مقالاتمقالات المنتدى

أصالة النظام السياسي الإسلامي

أصالة النظام السياسي الإسلامي

 

بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين،
أما بعد
فإن النظام السياسي الشرعي هو ما يتقيد بالشرع المنزل، والسيادة فيه للشريعة، فهي صاحبة الكلمة العليا في المجتمع، والتشريع الإسلامي دائم لا يعطل ولا ينقلب عليه، ولا تملك قوة مجتمعية أن تبدله أو تغير محكماته،
‏وغاية هذا النظام صلاح الدين والدنيا،بإقامة الفرض وعمارة الأرض.

‏والنظام السياسي الشرعي ليس “ثيوقراطيا” كنسيّا، يحكم فيه الحاكم بتفويض إلهي، وليس نائبا عن الله، ولا يملك حق التشريع والتحليل والتحريم من دون الله.
‏وكما أن السيادة للشرع فإن السلطان للأمة،تختار حاكمها، وتراقبه وتحاسبه وتحتسب عليه، وكما ملكت حق توليته فقد ملكت حق عزله عند الاقتضاء.

‏والشورى في الشأن العام ونوازل الأمة واجبة على الحكام وليست نافلة، “وأمرهم شورى بينهم”، وأداء الأمانة وإقامة العدل ركيزتان لابد منهما ولا غنى عنهما، “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”
‏ولما حرست الأمة نظامها ولم تتنازل عنه سادت وقادت.

‏والإسلام دينٌ أقام دولةً بَنَت الحضارة!
‏وإذا أقيم الدين استقامت في ظله الدولة، وبإقامة الدين واستقامة الدولة، تنطلق الأمة نحو فضاءات رحبة من الريادة في كل مجال.
‏ورئاسة الدولة منصب شرعي، وباختلال الدولة اختلت واجبات جماعية كالحكم بالشرع، وإقامة العدل، والجهاد، وجمع الزكاة، وغيرها.

‏قال العز بن عبدالسلام:
‏”أجمع المسلمون على أن الولايات من أفضل الطاعات وعلى الجملة فالعادل من الأئمة والولاة والحكام أعظم أجرا من جميع الأنام”
‏وقال ابن تيمية:
‏”ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها”
‏”فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله”

‏وفقه السياسة في النظام الإسلامي كما يقوم أولا على:
‏فقه النصوص والآثار، وفقه الواقع والحال،
‏يقوم أيضًا على فقه التوقع ورعاية المآلات،
‏وحفظ المقاصد الشرعية، وتحقيق المصالح المرعية، والإفادة من نافع التجارب البشرية،
‏وإحكام منهج الجمع عند الخلاف،
‏وإتقان الموازنة والترجيح عند التعارض.

فإن قال قائل: قد هجر الناس ما تقول، وما ذكرت من تقعيد في ذبول!
‏والأمة تحكم بالشرع المبدل، والإرث الإسلامي مبدد!
‏فالجواب:
‏هذه تذكرة ومعذرة إلى ربنا ولعلهم يتقون،
‏والمؤمن على يقين بوعد رسولنا الأمين بخلافة على منهاج النبوة؛
‏وإنما الواجب السعي بالممكن نحو التمكين.
‏ولتعلمن نبأه بعد حين،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى