أصبحت “السجينة النموذجية”.. أويغورية تروي فظاعة معسكرات الاحتجاز الصينية
لم تكن غلبهار هايتيواجي، تدرك المصير الذي ينتظرها وما تخطط له السلطات الصينية عندما استدعتها في نوفمبر 2016 لتوقيع وثائق تتعلق بتقاعدها من العمل كمهندسة في شركة نفط.
وكانت هايتيواجي، التي تنتمي إلى أقلية الأويغور العرقية في مقاطعة شينجيانغ، قد غادرت البلاد إلى فرنسا قبل 10 سنوات، لكنها لا تزال تحمل جواز سفر صيني، بحسب تقرير لشبكة “أيه بي سي” الأميركية.
حاولت هايتيواجي، إصدار توكيل رسمي لأحد أقاربها للتعامل مع الأمر، لكنها لم تفلح، فقررت السفر في نهاية نفس الشهر، لتواجه اتهامات بالإرهاب وتقضي ثلاث سنوات في “معسكرات إعادة التأهيل” سيئة السمعة.
ولا تزال هايتيواجي، 54 عاما، التي تم استدراجها للعودة إلى البلاد بذرائع وهمية، تتساءل عن سبب استهدافها.
أثناء التحقيق معها، عرضت عليها السلطات صورة لابنتها في احتجاج قام به الأويغور في المنفى في باريس.
وفي محاكمتها سئلت عن نشاط ابنتها، وقرارها بمغادرة الصين إلى فرنسا، بحسب هايتيواجي.
وتوضح “تم اتهامي بأني إرهابية، ولم يكن هناك محامون، فقط حراس بقوا بجانبنا دون السماح لنا بالتحدث”، مشيرة إلى أن المحاكمة انتهت خلال أقل من عشر دقائق.
وتدعي الصين بأنها تضم الأويغور في معسكرات للتدريب بحجة الحد من التطرف، إلا أن ناشطين أكدوا بأنها معسكرات اعتقال لغسل أدمغة الأفراد من الأقليات العرقية والدينية.
ووثق ناشطون وجود نحو 500 معسكر وسجن تديرهم الصين لاحتجاز أفراد هذه العرقية المسلمة، مشيرين إلى أن بكين قد تكون تحتجز عددا أكبر بكثير من مليون شخص، وهو الرقم المعروف حتى الآن.
وبعد ثلاث سنوات من اعتقال هايتيواجي، عادت إلى فرنسا ووثقت تجربتها في كتاب مع الصحفية الفرنسية روزين مورجات بعنوان “الناجية من الجولاج الصينية”.
ووصفت هايتيواجي “المعسكرات الصينية” التي يقبع فيها الأويغور بالـ”الجولاج”، نسبة إلى معسكرات العمل القسري في الاتحاد السوفياتي، التي احتجزت المعارضين السياسيين في عهد جوزيف ستالين، من عام 1930 إلى 1955.
في النسخة الفرنسية من الكتاب، والذي من المقرر أن ينشر بالإنكليزية نهاية العام الجاري، تصف هايتيواجي الرعب اليومي الذي تمارسه السلطات الصينية خلال الاستجوابات والاعترافات القسرية وكيفية ممارسة العنف وسوء التغذية وغسيل الأدمغة.
وتحكي هايتيواجي كيف عاشت ثلاث سنوات في معسكر بمنطقة بيجيانتان قرب مدينة كاراماي الغنية بالنفط، وعن الأيام الطويلة في الفصول الدراسية الخالية من النوافذ، في ظل نظام الدعاية اليومية للحزب الشيوعي، فضلاً عن الإساءة الجسدية المتكررة، وكيف تم تقييدها بالسلاسل إلى سريرها لمدة 20 يوما.
على أمل إطلاق سراحها مبكرا، تعلمت هايتيواجي كيف تكرر التمنيات الطيبة اليومية للرئيس شي جين بينغ، والنسخة الرسمية لتاريخ البلاد، من أجل إثبات “إعادة تأهيلها” والهرب من وصفها بأنها “إرهابية”.
اختارت هايتيواجي استراتيجية “الطالبة المجتهدة” و”السجينة النموذجية”، في نفس الوقت الذي التجأت فيه إلى الله بالدعاء والصلاة، وممارسة اليوغا. وبالطبع كانت تخفي صلواتها عن كاميرات المراقبة الموجودة في زنزانتها.
تروي هايتيواجي، في الكتاب بحسب “أي بي سي”، كيف كانت هناك تدريبات بدنية شبيهة بالتدريب العسكري إلى حد الإنهاك، “في بعض الأحيان، يفقد البعض الوعي. إذا ظل السجين فاقدا للوعي على الرغم من صرخات الحراس، يأتي أحدهم ليوقظها بشكل مهين من خلال الصفعات”.
وخلال اعتقال هايتيواجي، أقنعت ابنتها وزارة الخارجية الفرنسية بالمطالبة بإطلاق سراحها، كما لو كانت مواطنة فرنسية.
بدأت المفاوضات بالفعل ووردت قضية هايتيواجي بانتظام في الاجتماعات الدبلوماسية، وكذلك في وسائل الإعلام.
في مارس 2019، وبعد ستة أيام أخرى من الاستجواب، أجبرت مجددا على الاعتراف بأنها ساهمت في منظمة غير مشروعة للأويغور في فرنسا بقيادة إرهابي. بعد ذلك، تم إطلاق سراحها وعادت في النهاية إلى فرنسا.
وتقول “أيه بي سي”، بينما كانت قصة هايتيواجي، متناسقة مع أكثر من عشرة من الأويغور التقتهم الشبكة سابقا، فإن الحكومة الصينية، في بيان من سفارتها في باريس، انتقدت قصتها ووصفتها بالافتراءات، لكنها اعترفت بأنها اعتقلت هايتيواجي واحتجزوها.
وفي فبراير الماضي، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان، الصين بتشديد العقوبات الجزائية بحق الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى في إقليم شينجيانغ شمال غرب البلاد، مع فرض عقوبات أكثر وأطول.
وأشارت المنظمة، في تقرير إلى أن ما لا يقل عن 250 ألف شخص حكم عليهم وسجنوا بين عامي 2016 و2019 في المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي ويبلغ عدد سكانها حوالي 25 مليون نسمة، غالبيتهم من المسلمين.
(المصدر: تركستان تايمز)