خوفا من النفوذ التركي وتعزيزا للتطبيع.. استثمار إماراتي في مشروع استيطاني بالقدس
بعد عودتها من الإمارات أكدت نائبة رئيس بلدية القدس المحتلة فلور حسن ناحوم أنها نجحت في حشد استثمارات إماراتية في مشروع “وادي السيليكون” الاستيطاني شرق القدس المحتلة، والذي سيُقام على أنقاض 200 منشأة تجارية مقدسية بدءا من حي المصرارة مرورا بوادي الجوز ووصولا إلى الشيخ جراح.
ونقلت في مقابلة عبر موقع “مكور ريشون” الإسرائيلي تأييد الإمارات الشديد للمشروع، زاعمة أن هذه الخطوة “ستساعد على ربط إسرائيل بالإمارات من جهة وسكان القدس الشرقية ببلدية القدس والإمارات من جهة أخرى”.
وأكدت ناحوم في المقابلة أنها حين عرضت حجم النشاط التركي في القدس على من التقتهم في الإمارات غضبوا للغاية وتحمسوا “لتعزيز العلاقات مع إسرائيل والاستثمار في القدس”.
وأضافت “استثمارهم (الإماراتيين) في المشروع يبيّن أنهم يفعلون الشيء الصحيح لسكان القدس ويعززون العلاقات اليهودية العربية على عكس ما يروجه الإعلام الفلسطيني”.
وكانت بلدية الاحتلال في القدس أعلنت عن تخطيط منطقة صناعية حديثة شرق القدس المحتلة، تضم 250 ألف متر مربع لإنشاء أماكن تشغيل في مجال التقنية العالية “الهايتك”، زاعمة أنها ستساعد المقدسيين وتوفر فرص عمل لخريجي الكليات والجامعات الناطقة باللغة العربية.
استثمار في مشروع استيطاني
وحول حجم ونوع الاستثمار الإماراتي في المشروع، يؤكد المحلل السياسي راسم عبيدات للجزيرة نت أن جميع المعلومات مصدرها الطرف الإسرائيلي حتى اللحظة، والتي تفيد بمساهمة مالية إماراتية تصل إلى 600 مليون دولار.
يقول عبيدات إن المقدسيين ساخطون على المشروع الاستيطاني واستثمار الإمارات فيه، لأن هذا المشروع جزء لا يتجزأ من تعزيز العلاقات الإسرائيلية الإماراتية خصوصا بعد اتفاق التطبيع الأخير بينهما، كما أنه خطوة على طريق تعزيز النفوذ الإماراتي في القدس نكاية بالنفوذ التركي في المدينة.
ويضيف عبيدات “هذا استثمار تطبيعي وليس لخدمة القدس وأهلها، من يريد أن يخدم القدس فالعناوين واضحة”، مبيّنا أن مشروع (وادي السيليكون) الاستيطاني يهدف لربط قسم القدس الشرقي المحتل عام 1967 بالقسم الغربي المحتل عام 1948، وذلك تكريسا لفكرة (القدس الموحدة) عاصمة لدولة إسرائيل التي أقرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إعلانه عام 2017”.
وسيط عربي وهدف إحلاليّ
يقول المحامي المقدسي مدحت ديبة للجزيرة نت، إن الاستثمار الإماراتي سيفتح الباب أمام المستوطنين الإسرائيليين للاستحواذ على القسم الأكبر من هذه المشاريع، من خلال شركات قد يتم تأسيسها في الخليج تحت مسميات وطنية أو من خلال تأسيس شركات إسرائيلية برأس مال خليجي ومساهمة إسرائيلية.
ويضيف ديبة أن الهدف من هذه المشاريع هو السيطرة على ما تبقى من أراض فلسطينية في القدس، وإغراء أصحابها بالمال من أجل منع النمو الطبيعي للفلسطينيين، وضمان التفوق الديمغرافي لليهود من ناحية ومنع تواصل المناطق العربية ببعضها من ناحية أخرى.
وعدا عن مخالفة هذا المشروع الاستيطاني للقانون الدولي ومبادئه الذي يمنع مصادرة الأراضي المحتلة وتغيير الوضع القائم فيها -على اعتبار أن شرق القدس منطقة محتلة حسب القانون- فإن ديبة يؤكد أن الوجود الإماراتي في القدس بات مريبا بالنسبة إلى المقدسيين، بعد تورط الإمارات في عمليات تسريب عشرات العقارات في البلدة القديمة وسلوان للمستوطنين.
زيارة إماراتية وشيكة
وفي السياق ذاته، أعلن أمين سر حركة فتح في القدس شادي مطور أن وفدا إماراتيا حكوميا سيزور القدس الثلاثاء المقبل برئاسة وزير الاقتصاد والمالية الإماراتي، محذرا عبر بيان اليوم الأحد مما وصفه “بالمال الإماراتي المغمس بالدم الفلسطيني، والذي يأتي عبر بوابة الاحتلال في وقت توصد فيه الأبواب أمام القيادة الفلسطينية ويمنع النشاط الفلسطيني في القدس”.
وأضاف البيان “هذه الزيارات المشبوهة من وفود عربية وعلى رأسها الوفود الإماراتية تعتبر خنجرا في القلب الفلسطيني ومجابهتها واجب وطني وديني، في ظل اتفاقيات الشراكة بين بلدية الاحتلال والحكومة الإماراتية لمشاريع استيطانية واجهها المقدسيون بلا هوادة، وها هي تمرر اليوم من بوابة يفترض أن تكون عربية”.
زيارة أم اقتحام؟
يأتي هذا الاستياء المقدسي بعد زيارة وفد إماراتي للمسجد الأقصى عصر الخميس الماضي، بعد أن دخل الوفد المسجد من باب السلسلة- المخصص لاقتحامات المستوطنين- تحت حماية الاحتلال، ما دفع المقدسيين لتسميته بالاقتحام لا الزيارة.
وعلق الباحث المختص في شؤون القدس زياد ابحيص على ذلك بأن “من يدخل الأقصى مُقرا به كمقدسٍ إسلامي، ليس له فيه ادعاء، ودون أن يقر بشرعية الاحتلال فيه أو يعززها فهو زائر، أما من يدخل عبر بوابة الاحتلال مُقرا بمشروعيته ومعززا لوجوده فهو مقتحم للأقصى عنوة لا يملك الحق في دخوله وإن كان مسلما”.
وأضاف “ما حصل ليس (زيارة تطبيعية)، فما كانت تنظمه الأوقاف الأردنية والفلسطينية من زيارات لعرب ومسلمين عبر بوابتها خلال الأعوام الماضية هو الذي يمكن أن يسمى (زيارة تطبيعية)، أما ما حصل تحت حماية جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الشاباك) فهو اقتحام من الليكود العربي للمسجد الأقصى المبارك، وهذه السيارات السوداء التي جاؤوا فيها وركنت عند ساحة البراق شاهدة على ذلك”.
(المصدر: الجزيرة)