مقالاتمقالات مختارة

عبدالرحمن عبدالخالق … سيرة ومواقف

عبدالرحمن عبدالخالق … سيرة ومواقف

بقلم حمود ناصر العمر

إلى جوار ربها ترجع النفوس المطمئنة، لتدخل جنات النعيم المقيم، لا يمسهم فيها نصب ولا يمسهم فيها لغوب، هذا وعد الله لعباده المتقين، وإني لأحسب من هؤلاء ـ والله حسيبه ـ شيخنا الجليل الداعية الإسلامي الكبير الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق رحمه الله تعالى الذي وافته المنية يوم الثلاثاء الفائت 29 من سبتمبر تزامناً مع رحيل سمو أمير الكويت والإنسانية الشيخ صباح الأحمد رحمهما الله، وجعل الجنة مثواهما.

عرفت الداعية الفضيل عن قرب منذ العام 2009 إذ كنت أرافقه كل عام في موسم الحج، نذهب معاً منذ أول شهر ذي الحجة ونظل حتى آخر يوم من عودة الحجيج نستمع إليه ونتعلم منه، لا يمل ولا يَكَل رغم كبر سنه، ننهل من علمه قيماً ومواقف ودروساً استقاها من معين القرآن الكريم وعبق سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

عرفت فيه العلم الغزير والتواضع الجم رغم مكانته الكبيرة، والحرص الشديد على العبادة، فقد رأيته يصر على أداء الصلاة في المسجد البعيد عن الفندق مع وجود المصلى وهو كبير في السن، ضعيف البصر تسنده عكازته، ضارباً المثل والقدوة في التعلق القوي بالمساجد.

رأيته حريصاً على كتاب الله يراجعه ويتذاكره، بل كان يطلب كثيراً مني أن أفتح المصحف ليقرأ عليَ القرآن وذلك لضعف بصره، ليراجع حفظه وتفسيره، كانت حياته نموذجاً للداعية القدوة والأخلاق الحميدة، ملأها إرشاداً وتعليمياً، فقد خلّف تراثاً كبيراً من الدروس في التفسير والعقيدة فضلاً عن الكثير من الخطب والمقالات في الدعوة إلى الله ونشر العلم الشرعي.

لي مع الشيخ مواقف عدة، من بينها موقفان بارزان، أولهما أنني طلبته ليعلمني دروساً في الفقه، وأردت أن يحدد لي أياماً ومواعيد أختلف إليه فيها فرد عليَّ ـ رحمه الله ـ قائلاً: «يا حمود أنت من يحدد الوقت الذي تريده»، بل كنت إذا تأخرت عن الدرس يوماً يتصل بي سائلاً عن سبب تأخري، فأي خلق هذا؟ المعلم يسأل عن طلابه وعن سبب تأخرهم! أما الموقف الثاني، فحدث أن زرنا الداعية الكبير الشيخ صالح الفوزان عضو دار الإفتاء في المملكة العربية السعودية ولما رأى الشيخ عبدالرحمن همّ ليقبل رأسه لكن الشيخ أبى، وعندما جاء الناس يسألون ويستفتون الداعية الفوزان رد عليهم قائلاً «أتسألونني والشيخ عبدالرحمن موجود»، وإذا وصلنا إلى مطار جدة كان الشيخ يُستقبل من باب الطائرة بسيارة خاصة وحفاوة من الجميع، وفي كل زيارة لمعالي مفتي عام المملكة سواء بمكتبه أو بمخيمه بمشعر منى كان يقبل رأس الشيخ عبدالرحمن ويجلسه بجانبه، ما يعني أن الشيخ كان مشهوداً له بالعلم والدراية والمكانة الرفيعة بين علماء عصره ومقدراً من الجميع.

ولمكانته الكبيرة، نعاه العديد من العلماء والجهات والمنظمات الخيرية في العالم الإسلامي ووزارة الأوقاف بالكويت ورئيس وأعضاء مجلس الأمة الكويتي وكثير من المسؤولين والدعاة في الكويت، رحم الله الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق وأسكنه فسيح جناته، وعزاؤنا ما خلف من علم وكتب وخير.

(المصدر: صحيفة الراي الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى