد معها الأمة هويتها كما جاء في الحديث (لتتبعن سنن من كان قبلكم حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه….) ويتحول الناس إلى هتافين للزعيم الدجال المخادع، وتأسرهم الخطب الرنّانة والكلمة الخلّابة والشعر المدّاح، وتتحول الأحزاب إلى أصنام عوضاً عن أن تكون للمصلحة العامة، ويصبح من غايات العلم الحصول على (الشهادة) التي يريد منها الشهرة والتعالي على الآخرين. ويصبح الاهتمام بالكم لا بالكيف، فليس المهم مثلاً موضوع الكتاب وهل هو مفيد أم لا؟ ولكن الاهتمام بعدد صفحاته وهكذا توزن الأمور بالعدد الكبير وإن كان غثاء.

هل تُستورد الحضارة؟

إذا كانت الحضارة هي التي تأتي بمنتجاتها فإن تكديس منتجات حضارة أخرى لا يعني أننا سلكنا الطريق الصحيح لبناء حضارة، فالذي يشتري الآلات لا يعني أنه قد ملك التكنولوجيا، بل لا بد أن نتبين المنهج العلمي والمناخ العلمي الذي كان وراء هذه التقنية، نبحث عن الأساس الذي أوجد هذه الآلات والمكتشفات، إن المخترعات المادية لا تعتبر بذاتها توجهاً حضارياً، ولكن الحضارة هي الأصول التي قامت عليها هذه المخترعات.

فالنهضة الفكرية التي بدأت في أوروبا في العصر الحديث هي التي أتاحت الفرصة للبحث والتفكير والاستفادة من الوقت ومما سخره الله سبحانه للإنسان كما أن المناخ العلمي الذي أوجده القرآن الكريم وبه فتح آفاق العقول لتبحث وتتعلم، هذا المناخ الذي ظهر فيه كبار العلماء والأطباء والمهندسين والمؤرخين، وفي غياب المناخ العلمي والتكون العلمي لا تظهر آثار الحضارة ” لقد نقل تيمورلنك إلى عاصمته (سمرقند) كل المهرة من الصّناع وكل أهل الخبرة الذين عثر عليهم في البلدان التي احتلها ودمرها، ولكن هؤلاء خيبوا ظنه، فلم ينتجوا حضارة هناك، ولم يبدعوا شيئاً، وكل ما فعلوه هو أن جاءهم قدر الموت هناك[9]“.

 كل حضارة لها روحها وقيمها، والحضارة الإسلامية تتفوق على الحضارات الأخرى لأن أساسها القرآن الكريم أساسها رباني، وكثير من الحضارات هي حضارات وثنية

إنّ الاستيراد والتقليد السطحي هو الذي جعل بعض البلاد الصحراوية تجتاحها موجة (الاسمنت) في البناء مع أنه جاذب للسخونة، فيزيد الأمر سوءاً، ولم يفكر أهلها في استعمال المواد المناسبة للمناخ، والغريب أن المقلِّد يتبع الآخرين في الأمور التافهة ولا يقلدهم في الأمور النافعة، وإن الاعتماد على الاستيراد دون إيجاد المناخ العلمي هو كمن يقوم بصبغ بيته المتهدم بلون الحضارة الغربية ويظن أنه تحضّر، وهكذا لا يعني أن نبدأ من الصفر، ولا يعني أن نستورد أحدث التقنيات لنستفيد منها، ولكن هذه التقنيات الحديثة لا بد لها من علم يحوطها ومعرفة في كيفية الاستفادة منها.

إن كل حضارة لها روحها وقيمها، والحضارة الإسلامية تتفوق على الحضارات الأخرى لأن أساسها القرآن الكريم أساسها رباني، وكثير من الحضارات هي حضارات وثنية، فهل نستورد الحضارة الغربية مثلاً وهي على ما قدمته للبشرية من علم ومخترعات ولكنها حضارة عاتية باغية استخدمت علومها ومخترعاتها للهيمنة على الشعوب الأخرى، بل وإبادة بعضها. أم نستورد حضارة الصين الوثنية، هذا ليس من طبائع الأشياء. فالإسلام هو الحضارة بعقيدته وشريعته وأخلاقه. لقد أهلك الله حضارات بادت مثل قوم عاد وثمود وقوم فرعون، لأنها حضارات عصيان وفساد، يقول شاعر الألمان (جوته) “إنّ عصراً تسود فيه الآلية البحتة، وتسيطر عليه الاتجاهات اللادينية لهو عصر تدهور وانحلال[10]“.

فالعبرة بالحضارة التي هي أنفع للبشر، والتي تيسر لهم سبل الأمن والاستقرار النفسي والاجتماعي وليس ذلك إلا للإسلام. “فرغيف الخبز مثلاً أنفع للبشر من الوصول إلى القمر، والصاروخ الذي دفع مركبة القمر هو الصاروخ الذي يعبر القارات ويقضي على ألوف الناس[11]“. إنه عندما يتم التطبيق الحقيقي للإسلام، ويسير الإنسان حسب سنن الله سبحانه في هذه الحياة الدنيا، في تلك اللحظة يبدأ المجتمع في التخلي عن تخلفه ويدخل في مجال (حضارة).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهامش:

[1] الإسلام بين الشرق الغرب / 108.

[2] الإسلام ومستقبل الحضارة / 21.

[3] فهمي جدعان : رياح العصر / 100.

[4] محمود محمد شاكر : جمهرة المقالات 1 / 201.

[5] مالك بن نبي : مشكلة الأفكار / 41.

[6] وهذا مؤكد وقد اعترف الغربيون به أخيراً

[7] الإسلام والتحدي الحضاري، منشورات دار الكاتب العربي ــ دون تاريخ، وفيه مقال للمسلم النمساوي محمد أسد / 19.

[8] مالك بن نبي : شروط النهضة / 139.

[9] تراث الإنسانية م3 /848.

[10] أحمد محمود صبحي : في فلسفة التاريخ / 256.

[11] حسين مؤنس : الحضارة.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى