أعوان الظالمين بين خياطة الثياب وخياطة الفتوى
بقلم أ. د. فؤاد البنا
تروي كتب التأريخ بأن خياطا جاء إلى الإمام سفيان الثوري فقال له: إني رجل أخيط ثياب السلطان هل أكون من أعوان الظلمة؟
فقال له سفيان: بل أنت من الظلمة أنفسهم، ولكن أعوان الظلمة من يبيع لك الإبرة والخيوط.
وليت سفيان الثوري يأتي ليرى ما يحدث في زماننا الأغبر، فجبابرة اليوم لا يساوون أقدام ظالمي الأمس في أي وجه من أوجه المقارنة، ثم إن هناك من بطانة الظالمين من هم أقبح بكثير ممن (يخيط) للظالم ثيابه، وهم ممن يَلبسون عمائم العلماء ويُلبّسون على الناس، حيث لا يتورعون عن (تخييط الفتاوى) للجبارين المفسدين على مقاسهم وبحسب مطلوبهم، لدرجة أن بعضهم أحلوا لهم دماء من ينتقد انحرافهم وفسادهم ومن ينصحهم ويراجعهم، ومن هؤلاء أيضا دهاقنة الثقافة والإعلام من يسحرون أعين الناس بكتاباتهم المبهرجة، مظهرين حكام الجور في ثياب عمر بن الخطاب!
ومما يزيدنا ألماً من هؤلاء وأولئك أنهم لم يتوقفوا عن اقتراف هذا العمل القبيح، حتى وهم يرون حكام الظلم يتآمرون مع أئمة الكفر والضلال ضد شعب الرباط في أرض العزة، وفي الحد الأدنى يمارسون خذلانهم ويمنعون شعوبهم من مد أيدي المساعدة لهم في ذات الوقت الذي تتكالب فيه بلدان كبرى على هذه المنطقة الصغيرة والمحاصرة منذ عقود!