تقارير وإضاءات

NYT: لماذا لم تمنع شرطة دلهي الهجمات على المسلمين؟

NYT: لماذا لم تمنع شرطة دلهي الهجمات على المسلمين؟

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لمحرر مجلة “ذي كارافان” في نيوديلهي، حتروش سينغ، يقول فيه إن 46 شخصا قتلوا وأكثر من 250 جرحوا، فيما أحرقت أربعة مساجد في العنف الطائفي في دلهي، الذي تزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للهند.

ويقول سينغ في مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، إن “العنف الذي استمر ثلاثة أيام بلياليها في مناطق المسلمين في شمال شرقي دلهي لم يكن مفاجئا، فعلى مدى الست سنوات الماضية قام رئيس الوزراء ناريندرا مودي وزملاؤه في الحزب الهندوسي القومي بهاراتيا جانتا (بي جي بي)، وجيوشهم من الذباب الإلكتروني ومعظم شبكات الهند التلفزيونية بخلق جو من الكراهية والتشكك والعنف تجاه الأقلية المسلمة في الهند”.

ويشير الكاتب إلى أن “هذه المذبحة المنظمة في دلهي تأتي بعد سن حكومة مودي لقانون الجنسية العنصري، في كانون الأول/ ديسمبر، واحتج الهنود، خاصة المسلمين، ضد القانون، وقبل المذبحة في دلهي قتل 19 شخصا في مظاهرات في ولاية أوتار براديش المجاورة، التي يديرها حزب (بي جي بي)”.

ويلفت سينغ إلى أنه “خلال الانتخابات الأخيرة في دلهي أدار حزب مودي حملة طائفية خطيرة، وشبه قيادات الحزب المظاهرات ضد قانون الجنسية بالخيانة، ودعوا لقتل المتظاهرين، وخسر حزب (بي جي بي) انتخابات دلهي واستمرت المظاهرات، وفي 23 شباط/ فبراير، حرض القيادي في حزب بي جي بي، قابيل ميشرا، الرعاع على القيام بإزالة اعتصام للنساء المسلمات احتجاجا على قانون الجنسية، واندلع العنف بعد ذلك بفترة قصيرة”.

ويقول الكاتب إنه “بعد أسبوع، فإن تفاصيل العنف تثير أسئلة مهمة حول الدور الذي أدته الشرطة في دلهي في مساعدة رعاع الهندوس واستهداف المسلمين، وعندما قام ميشرا بإلقاء خطابه الذي أشعل النار، كان نائب قائد الشرطة في شمال شرق دلهي، فيد باركاش، يقف بجانبه ولم يتدخل، وفي اليوم التالي، عندما تحرك الرعاع وبدأوا باعتداءاتهم كان باركاش وغيره من ضباط الشرطة يصافحون المشاركين في الاعتداءات، الذين كانوا بدورهم يرددون هتافات تشيد بشرطة دلهي وتعاونها معهم”.

ويفيد سينغ بأن “كبار ضباط الشرطة عبروا بشكل عابر عن دعمهم للرعاع الهندوس وخوفهم من المسلمين، واستخدم القوميون الهندوس عبارة (جاي شري رام)، التي تعد تبجيلا لأحد آلهة الهندوس (رام)، كصيحة للحرب على مدى العقود الثلاثة الماضية، وكانت هناك تقارير بأن شرطة دلهي هاجمت مناطق المسلمين في الوقت الذي كانوا يرددون فيه هتافات (جاي شري رام)”.

ويشير الكاتب إلى أن “أحد الفيديوهات البشعة التي انتشرت وتم التأكد من صحتها يظهر شرطة دلهي يقفون حول خمسة رجال مسلمين مصابين إصابات بليغة على الشارع، ويكرهونهم على غناء النشيد الوطني، ويمكن سماع الشرطة يكيلون الشتائم للجرحى، وقد مات أحد الجرحى متأثرا بجراحه”.

ويذكر سينغ أن “مثل هذا التصرف من شرطة دلهي شوهد قبل أحداث العنف الأسبوع الماضي، ففي 30 كانون الثاني/ يناير، فتح رجل النار على المتظاهرين في منطقة شاهين باغ في جنوب شرق دلهي، وتظهر الصور والفيديوهات من موقع الحادث أن رجلا مسلحا واجه المتظاهرين وقام بالتصويب نحو المتظاهرين في الوقت الذي وقف فيه عناصر شرطة دلهي يراقبون”.

ويؤكد الكاتب أن “تصرف شرطة دلهي الحزبي ليس مجرد مسألة أن الشرطة يعكسون انحيازات المجتمع الذي يتم تجنيدهم منه، إنما هو التزام نشط بالتصرفات التي يعتقدون بأنه سيتم مكافأتها من حكومة مودي والحزب الحاكم، وأكد هذا الاعتقاد ما حصل في موجات سابقة من العنف الديني على نطاق واسع في الهند، خاصة في ولاية كوجرات الغربية عام 2002 وفي المذبحة في دلهي في 1984، التي قتل فيها أكثر من 3000 سيخي على يد رعاع من الهندوس”.

