كتاباتكتابات المنتدى

أحسنوا الظّنّ باللّه عزّ وجلّ

أحسنوا الظّنّ باللّه عزّ وجلّ

 

بقلم أ. د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)

 

قال اللّه تعالى: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ وقال ﷺ: {يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي}.

وعلى فرض أنّ إجابة الدّعاء تأخّرت فيجب أن تبقى أخي الكريم حسن الظّنّ بمولاك العزيز الرّحيم وأن توقن أنّ الفرج قريب وأنّ الخيرة فيما يختاره اللّه لك وأنك غير خاسر في جميع الأحوال قال ﷺ: {مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ قالَ: اللّهُ أَكْثَرُ}.

ومن علامة حسن الظّنّ باللّه: الرّضا بقضاء اللّه ﷻ وعدم الاعتراض على قدره تعالی والثّقة بوعده وعدم اليأس من روحه والأمل بفرج اللّه عزّ وجلّ: (ما بين طرفة عين وانتباهتها: يغيّر اللّه من حال إلى حال)! فما لم يتحقّق ممّا تمنّيته في الحال فلعلّ الخير لك في تحقيقه في المآل قال تعالی: ﴿وَاللَّهُ يَعلَمُ وأنتُم لا تَعلَمونَ﴾.

وينبغي للدّاعي إذا تأخّرت استجابة دعوته أن يسيء الظّنّ بنفسه لا بربّه فيعاتب نفسه فلعلّه دعا بإثم أو بضعف يقين أو بقلّة إخلاص أو بقطيعة رحم أو تلبّس بأمر محرّم يمنع أو يؤخّر إجابة الدّعاء قال الإمام الحسن البصريّ: لقد أحسن المؤمن الظّنّ بربّه فأحسن العمل وأساء الفاجر الظّنّ بربّه فأساء العمل!

فحسن الظّنّ باللّه إنّما يكون مع انعقاد أسباب النّجاة ومن المعلوم أنّ الحيّ القيّوم موصوف بالحكمة والعدل والعزّة والانتقام وعقوبة أصحاب الإجرام فلو كان مجرّد حسن الظّنّ باللّه تعالی بدون فعل للطّاعات وهجر للسّيّئات وأخذ بالأسباب وتوكّل على ربّ العباد لتساوى في ذلك الصّالح والطّالح والمحترم والمجرم قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فقد أخبرنا اللّه ﷻ أنّه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن ارتكبها وليس لمن عمل السّيّئات وتمنّى على اللّه الأمنيات وللّه درّ القائل: (ترجو النّجاة ولم تسلك مسالكها: إنّ السّفينة لا تجري على اليبس)!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى