أكد الأستاذ الدكتور عادل حلمي، أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر، على ضرورة توخي ملاك العقارات والمنافع للحذر والحيطة عند تأجير عقاراتهم، تجنبا لئلا يتم استخدامها في المحرمات، مشيرا أن هناك عدة أقوال للعلماء فيما يتعلق بتأجير عقار لمن يفعل فيه المنكرات.
وأضاف حلمي خلال مشاركته في أحد البرامج الفضائية أن تأجير العقار لمن يفعل فيه المنكرات له ثلاث صور، الأولى :
أن يؤجر العقار لغرض استعماله في الحرام ، بحيث تكون المنفعة المحرمة هي محل العقد ، كتأجير الشقة لمن يتخذها وكراً للدعارة ، أو تأجير المحل لمن يتخذه خمارة أو مرقصاً ، ونحو ذلك، فهذا العقد باطل ، والأجرة التي يقبضها منه محرمة ، ويجب عليه التخلص منها بصرفها في وجوه الخير المختلفة، وفي ” الموسوعة الفقهية ” : ” فَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِجَارَةُ الْبَيْتِ لِغَرَضٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ ، كَأَنْ يَتَّخِذَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مَكَانًا لِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ لَعِبِ الْقِمَارِ ، أَوْ أَنْ يَتَّخِذَهُ كَنِيسَةً أَوْ مَعْبَدًا وَثَنِيًّا..وَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ أَخْذُ الأْجْرَةِ كَمَا يَحْرُمُ إِعْطَاؤُهَا ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الإْعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ “
أما الصورة الثانية، فهي أن يؤجر العقار لمن يستعمله في منفعة مباحة كالسكنى ، والبيع والشراء ، ومزاولة حرفة مباحة ، ونحو ذلك، فهذا العقد صحيح ولا غبار عليه ، وارتكاب المستأجر شيئاً من المنكرات أثناء استيفاءه للمنفعة المباحة ، لا يؤثر على صحة العقد ، ولا يجعل الأجرة المستوفاة منه محرمة، قال السرخسي رحمه الله : ” ولا بأس بأن يؤاجر المسلم دارا من الذمي ليسكنها ، فإن شرب فيها الخمر ، أو عبد فيها الصليب ، أو أدخل فيها الخنازير : لم يلحق المسلم إثم في شيء من ذلك ، لأنه لم يؤاجرها لذلك ، والمعصية في فعل المستأجر ، وفعله دون قصد رب الدار ؛ فلا إثم على رب الدار في ذلك ” انتهى من ” المبسوط”
والصورة الثالثة من صور تأجير العقار لمن يرتكب فيه المحرمات، أن يؤجر العقار لمنفعة مباحة ، ثم يقوم المستأجر بتغيير الاتفاق ، واستغلال العقار في منفعة محرمة دون علم المؤجر ، ففي هذه الحال : لا حرج على صاحب العقار من قبض الأجرة عما مضى من المدة قبل علمه بحقيقة الأمر، ويتوجب عليه منذ علمه بحقيقة الحال : فسخ العقد ، وإخراجه من العقار .
قال الشيخ عطية صقر رحمه الله : ” لا يخلو حال المؤجر من أمرين : إما أن يكون عالما بارتكاب المستأجر للمحرم ، كأن شرط في العقد أن الإجارة لهذا العمل ، أو لم يشترط ، ولكن يَعرف أن المحرم سيرتكب فيه، وإما ألا يكون عالما بذلك، وفى الحالة الثانية : الإجارة صحيحة ، والأجرة مستحقة وحلال ، باتفاق الأئمة، وفى الحالة الأولى : قال الأئمة الثلاثة ووافقهم أبو يوسف ومحمد من أصحاب أبي حنيفة : بطلت الإجارة ؛ لأنها وقعت على معصية “.
المصدر: الملتقى الفقهي.