ويلفت سينغ إلى أنه “في شباط/ فبراير 2002، بعد أن أصبح ناريندرا مودي حاكما لولاية كوجرات، فإنه كان هناك ادعاء بأن مجموعة من المسلمين قامت بإشعال النار بقطار يحمل متطوعين هندوس في بلدة غودهرا، وقتل في الحادثة 59 شخصا، وأكد مودي بعرض الجثث في أحمد أباد، أكبر مدن كوجرات، وقامت مجموعات الرعاع الهندوس، تدفعهم الخطابات النارية من قيادات المنظمات المنتسبة لحزب مودي، بمهاجمة بيوت ومتاجر المسلمين، وقتل أكثر من 1000 شخص، أكثر من 700 منهم من المسلمين”.

وينوه الكاتب إلى أن “شرطة كوجرات واجهت التهم ذاتها من مساعدة لمثيري الشغب وعدم فعل شيء لوقف العنف ضد المسلمين، وبرز بعض ضباط الشرطة لأنهم قاموا بمنع انتشار العنف في المناطق الواقعة ضمن مسؤوليتهم، فقام مودي والوزير المسؤول عن الشؤون الداخلية في الولاية، أميت شاه، بنقل أولئك الضباط كلهم، وفي السنوات التي تبعت ذلك قامت الحكومة بمضايقة هؤلاء الضباط المستقيمين.

ويقول سينغ: “كل ضابط شرطة يخدم في دلهي اليوم بالتأكيد اطلع على مصير ضباط الشرطة في كوجرات، ومثل ضباط الشرطة في كوجرات، تقع الشرطة في دلهي تحت مسؤولية مباشرة لحكومة مودي؛ لأن دلهي هي العاصمة فلا تقع مسؤولية شرطتها في يد الحكومة الفيدرالية، وصديق مودي القديم أميت شاه هو وزير الداخلية الفيدرالي”.

ويضيف الكاتب: “كما أن لهؤلاء الضباط تجربة أقرب لهم مكانيا، ففي أول أسبوع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1984، بعد اغتيال رئيسة الوزراء أنديرا غاندي من حراسها السيخ ارتكبت مجموعات الرعاع الهندوس مذبحة ضد السيخ ذهب ضحيتها 3000 سيخي في دلهي، وكانت تصرفات الشرطة موضوع فحص دقيق، وتوصلت لجنة حكومية إلى أن: (هناك ما يكفي من الأدلة المسجلة ليظهر أنه في كثير من الأحيان قامت الشرطة بتجريدهم من أسلحتهم وأي أدوات كان يمكنهم استخدامها للدفاع عن أنفسهم في وجه مجموعات الغوغاء.. وبعد أن تم إقناعهم بالدخول إلى بيوتهم وطمأنتهم بأنه ستتم حمايتهم، بدأت الهجمات ضدهم”.

ويشير سينغ إلى أن لجنة لاحقة وجهت التهمة لاثنين وسبعين ضابطا، ونسبت اتخاذ إجراءات ضدهم من مؤسسة غير شرطة دلهي، إلا أنه لم يتم تطبيق تلك التوصية نهائيا.

ويلفت الكاتب إلى أن “كثيرا من ضباط الشرطة الذين هاجموا المتظاهرين الأسبوع الماضي في دلهي مع مجموعات الرعاع الهندوس، إما أن يكونوا خدموا في تلك الفترة، أو أنه تم تدريبهم من ضباط خدموا في تلك الفترة ونجوا من المحاكمة على الدور الذي أدوه في مذابح السيخ المدبرة”.

ويقول سينغ إن “الرسالة من حكومة مودي واضحة ومتسقة وتتجاوز الشرطة: حيث تم نقل القاضي س. موراليدها، وهو أحد قضاة المحكمة العليا في دلهي، الذي انتقد بشدة الشرطة وأمر أن تحقق شرطة دلهي في دور السياسيين القوميين الهندوس، بسرعة إلى محكمة في ولاية أخرى”.

ويجد الكاتب أنه “في الوقت الذي كان فيه قرار نقله جاهزا، لكن التوقيت كان من اختيار حكومة مودي، وقال محام إنه من غير المسبوق أن يتم نقل قاض إلى مكان آخر بينما هو في خضم الاستماع لتفاصيل قضية في موضوع مهم”.

ويؤكد سينغ أن “هذه الرسالة واضحة للجميع، حيث أن حكومة تتمتع بأغلبية وتفويض كبير لن تجعل السوابق القضائية أو البيروقراطية تقف في طريق قيامها بأجندتها”.

ويختم الكاتب مقاله بالقول: “لن تواجه عناصر الشرطة المسؤولة عن ارتكاب العنف قضايا ضدها، وربما لم يلتزموا الدستور، لكنهم نصروا حزب (بي جي بي) الحاكم، وعندما تقوم مجموعات الرعاع الهندوس بملاحقة المسلمين في أي جزء من الهند التي يديرها حزب مودي، يمكننا أن نتأكد بأن الشرطة لن تقف في طريقهم”.

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

(المصدر: عربي21)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى