بقلم د. علي بن محمد عودة الغامدي
يتبع هذه التغريدة سلسلة تغريدات تبرز أشهر الهزائم التي انزلها المسلمون بالصليبيين منذ الحملة الاولى سنة 490 هجرية وحتى استرداد عكا سنة 690 هجرية.
اولا- حملة الشعوب التي سبقت الحملة الاولى وصلت الى عند نيقية فقابلها المسلمون السلاجقة وابادوها عن اخرها ولم يبق منها الاكومة من العظام وترتب على نجاح الحملة الاولى ان جردت اوربا حملة جديدة من 300 ألف سنة 493 فتصدى لها كمشتكين بن دانشمند وقضى عليها ولم ينج منها الابضع مئات .
وفي سنة497 أراد الصليبيون الاستيلاء على حران وتهديد الموصل وبغداد فتصدى لهم اميري الموصل و ماردين وأنزلوا بهم هزيمة ساحقة واسروا قائدين منهم .
وفي سنة513 طوق اميرماردين ايلغازي جيش روجر امير انطاكية وقتله مع كل جيشه حتى ان الصليبيين اطلقوا على المعركة معركة ساحة الدم بسبب ماخسروه.
وفي سنة 522 توغل نائب زنكي على حلب في البلاد التي بأيدي الصليبيين وقتل الاف منهم واسر 6000 وعاد الى حلب بغنائم بلغت 100ألف رأس من الماشية.
واسترد عماد الدين زنكي الرها سنة539 هـ وأسقط أول امارة صليبية اقاموها وقتل كل من وجده داخل الرها ولم يبق منهم احدا ولم يقتل النصارى الشرقيين , وكانت ردة الفعل الاوربية قوية فتشكلت حملة صليبية كبيرة لاسترداد الرها والقضاء على عماد الدين وعلى راسها ملك المانيا كونراد الثالث في 90 ألف.
ولكن السلطان مسعود سلطان السلاجقة في الاناضول نصب بجيشه كمينا محكما للامبراطور كونراد الثالث في نفس المكان الذي هزم فيه الصليبيون والده قبل خمسين سنة زمن الحملة الاولى.وتمكن مسعود بخطتة المحكمة من إبادة تسعة أعشار الجيش الالماني المكون من تسعين الف وهرب الامبراطور الالماني كونراد الثالث بعد أن أُصيب بجروح بالغة الى القسطنطينية ولم يستطع ملك فرنسا لويس السابع الذي وصل الى الشام تحقيق أي نصر للصليبيين.
وفي سنة 543 هجرية أباد نور الدين جيش انطاكية الصليبي وقتل أميرها ريموند بواتييه في معركة غربي حلب مع حليفه الباطني علي بن وفا الذي قتله نور الدين في المعركة.وارسل نور الدين راس ريموند بواتييه وذراع الباطني علي بن وفا الى الخليفة العباسي في بغداد في صندوق من الفضة بشارة بالنصر.
وفي منتصف رمضان سنة 559هجرية ألتقى نور الدين بالصليبيين وحلفائهم من الروم والارمن وهزمهم هزيمة نكراء وقتل منهم اكثر من 10ألاف وأسر جميع قادتهم.
وفي معركة حطين 583 هجرية طوق صلاح الدين الجيش الصليبي بأكمله وكانوا 50 ألفا ولم ينج منه أحد فوقعوا بين قتيل واسير وكان عدد القتلى اكثر من ثلثي الجيش , ونهضت اوربا باكملها في حملات كبرى ضد صلاح الدين حتى ان الوثائق والمصادر الاوربية تؤكد ان عدد من اتخذ شعار الصليب ضد صلاح الدين نحو مليون محارب.
وشق صلاح الدين الجبهه النصرانية وتحالف مع ملك الروم اسحاق انجيلوس ضد الغرب الصليبيين وأرسل له هدايا قيمة واتفق مع على صد ملك المانيا بربروسا , ولما اخذ الجيش الجيش الألماني يمر على جسر فوق نهر الساف اجرى احصاء له فكان عددة يفوق 50 الف فارس و100 ألف راجل لو وصل لحسم الأمر لصالح الغرب .
وهنا يأتي العمل الإستخباراتي البديع فقد بنى صلاح الدين الأيوبي جهاز استخبارات لامثيل له في التاريخ الى اليوم ولو كتبت عنه لغطى مجلد كاملا , فقد كان ضمن الهدايا التي ارسلها صلاح الدين لملك الروم جرة مصنوعة من الفضة مليئة بخمر مسموم وكميات كبيرة من الدقيق والحبوب السامة , انها المخابرات…
فقد استطاع رجال مخابرات صلاح الدين دس تلك السموم في الطعام والخمر الذي باعه الروم للجيش الالماني. واخذت تفتك بهم طوال الطريق فمات معظمهم ولم يصل من ذلك الجيش الجبار الى عكا سوى ثلاثة الاف فقط بعد ان كان يقول المسلمون لو وصل ملك الالمان لاصبحنا نقول كانت بلاد الشام ومصر لنا .
خبر هذه الهدايا واثرها على الالمان لم ترد في مصادرنا وانما في المصادر الرومية والالمانية وهكذا حققت استخبارات صلاح الدين هذا النجاح الرئع.
ووصل ملك انجلترا ريتشارد قلب الاسد وملك فرنسا فيليب اغسطس وبقية الحملات الاوربية وبلغ عدد الصليبيين اكثر من 600 ألف حسب المصادر الانجليزية .
ودارت ملاحم طاحنة حول عكا وفي فلسطين بين جيش صلاح الدين والصليبيين واستمرت المعارك اكثر من ثلاث سنوات تكبد الصليبيون عشرات الالوف من القتلى .
ويشبه المؤرخ المعاصر هارولد لامب المعارك حول عكا بمعارك واترلو في الحرب العالمية الاولي ، مما يؤكد ان صلاح الدين جاهد وكافح وصبر فوق طاقته .
ولم يفرط في القدس او يتنازل عنها وتم عقد هدنة مع ريتشارد قلب الاسد لمدة ثلاث سنوات وثلاثة اشهر فقط ليسترد انفاسه لانه اصبح تحت خط الفقر .
ولم يعد يملك درهما واحدا ولم يستطع ان يحج سنة 588 ومات في اخر صفر سنة 589 وفتحوا خزانته الخاصة فلم يجدوا فيها شيئا واقترضوا قيمة الكفن له.
وعندما حانت ساعة دفن جثمان صلاح الدين أشار وزيره القاضي الفاضل بأن يدفن معه سيفه لعله يتوكأ عليه الى الجنة والمتوكئون فيها قليل .
وفي سنة 614 جاءت الحملة الخامسة وارسل زعماؤها الى ملك الحبشة النصراني يطلبون ان يساعدهم بارسال جيشه الى الحجاز لهدم الكعبة وهم يحتلون مصر .
وبعد معارك طويلة مع تلك الحملة تمكن المسلمون من هزيمتها بعد اربع سنوات من مجيئها و ذلك سنة 618 هجرية وعادت الحملة تجر اذيال الخيبة والندامة .
وفي سنة 642 هجرية انزل المسلمون هزيمة ساحقة بالصليبيين في معركة غزة وقتلوا منهم قرابة 30 الفا حتى ان بعض المؤرخين سماها حطين الثانية .
وفي سنة 647 جاء ملك فرنسا لويس التاسع بحملته واستطاع المسلمون تدمير جيشه بالكامل وقتلوا اكثرمن 30 ألف واسروا الباقين ومنهم لويس واخوته .
وفي رمضان سنة 666 هجرية حاصر المسلمون بقيادة الظاهر بيبرس انطاكية أكبر واغنى الدول الصليبية واقتحموها عنوة وقتلوا كل من فيها من الصليبيين .
وغنم المسلمون من انطاكية غنائم ضخمة حتى ان النقود قسمت على الجنود بالطاسات وليس بالعدد واصبح نساء واطفال الصليبيين القتلى عبيدا للمسلمين .
وانخفضت اسعار الرقيق حتى اصبح سعر الجارية 6دنانير والغلام دينارين فقط بينما سعر الجاموسة او البقرة لايتعدى درهمين لكثرة الغنائم في انطاكية.
وفي سنة 688 هجرية اقتحم المسلمون امارة طرابلس الصليبية بقيادة السلطان قلاوون وحدث للصليبيين فيها مثل مثلما حدث لاقرانهم في انطاكية .
وفي سنة 690 استرد المسلمون عكا بقيادة السلطان خليل بن قلاوون وأزالوا اخر المعاقل الصليبية من بلاد الشام ولكن ذلك لايعني نهاية الحروب الصليبية فقد استمرت الحروب الصليبية ضد المسلمين في الاندلس وفي حوض المتوسط طوال القرون التالية وهي مستمرة الى الان والى ان يظهر الاسلام على الدين كله .
(المصدر: موقع د. علي بن محمد عودة الغامدي)