المقصد الأجلُّ من النظر في تراث الأئمة والفقهاء
بقلم مشاري الشثري
المقصد الأجلُّ من النظر في تراث الأئمة والفقهاء أن يرتاض طالبُ العلم بمناهجِهم ويستكشف المقدماتِ التي صدروا عنها في تقييد اختياراتهم وآرائهم، وأما آراؤهم نفسُها فأهميتُها دون ذلك.
ومن هنا يخطئ الناظر في تراث أهل العلم حين يجعل همَّه ضبط اختياراتهم دون التحذّق بمسالكهم في النظر والاجتهاد.
.
وما أحسن ما قدّم به الباجي شرحه للموطأ بقوله:
(فتوى المفتي في المسائل، وكلامه عليها، وشرحه لها = إنما هو بحسب ما يوفقه الله تعالى إليه ويعينه عليه، وقد يرى الصواب في قول من الأقوال في وقت ويراه خطأ في وقت آخر، ولذلك يختلف قول العالم الواحد في المسألة الواحدة، فلا يعتقد الناظر في كتابي أن ما أوردته من الشرح والتأويل والقياس والتنظير طريقه القطع عندي حتى أعيب من خالفه وأذم من رأى غيره، وإنما هو مبلغ اجتهادي وما أدى إليه نظري).
ثم قال -وهو محل الشاهد-:
(وأما فائدة إثباتي له فتبيين منهج النظر والاستدلال والإرشاد إلى طريق الاختبار والاعتبار، فمن كان من أهل هذا الشأن فله أن ينظر في ذلك ويعمل بحسب ما يؤدي إليه اجتهاده من وفاق ما قلته أو خلافه، ومن لم يكن نال هذه الدرجة فليجعل ما ضمنته كتابي هذا سُلَّمًا إليها وعونًا عليها، والله ولي التوفيق والهادي إلى سبيل الرشاد، وهو حسبنا ونعم الوكيل).
(المصدر: قناة د. وصفي عاشور أبو زيد على التيليغرام)