عنوان الدراسة: المَوقِفُ من المُخالِفِ بين الخوارجِ والشِّيعةِ الاثنَي عَشْريَّة
اسم المؤلف: د. أحمد قوشتي عبد الرحيم
عدد الصفحات : (190) صفحة
الناشر: مركز تكوين للدراسات والأبحاث 2016م
نبذة عن الكتاب:
لا شَكَّ أنَّ قَضيَّةَ المَوقِفِ من المُخالِفِ- باختلافِ أنواعِه ومراتِبِه- والحُكم عليه وكيفيَّة التَّعامُلِ معه، تُعتبَرُ مِن المسائلِ المهِمَّةِ التي ما زالت بحاجةٍ ماسَّةٍ للمَزيدِ مِن الدِّراساتِ المُؤصَّلة والرَّصينةِ، التي تبيِّنُ الحُكمَ الشَّرعيَّ فيها، والقواعِدَ الضابطةَ لها، فكانت هذه القَضيَّةُ قِبلةَ هذا الكتابِ.
وكتابُ هذا الأسبوعِ يتناولُ هذه القضيَّةَ، ويخُصُّ بالبحثِ الخوارجَ والاثنَي عَشريَّة، ويُبَيِّنُ الأسُسَ التي يتَّكئُ عليها كلٌّ منهما في تشكيلِ مَوقِفِه من المُخالِفينَ.
وقد قسَّمَ المؤلِّفُ الكتابَ إلى مقَدِّمةٍ وفصلينِ ثمَّ الخاتمةِ.
ففي الفصل الأول الذي عَنْونَ له المؤلِّفُ بـ (المَوقِف من المخالِف عند الخوارج) دار الحديثُ في المباحثِ التَّاليةِ:
المبحث الأول: الأسسُ العَقَديةُ التي بنى عليها الخوارِجُ مَوقِفَهم من المخالِف وذكَرَ من أهمِّ هذه الأسُسِ:
- غُلُوَّهم في فَهمِ حقيقةِ الإيمانِ
حيث يَرَون أنَّ الإيمانَ: اعتقادٌ وقَولٌ وعَمَلٌ، وأنَّه حقيقةٌ لا تَقبَلُ التَّجزئةَ، والنَّتيجةُ الخطيرة المترتِّبةُ على كَونِه لا يقبَلُ التَّجزئةَ: أنَّ الشَّخصَ الواحِدَ إمَّا أن يكونَ مُؤمِنًا وإمَّا أن يكونَ كافرًا، وإمَّا أن يكونَ وليًّا أو عدُوًّا، وقد تفرَّعَ من هذا المفهومِ الخارجيِّ للإيمانِ عدَدٌ مِن المسائِلِ الأخرى، مِثل قَولِهم في قضيةِ زيادةِ الإيمانِ ونَقصِه.
- التَّكفيرَ بما ليس بمُكَفِّرٍ، والتَّكفيرَ باللَّازِم
والتَّكفيرُ بما ليس بمُكفِّرٍ: هو الحُكمُ على فعلٍ ما من الأفعالِ بأنَّه كُفرٌ مُخرِجٌ مِن المِلَّة- مع أنَّه ليس كذلك- ثمَّ إيقاعُ الحُكمِ بالتَّكفير على مُرتكِب هذا الفِعل، ومن ذلك تكفيرُهم لِمُرتكِب الكبيرةِ، أمَّا التكفيرُ باللَّازمِ: فيُقصَدُ به أن يقولَ المُكَلَّفُ قَولًا يؤدِّي سياقُه إلى كُفرٍ، وهو إذا وُقِفَ عليه لا يقولُ بما يؤدِّيه قولُه إليه.
- الاعتقادَ بأنَّهم وَحدَهم على الحَقِّ وأنَّ مُخالِفَهم على الباطِلِ
المبحث الثاني: صِفاتُ الخوارجِ وأثَرُها على موقِفِهم من المُخالفينَ
وذكَرَ مِن أهمِّ هذه الصِّفاتِ:
- الغُلُوَّ والتنطُّعَ
وهو أبرَزُ سِمةٍ طَبَعَت فِكرَ الخوارجِ وآراءَهم وسُلوكَهم عَبرَ تاريخِهم الطَّويلِ.
- حداثةَ السِّنِّ وسفاهةَ العَقل
فجُمهورُ المُعتَنقينَ لِفكرِ الخوارجِ كانوا من الشَّبابِ حُدَثاءِ الأسنانِ سُفَهاءِ الأحلامِ.
- قلَّةَ الفِقهِ والفَهمَ الخاطئَ لنصوص الشَّرع
فهم كانوا من أكثَرِ النَّاسِ قِراءةً للقُرآنِ بألسِنَتِهم، لكنْ لم تفقَهْه قلوبُهم ولا انتَفَعوا بما تَلَوا منه.
المبحث الثالث: أصنافُ المُخالفين وموقِفُ الخوارجِ منهم
وذكَرَ من أبرزِ أصنافِ المُخالفينَ وكيفيَّة تعامل الخوارجِ معهم:
- موقف الخوارجِ من الصَّحابةِ رِضوانُ الله عليهم
وذكَرَ أنَّ الإقرارَ بإمامةِ الشَّيخينِ أبي بكرٍ وعُمرَ والتَّرضِيَ عليهما- رضي الله عنهما- محَلُّ اتِّفاقٍ بين سائرِ فِرَقِ الخوارجِ، أمَّا مَوقِفُهم من عثمانَ رَضِيَ الله عنه، فيُفَرِّقُ الخوارجُ بين بدايةِ خِلافتِه، فهم يتولونَّه في هذه الفترةِ، ولا يَطعُنون فيه، أمَّا بعدها فيَزعمونَ أنَّه-حاشاه- بدَّلَ وغَيَّرَ؛ ومِن ثمَّ يَطعُنونَ فيه ويتبَرَّؤونَ منه، وكذا الأمرُ في عليٍّ رضي الله عنه؛ حيث يقولونَ بِعَدالتِه وتَوَلِّيه قبل التَّحكيمِ، فلمَّا فعل ذلك بَرِئوا منه وكفَّروه.
ثم كان الفصل الثاني فجعله للحديثِ عن (الموقِف من المخالِف عند الشِّيعة الاثنَي عشْريَّة) واشتمل على مبحثينِ.
المبحث الأول: الأسُس العَقَديَّة التي شكَّلَت موقِفَ الاثنَي عَشْريَّة من المُخالِفين
وذكر فيه الأساسَ الذي قام عليه المذهَبُ بأسْرِه، ثمَّ تفَرَّع عنه مواقِفُه كُلُّها في شتَّى القضايا، ويتمثَّلُ في (نظريَّةِ الإمامةِ) التي تُعَدُّ حَجَرَ الزَّاويةِ في المذهَبِ وجَوهَرَه، وتتلخَّصُ هذه النَّظريةُ في: أنَّ الإمامةَ مَنصِبٌ إلهيٌّ، وليست قضيَّةً مصلحيَّةً مَتروكةً لاجتهادِ البَشَرِ واختيارِهم، وقد تمَّ – وَفقَ زَعمِهم- النَّصُّ الصَّريحُ والتَّعيينُ الجَليُّ لشخصِ الإمامِ بعد رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنه، ثمَّ تَسلسَلَت الإمامةُ في أحدَ عَشَر إمامًا من أولادِه، آخِرُهم محمَّدُ بنُ الحسن العسكريُّ، الغائبُ في السِّردابِ، والمُنتظَرُ منذ عقودٍ بعيدةٍ، ومَن أنكَرَ هذا يجِبُ تكفيرُه عندهم.
المبحث الثاني: أصنافُ المخالفينَ ومَوقِفُ الشِّيعة الاثنَي عشْريَّة منهم
وذكَرَ من أبرز أصنافِ المُخالفينَ وكيفيَّة تعامِل الشِّيعة الاثنَي عشْريَّة معهم:
- موقِف الاثنَي عشريَّة من الصَّحابة رضي الله عنهم أجمعين:
فالموقِفُ الشِّيعيُّ مِن الصَّحابة ينطلقُ تأصيلًا وتفريعًا من قضيَّةِ الإمامةِ؛ فكُلُّ مَن خالف هذا المُعتقَدَ أو شارك في عدَمِ تولِّي عليٍّ للإمامةِ، فهو واقِعٌ في الإثمِ العَظيمِ والذَّنبِ الذي لا يَعدِلُه شَيءٌ، وأوَّلُ من يندرِجُ في هذا الحُكمِ الخطيرِ الخُلَفاءُ الثَّلاثةُ: أبو بكرٍ وعُمَرُ وعُثمانُ- رضي الله عنهم- ثمَّ الجَمهرةُ العُظمى مِن الصَّحابة، فكلُّ الصَّحابةِ عندهم مرتَدُّونَ إلَّا نَزْرًا يسيرًا، منهم: المقدادُ بنُ الأسود، وأبو ذَرٍّ الغِفاريُّ، وسَلمانُ الفارسيُّ- رضي الله عنهم أجمعين.
ثمَّ كانت الخاتمة وفيها مقارنةٌ بين الموقِفَينِ الخارجيِّ والاثنَي عَشْريِّ مِن المخالف، وفيها أبرَز أوجُه التَّشابُه أو الاختِلاف بين الموقِفَين، وذكر منها الآتي:
– تُعتبَرُ الخوارجُ أوَّلَ الفِرَق التي ظهَرَت في الأمَّة، واتَّخَذَت موقفًا شديدَ الغُلُوِّ والتطرُّف في التعامُلِ مع المخالفينَ؛ تكفيرًا وتضليلًا، واستباحةً للدِّماءِ والأموالِ.
– يغلِبُ على آراء الخوارجِ الاختصارُ وقِلَّةُ التعليلِ والاستشهادِ، وغيابُ جانبِ التَّنظيرِ، وربما كان لِضَياعِ كُتُبِهم نصيبٌ في ذلك.
– كثرةُ التفَرُّقِ والانقسامِ داخِلَ هذين المَذهَبينِ.
– اتَّسَم الخوارِجُ بالصَّراحةِ والوضوحِ في إظهارِ المُعتقَد وعدمِ تجويزِ التَّقيَّة، أمَّا الشيعةُ فقد شاع لديهم مبدأُ التَّقيَّة، واعتُبِرَ مِن أسُسِ المذهَبِ وركائِزِه المُهمَّة.
– الغالِبُ على موقِفِ الشِّيعةِ مِن المخالِفِ أنَّه موقِفٌ نظَريٌّ لم يصاحِبْه تطبيقٌ عَمَليٌّ في أغلبِ المراحلِ التَّاريخية، ولا سيَّما في أزمِنةِ الاستضعافِ، أمَّا موقِفُ الخوارِجِ فهو في الغالبِ مَوقِفٌ عَمَليٌّ؛ نظرًا لِطَبيعتِهم وخصائِصِهم النفسيَّة، التي منها الصِّدقُ والغِلظةُ والشِّدة؛ ولذا نجِدُ ثَوْراتِهم وخروجَهم المُسلَّحَ لا يكادُ يتوقَّفُ عبْرَ التاريخِ.
*المصدر : موقع الدرر السنية