مقالاتمقالات مختارة

هل في الإسلام نظام سياسي؟

هل في الإسلام نظام سياسي؟

بقلم د. حسن سلمان

يثور في الساحة الإسلامية جدل واسع حول مسألة وجود نظام سياسي إسلامي من عدمه وهذه المعركة تعتبر جديدة في تاريخ الأمة،

وأول من طرح ذلك هو الأزهري علي عبدالرزاق وقد تم الرد عليه حينها من علماء عصره،

أمثال العلامة محمد نجيب المطيعي والشيخ محمد حسين الخضر، وكلاهما كانا على رأس مؤسسة الفتوى في مصر،

كما رد عليه العلامة الطاهر بن عاشور مفتي الديار التونسية وانتهت هذه المسألة علميا بإجماع أهل العلم وعامة الأمة.

سقوط الخلافة

ونشأت الجماعات والحركات الإسلامية بعد سقوط الخلافة العثمانية بناءً على فكرة وجود نظام سياسي،

وهو نظام الخلافة بأسسه ومفاهيمه وقيمه الحاكمة وأحكامه التشريعية،

ولكن مع مرور الوقت وتأثر الحركات الإسلامية بالمنظومة الغربية أو محاولة التماهي معها،

أو الابتعاد عن ما يزعج ذلك الغالب المتغلب ظهرت الآن أطروحات عدم وجود نظام سياسي إسلامي..

وتحدث عن ذلك بعض الرموز العلمية للأسف الشديد.

ثلاثية «الله، الإنسان، الطبيعة»

والخلاصة أن الإسلام له نظامه الكامل النابع من رؤيته الكونية والشرعية التي تقوم على ثلاثية (الله/الإنسان/ الطبيعة)..

وليس كما هو الحال في الحضارة الغربية التي تقوم على ثنائية (الإنسان/الطبيعة) وإعلان موت الإله تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

وهذا الفرق الجوهري في المنطلق له تمظهراته الكلية والتفصيلية..

لدرجة أنها تؤسس لفكرة المغايرة حتى في الآليات والأدوات وليس في القيم والأحكام والتشريعية فقط.

أصول النظام الإسلامي

وعندما يقال لا يوجد نظام سياسي في الإسلام فهو نفي للكل وليس مناقشة حول الكيفيات والآليات،

فهناك أصول للنظام الإسلامي أهمها حاكمية الشريعة وسلطان الأمة وشوراها وسيادتها ووحدتها وتحقيق العدالة بكل صورها،

كما حددها الشرع فما يحقق ذلك من الآليات فهو محل اجتهاد ونظر وما ينقض ذلك لا يسمى نظام إسلامي.

فالذين يقولون لا يوجد نظام إسلامي أهم ما يرمون إليه هو تقرير واقع الدويلات الوظيفية والعمل من خلالها داخل منظومة الأمم المتحدة وأدواتها للضبط والسيطرة،

والأمة الإسلامية لا تحقق معنى الاستخلاف والتمكين في ظل الفرقة والشتات وهيمنة الأجنبي على دويلاتها بحجة أنها دول كاملة السيادة.

الحركات الإسلامية والنظام الإسلامي

ويثور هنا سؤال محوري، وهو ما جدوى وجود حركات إسلامية ذات طابع سياسي ما دام أنه لا يوجد نظام سياسي في الإسلام،

فعليها ألا ترهق الأمة في ظل صراعات تدور بالشعوب في ذات حلبة المحتل ونظامه المحلي والإقليمي والدولي،

وهي تتخذ من الإسلام شعارا لها في مواجهاتها وصراعها السلطوي فمن لا يملك مشروعا سياسيا ليس جديرا بالتصدر لمعالجة قضايا الأمة ونوازلها.

وإذا كان المطلوب هو الحريات العامة الليبرالية والعدالة الاجتماعية بمفهومها الاشتراكي وقضية التداول على السلطة وتحقيق التنمية،

كما هي مطروحة في النظام الرأسمالي فإن هناك من تيارات العلمانية والحداثة من يحقق ذلك دون الصدام مع المنظومة الدولية.

الخلاصة

ومحصول القول فإن الإسلام الذي أنزله الله للناس هو نظام شامل للحياة كلها،

ويجيب عن التساؤلات الوجودية وفلسفة العلوم وقضايا الإيمان والعبادة والتشريع والمنهاج،

وتنبع كافة الآليات من خلال تنظيمات المجتمع بأبعادها الشرعية،

وعليه فالنظام السياسي الإسلامي هو فرع عن المنظومة الإيمانية والتشريعية والرؤية الكونية ذات الطابع التوحيدي،

التي تجعل الله في رؤيتها في قلب المعادلات ضمن الثلاثية التي سبقت (الله أولا ثم الإنسان المكلف ثم الطبيعة المسخرة)..

وشتان بين المعادلة الثلاثية والمعادلة الثنائية ونتائجها في الكون والإنسان.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى