بقلم الشيخ ندا أبو أحمد
(1) استحداث بعض الكلمات والأدعية قبل الأذان وبعده.
بعض المؤذنين يبتكرون من تلقاء أنفسهم بعض الكلمات التي لم ترد في السنَّة، فيقولونها قبل الأذان أو بعده.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – كما في “الاختيارات الفقهية” (5/ 323):
وأما سوى التأذين: من تسبيح وتشييد، ورفع الصوت بدعاء… ونحو ذلك في المآذن، فهذا ليس بمسنون عند الأئمة، بل قد ذكر طائفة من أصحاب مالك، والشافعي، وأحمد، أن هذا من جملة البدع المكروهة.
(2) مداومة بعض المؤذنين على قول: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”.
قبيل البدء في الأذان، سواء قالها بصوت عالٍ في مكبر الصوت أو بصوت منخفض، وكذلك مداومة بعضهم على قول: “لا إله إلا الله” قبيل الأذان، فتصبح كأنها مقدمة للأذان.
(3) الإتيان بالسيادة في الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم في الأذان.
فهناك من المؤذنين من يزيد في الأذان كلمة: “سيدنا” في التشهد، فيقول: “أشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله” في الأذان والإقامة، وهذا مخالف للسنة.
يقول الشيخ محمود خطاب السبكي – رحمه الله تعالى – في “الدين الخالص” (2/ 93): لم يثبت أن أحدًا ممن أذن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين قال في الأذان أو الإقامة: “أشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله”، ولو كانت السيادة هنا مشروعة ما تركها أحد منهم، وما أُقِرَّ على تركها، وما تُرِك مع قيام المقتضي فتركُه سنَّة، وفعله بدعة.
(4) قول بعض المؤذنين: (حي على خير عمل) بعد الحيعلتين.
الحيعلتان هما: “حي على الصلاة – حي على الفلاح”، فمن المخالفات أن بعض المؤذنين يقول بعد الحيعلتين: “حي على خير عمل… حي على خير عمل”، وهذه الزيادة من البدع المحدَثة التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال البيهقي – رحمه الله تعالى – كما في “السنن الكبرى” (1/ 425): وهذه اللفظة – حي على خير العمل – لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علَّم بلالًا وأبا محذورة، ونحن نكره الزيادة فيه، وبالله التوفيق.
(5) الجهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الأذان.
رفع الصوت بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان – كما جرت به عادة غالب مؤذني الزمان -: بدعة مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ فينبغي ترك هذه البدعة، والاقتصار على الوارد؛ فإن كل محدَث في الدين مردود على صاحبه، لا ثواب فيه، بل إذا فعله على أنه قُربة كان آثمًا؛ (الدين الخالص: 2/ 88).
- قال صاحب السنن والمبتدعات – رحمه الله تعالى -: والصلاة والتسليم بعد الأذان بهذه الكيفية المعروفة بدعة وضلالة، وإن استحسنها كبار رجال الأزهر؛ كالدجوي وغيره؛ اهـ.
- وقال الشيخ علي محفوظ – رحمه الله تعالى – في كتابه “الإبداع في مضار الابتداع”: وكان ابتداء حدوث ذلك في أيام السلطان الناصر صلاح الدين بن أيوب، فنقول: لا كلام في أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقب الأذان مطلوبان شرعًا؛ لورود الأحاديث الصحيحة بطلبهما مِن كل مَن سمع الأذان، لا فرق بين مؤذن وغيره؛ كما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا عليَّ؛ فإن من صلى عليَّ صلاة، صلى الله عليه بها عشرًا))، لكن لا مع الجهر، بل يسمع نفسه، أو من كان قريبًا منه.
إنما الخلاف في الجهر بهما على الكيفية المعروفة، والصواب أنها بدعة مذمومة بهذه الكيفية التي جرت بها عادة المؤذن من رفع الصوت بهما كالأذان والتمطيط والتغني؛ فإن ذلك إحداثُ شعار ديني على خلاف ما عُهِد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح من أئمة المسلمين؛ اهـ.
(6) التلحين في الأذان والتغني فيه:
ومن البدع المذمومة: التلحين في الأذان والتغني فيه، بما يؤدي إلى تغيير الحروف والحركات والسكنات، والنقص والزيادة، محافظة على توقيع النغمات، فهذا لا يحل في الأذان، كما لا يحل في قراءة القرآن، ولا يحل سماعه؛ لأن فيه تشبهًا بفعل الفسقة حال فسقهم، وفيه خروج عن المعروف شرعًا في الأذان؛ (انظر الدين الخالص للشيخ محمود خطاب السبكي: 2/ 92، والإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ).
وقد ذكر الإمام البخاري – تعليقًا – أن عمر بن عبدالعزيز قال لمؤذن: أذِّن أذانًا سَمْحًا، وإلا فاعتزلنا، قال ابن حجر – رحمه الله تعالى -: والظاهر أنه خاف عليه من التطريب الخروج عن الخشوع.
وقال فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين – رحمه الله تعالى -: التطريب والتلحين هو ترقيق وترديد الصوت وتقطيعه، حتى إن بعضهم لشدة تلحينه وتطريبه يصبح كأنه يغني – أو نحو ذلك – وهذا مكروه، نعم مطلوبٌ تحسين الصوت في الأذان، لكن لا يصل إلى الحد الخارج عن العادة؛ اهـ.
(7) بعض المخالفات في كلمة (الله أكبر).
- حذف هاء لفظ الجلالة وإبدالها واوًا، فيقول: “اللو أكبر”.
- “الله وأكبر” بزيادة حرف الواو بدلًا من أن ينطق لفظ الجلالة مضمومًا.
- “آلله أكبر”؛ أي: إنه مد همزة آلله، وكأنه وضع همزة استفهام قبل لفظ الجلالة، وبهذا قد حول الجملة إلى جملة استفهامية، وكأنه يسأل: “هل الله أكبر؟”!
- وأحيانًا يضعون همزه الاستفهام قبل كلمة: “آكبر”.
- أما نطق بعضهم “أكبار” فهي جمع: كبر، ومعناه: الجلد المنفوخ، وقيل: هو الطبل ذو الوجه الواحد، وقيل: هو بنات معمر من الفصيلة الكبرية.
- “الله أجبر” فيبدل الكاف بجيم، والصحيح أن يقول: “الله أكبر”.
(8) مد همزة “أشهد” فيقول: “آشهد”.
فتتحول الجملة إلى جملة استفهامية كأنه يقول: “أأشهد أن لا إله إلا الله؟”.
(9) تشديد النون في قوله: أشهد أن لا إله إلا الله.
مع أن الأصل أنها ساكنة، فأصلها أشهد أنْ لا إله إلا الله.
(10) فتح اللام في كلمة “رسول”، فيقول ” أشهد أن محمدًا رسولَ”.
والصحيح أن كلمة “رسول” مضمومة؛ لأنها خبر “أن”، وبه يتم الكلام، وهذا اللحن يُغيِّر المعنى، وهو يقع كثيرًا عند العوام.
(11) إسقاط الهاء من “الصلاة”، والحاء من “الفلاح”.
فبعض المؤذنين يقولون: “حي على الصلا” بغير الهاء، ومعناها (حي على النار)، وكذلك “حي على الفلا” بغير الحاء، ومعناها (حي على الصحراء)؛ وذلك نتيجة المد الزائد وانقطاع النفس.
وأكثر مَن يقع في هذه الأخطاء هم المؤذنون الذين يتكلفون التطريب والتغني في الأذان، فتأمل كيف أنه لما تساهلوا في هذه المخالفة، جرَّتهم إلى أخواتٍ لها.
المصدر: شبكة الألوكة.