يتعرض أطفال المسلمين في الفترة الأخيرة لمخاطر جمة في العديد من الدول جراء الحروب والظروف الصعبة التي يواجهونها وحتى الآن لا توجد حلول حاسمة للأزمات المتلاحقة التي تعصف بهم رغم معرفة المؤسسات الدولية التامة بملابسات هذه المخاطر وأبعادها..
ففي الصومال تقول الأمم المتحدة: إن أكثر من 50 ألف طفل في الصومال “يواجهون الموت” بسبب الجفاف المتواصل هناك..وأصدر مكتب الإغاثة الإنسانية التابع للأمم المتحدة تحذيرا شديدا قال فيه: إن الوضع فيما يتعلق بسوء التغذية “ينذر بالخطر”…
وأضاف أن نحو مليون صومالي” بالكاد يوفرون احتياجاتهم الغذائية”.. واعترف رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري، بأن تأثير الجفاف بلغ ذروته بمناطق عدة في البلاد, وأن خطر المجاعة بات يتهدد نصف الشعب الصومالي…ومما يزيد الوضع تعقيدا ويقرب الصومال من مجاعة وشيكة، تباطؤ العالم في التجاوب السريع مع الأزمة حيث جمعت حتى الآن 75 مليون دولار من أصل 864 مليون دولار طلبت الأمم المتحدة توفيرها لمواجهة الأزمة الإنسانية المترتبة على موجة الجفاف…
أما في ميانمار التي تشهد منذ سنوات انتهاكات ضخمة ضد المسلمين من قبل الحكومة والجماعات البوذية؛ فقد طالبت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) بالتحقيق الواسع في الانتهاكات التي تعرض لها الأطفال المسلمون في ميانمار ورصدها تقرير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان…وأعربت المنظمة في بيان عن بالغ قلقها إزاء ما تضمنه تقرير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من انتهاكات قاسية بحق الأطفال المسلمين في ميانمار مشددة على ضرورة ملاحقة مرتكبي تلك الانتهاكات وتمكين الضحايا من الدعم النفسي والمعنوي والصحي…وأضافت أن الانتهاكات الصارخة والجسيمة التي يتعرض لها الأطفال في إقليم (أراكان) ذي الأغلبية المسلمة شمال ميانمار غير مقبولة على الإطلاق إذ من حق كل طفل كسب الحماية بغض النظر عن انتمائه الديني أو العرقي….
وفي اليمن التي يشهد حربا ضد الانقلابيين الحوثيين وأنصار المخلوع صالح, أوقفت جماعة (الحوثيين)، أنشطة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في مناطق سيطرة مسلحيها إلى أجل غير مسمى، وقال المتحدث باسم منظمة اليونيسيف في اليمن محمد الأسعدي إن معدلات سوء التغذية ارتفعت في البلاد بنسبة 200% مطلع 2017 مقارنة بمطلع 2014، “وهذا يعني أن مزيدا من الأطفال عرضة لخطر الموت بزيادة عشرة أضعاف مقارنة بالطفل السوي، ما لم تتم معالجته في الوقت المناسب”…وأضاف أن ما يقرب من نصف مليون طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم في اليمن، “وهؤلاء الأطفال إن عاشوا سيكون وزنهم أقل وبنيتهم البدنية وقدراتهم الذهنية والإدراكية أضعف من الأطفال الطبيعيين”…وأشار الأسعدي إلى أن المعوقات كثيرة لا تقتصر على محدودية التمويل، بل أيضا مرتبطة بتدهور الوضع الصحي، وتوقف عمل نحو نصف المرافق الصحية، وعدم دفع رواتب العاملين الصحيين، واستمرار الصراع والمواجهات المسلحة، وعرقلة وصول المساعدات الغذائية للمحتاجين في بعض المناطق…
أما في سوريا فقد أشارت هيئة إنقاذ الطفولة الخيرية الدولية، إلى أن 6 أعوام من العنف وإراقة الدماء أدت إلى أزمة في الصحة العقلية بين أطفال سوريا سيستمر تأثيرها لعشرات السنين…وخلصت الهيئة في تقرير وصفته بأنه أكبر مسح للصحة العقلية داخل سوريا أثناء الحرب إن الأطفال هناك يعانون على نحو متزايد من الخوف أو الغضب..وأضافت أن معظم الأطفال، الذين عانى ثلثاهم من فقدان قريب أو تعرضت منازلهم للقصف أو أصيبوا ظهرت عليهم أعراض اضطراب شديد في المشاعر ويفتقرون إلى الدعم النفسي فيما “يكافح الآباء أنفسهم للتكيف”…وقالت هيئة إنقاذ الطفولة: إن الأطفال “رأوا أصدقاءهم وعائلاتهم يموتون أمام أعينهم أو يدفنون تحت أنقاض بيوتهم… هؤلاء هم الجيل القادم الذي سيتعين عليه إعادة بناء بلده المدمر”….
أما الحرب المتواصلة في مدينة الموصل العراقية فقد أدت إلى تداعيات خطيرة على السكان بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص فقد ذكرت منظمة “أنقذوا الأطفال” الدولية أن نحو 350 ألف طفل عالقون بالقسم الغربي من مدينة الموصل…وحذرت من أن عمليات القصف في شوارع المنطقة الضيقة والمكتظة بالسكان قد “تكون أكثر دموية من كل ما عرفناه حتى الآن في هذا النزاع”….
والأمر لا يقتصر على الأطفال في مناطق القتال والنزاع بل تجاوز ذلك إلى الدول التي يلجأ إليها هؤلاء الأطفال للبحث عن الأمان فقد طالب البرلمان الأوروبي، باتخاذ مزيد من التدابير للحد من ظاهرة اختطاف أطفال اللاجئين غير المصحوبين…
وجاء هذا المطلب خلال نقاش النواب مع المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة و اللجوء، ديميتريس افراموبولوس، بشأن تنامي عدد حالات اختفاء الأطفال المهاجرين في أوروبا، واستعرض النواب خلال الجلسة، السبل الكفيلة بتسهيل تتبع الأطفال الوافدين إلى أوروبا، من خلال التقاط صور لهم وأخذ بصمات أصابعهم…وأكدوا ضرورة قطع الطريق أمام العصابات الإجرامية التي تستغل الأطفال جنسيا أو إجبارهم على التسول أو ارتكاب الجرائم…ونقلا عن إحصائيات يوروبول (جهاز الشرطة الأوروربية)، قال النواب خلال الجلسة: إن حوالي 10 آلاف طفل لاجئ غير مصحوبين فقدوا خلال 2016، إثر وصولهم إلى أوروبا..
هذا قليل من كثير مما يتعرض له أطفال المسلمين في بعض الدول في ظل جهود دولية ضعيفة من أجل إنقاذهم وتزايد الأزمات التي تلاحقهم واكتفاء عدد كبير من الدول الإسلامية بالشجب والاستنكار دون اتخاذ خطوات حقيقية لمساعدتهم.