مقالات

 قيمة العدل في الإسلام قيمة عليا

بقلم د. محمد بن صالح العلي

 لقد أعلى الإسلام قيمة العدل ، فأمربالعدل في القول :{واذا قلتم فاعدلوا} والعدل في الشهادة { واشهدوا ذوي عدل منكم} والعدل في معاملة الأعداء { ولا يجرمنّكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}… ويأمر سبحانه عباده اذا حكموا أن يحكموا بالعدل قالتعالى :{واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}.

 ومن السنة هناك أحاديث كثيرة في بيان أهمية العدل ، كقوله صلى الله عليه وسلم:  (( سبعة يظلهم الله يوم القيامة )) وذكر منهم ((إمام عادل)) ، وكذلك قوله : (( المقسطون على مناير من نور يغبطهم النبيون..)).

 – وقال عمرو بن العاص: (لا سلطان إلا بالرجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا بعمارة، ولا عمارة إلا بعدل).

 وخطب سعيد بن سويد بحمص، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أيُّها الناس، إنَّ للإسلام حائطًا منيعًا، وبابًا وثيقًا، فحائط الإسلام الحقُّ، وبابه العدل، ولا يزال الإسلام منيعًا ما اشتدَّ السلطان، وليست شدة السلطان قتلًا بالسيف، ولا ضربًا بالسوط، ولكن قضاء بالحق وأخذًا بالعدل).

 العدل قيمة لايمكن أن تستقر الحياة الا بها ، قال شيخ الإسلام  ابن تيمية رحمه الله “وأمورُ الناس تستقيمُ في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراكُ في أنواع الإثم، أكثر مما تستقيمُ مع الظلم في الحقوق، وان لم تشترك في إثم، ولهذا قيل: إن الله يقيمُ الدولة العادلة وان كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وان كانت مسلمة. ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام .وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس ذنب أسرعَ عقوبة في الدنيا من البغي وقطيعة الرحم” ، فالباغي يُصرع في الدنيا وان كان مغفورا له مرحوما في الآخرة. . وذلك أنّ العدل نظام كل شيء . فإذا أقيم أمرُ الدنيا بعدل، قامت، وان لم يكن لصاحبها في الآخرة من خَلاق، ومتى لم تقم بعدل، لم تقم، وان كان لصاحبها من الإيمان ما يُجزي به في الآخرة”( ابن تيمية/ رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر/مجموع فتاوى ابن تيمية /الجزء 28).

 وقال ايضا ” الدنيا تدوم مع الكفر والعدل ولا تدوم مع الظلم والإسلام”

– وقال ابن حزم: (أفضل نعم الله تعالى على المرء أن يطبعه على العدل وحبه، وعلى الحقِّ وإيثاره) (8) .

 – وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم، أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في إثم؛ ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة؛ ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة. ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام) (10) .

 – وقال ابن القيم: (ومن له ذوق في الشريعة، واطلاع

 على كمالها، وتضمنها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد، ومجيئها بغاية العدل الذي يسع الخلائق، وأنَّه لا عدل فوق عدلها، ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح، تبين له أنَّ السياسة العادلة جزء من أجزائها، وفرع من فروعها، وأنَّ من أحاط علمًا بمقاصدها، ووضعها موضعها، وحسن فهمه فيها لم يحتج معها إلى سياسة غيرها البتة.

 فإنَّ السياسة نوعان: سياسة ظالمة، فالشريعة تحرمها، وسياسة عادلة تخرج الحقَّ من الظالم الفاجر، فهي من الشريعة علمها من علمها، وجهلها من جهلها) (11) .

 وأحكام الشريعة أساسها العدل كما قال ابن القيم في اعلام الموقعين: “هذا فصل عظيم النفع جدا وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به ; فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلها ، ورحمة كلها ، ومصالح كلها ، وحكمة كلها ; فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور ، وعن الرحمة إلى ضدها ، وعن المصلحة إلى المفسدة ، وعن الحكمة إلى البعث ; فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل ; فالشريعة عدل الله بين عباده ، ورحمته بين خلقه ، وظله في أرضه ، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها ، وهي نوره الذي به أبصر المبصرون ، وهداه الذي به اهتدى المهتدون ، وشفاؤه التام الذي به دواء كل عليل ، وطريقه المستقيم الذي من استقام عليه فقد استقام”.

 فديننا عدل وشريعتنا عدل كلها ، واذا رأيت من يحكم بالشرع في الظاهر وهو ظالم فليس ذلك حكما بلشريعة وانما حكم بالهوى.

 وإني لأعجب من بعض قومنا ممن تأثر بدعوى الغربيين وفكرهم يدعو الى ترك الشريعة والأخذ بالديمقراطية زاعما أن فيها العدل.

*المصدر : شؤون خليجية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى