أ.د. عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين: يدنا ممدودة للقمة العلمائية المنشودة
قال أ. د. عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن المبادرة الإصلاحية التي أطلقتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الداعية التي عقد قمة عربية علمائية، لقيت ردود فعل إيجابية كثيرة، سواء على صعيد وطننا الجزائري أو على صعيد وطننا العربي فقد اهتمت بها وسائل الإعلام على الصعيدين، فحظيت بتساؤلات عديدة، من ذلك أن بعض المؤسسات العربية العلمائية وخاصة منها الفلسطينية، قد اتصلت بنا، تعرب عن استعدادها للمشاركة، وطلب المزيد من التوضيحات.
واعتزازا منا بهذا التفاعل، وزيادة في بعث الطمأنينة النفسية لدى الجميع، نود أن نقدم بعض التوضيحات الإضافية إسهاما في إحاطة المبادرة بالمزيد من الضمانات قصد إنجاحها، وتتمثل في ما يلي:
1- استقلالية المبادرة عن أية جهة كانت وتميزها بالخصوصية التي تطبع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والتي يحدوها في كل هذا، الوعي بضرورة القيام بأي شيء، يدقق ويعمق ما انتهت إليه القمة العربية السياسية.
2- الواقع المزري الذي يسود أمتنا العربية في شتى مجالات مياديننا السياسية، والثقافية، والاقتصادية والعلمية.
3- إيجاد التلاحم الذي يجب أن يسود بين العلماء والأمراء، هذا التلاحم الذي يقوم على أسس الوضوح، في تبني أية منهجية، تخدم أمتنا العربية وتمكنها من استعادة مكانتها المفقودة اليوم.
4– إبراز الدور المغيّب للعلماء المصلحين للاضطلاع برسالتهم التي حملهم الله إياها: ﴿ٱالَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُۥ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا ٱاللَّهَ﴾ [سورة الأحزاب، الآية: 39]
5- اضطلاع العلماء بدور إصلاح ذات البين، لإطفاء نيران الحروب المشتعلة داخل بعض البلدان، ونيران الفتنة المتنامية بين بعض الدول الشقيقة.
6- مد اليد الطاهرة العفيفة، نحو الدول العربية الشقيقة، لاحتضان القمة ويحدونا الأمل في أن تتطوع الجزائر، لذلك بحكم الدور الذي أنيط بها بعد تنظيمها للقمة العربية الناجحة، وتميزها بتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية التي تخوض معركتها المصيرية التحريرية.
إن هذه العوامل التوضيحية، نقدمها اليوم لكل الفاعلين في الساحة العربية المتلاطمة الأمواج، عسى أن تجد مبادرتنا تفاعلا من العلماء، وتفهمها من الحكام الأمراء.
ومع أملنا الكبير في أن تحتضن الجزائر هذه القمة العلمانية العربية المنشودة، فإننا على استعداد –إذا ما اعتذرت الجزائر عن الاستضافة- أن نقبل استضافة أية دولة عربية شقيقة أخرى، إذا ما التزمت بأصول المبادرة، وأهمها، منح الأولوية لعملية التطبيع مع العدو الصهيوني، ومعالجة الواقع المزري للعلماء المغيبين داخل السجون، بسبب آرائهم العلمية.
من هذا المنطلق، نوجه، نحن علماء الجزائر، نداءا أخويا، عاجلا وملحًّا إلى كل المؤمنين بمصير الوطن العربي، أينما كان موقعهم إلى إبداء آرائهم حول ما أقدمنا عليه من مبادرة، لتقديم النصح، واقتراح الآليات الكفيلة بإنجاح القمة الموعودة.
على أننا من جانبنا، قد بدأنا في الإعداد لذلك، بوضع خلية تفكير وتدبر، لتحديد شروط الانضمام إلى المبادرة، والمعايير التي ينبغي أن تشمل العلماء المدعويين للمشاركة.
وإننا لمدركون لصعوبة المهمة، وواعون بالأشواك، والعقبات المزروعة في طريق القمة العربية العلمائية، كما نريد لها أن تكون.
ومع كل هذه العقبات، والصعوبات، فإن أملنا يبقى كبيرا، في أن داخل أمتنا العربية، لا نعدم مؤمنين بمستقبل هذه الأمة، والواعين بضرورة حلحلة واقعها، نحو الأحسن، خصوصا وأمتنا تملك ثروة بشرية، واقتصادية قل مثيلها في أمم أخرى، وأن هذه الثروة يحصّنها الإيمان بالله الذي هو الضامن لكل عمل ناجح.
من وحي هذه المعطيات كلها، نجدد النداء إلى العلماء، والأمراء إلى أن يتفاعلوا مع مبادرة جمعية العلماء لتجاوز التحديات، وما أكثرها، والتي قد تقف حائلا دون تحقيق القمة العربية العلمائية.
فيا أبناء أمتنا العربية
إن صفحات التاريخ قد فتحت، وإن مكائد الأعداء قد نصبت، فلا يسجل التاريخ على علماءنا، أي مظهر من مظاهر التخاذل، أو التولي يوم الزحف، فليسجل في صفحات التاريخ، حقائق من البطولة والاستبسال، كما حقق ذلك علماؤنا، ومجاهدونا، وشهداؤنا في الجزائر، وفي فلسطين، وفي أيّ بلد عربي، على أمل أن لا يصدق فينا قول الشاعر العربي نزار قباني:
لم يبق في دار البلابل بلبل لا البحتري هنا ولا زرياب
علماء هذا الجيل جنس ثالث فالقول فوضى والكلام ضباب
يتكلمون مع الفراغ فما هم عجم إذا نطقوا ولا اعراب
إننا بالرغم من كل الفقاقيع التي تطفو على الساحة العربية، نبقى مؤمنين، بأن للأمة العربية علماءها، وهم الأمل في إنجاح كل مشروع يضمن للأمة مستقبلها.
المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين