مقالاتمقالات مختارة

الولاء والبراء والخنوع للطغاة

الولاء والبراء والخنوع للطغاة

بقلم د. وصفي عاشور أبو زيد

في عقيدة الولاء والبراء، تجده يقيم المعارك الكبرى والحروب العظمى، ويقطع علاقاته الاجتماعية بإخوانه المسلمين في تهنئة النصارى مثلا أو قضايا فقهية خلافية، ويحسب ذلك تقربًا إلى الله، وانسجاما مع عقيدة الولاء والبراء، أو يقيم جسور الكراهية والبغضاء بينه وبين من يختلف معه في قضايا تراثية في عقيدة الولاء والبراء مضى زمانها ومات أهلها، بل ربما تجده يصنف الكتب في هذا، ويلقي المحاضرات، ويخب الخطب …

لكنه – ويا للعار!! – يخنع للطغاة، ولا يتمعر وجهه لإزهاق الأرواح ظلما، وإسالة الدماء بهتانا، وإهدار إرادة الأمة غصبا وخطفًا، ولا يقول للظالم (لا) إذا تبجح أمام شرع الله، أو تجاوز حدود الله، أو هاجم عقيدة الأمة وشريعة الأمة وحضارة الأمة، بل حتى لا ينطق بكلمة؛ انتصارا لقضية من قضايا المسلمين الجامعة، مثل الأقصى والقدس وفلسطين …. وهذا – لَعَمْرُو الحقّ – خلل في الفكر، وانحراف في الفهم، وإهدار لفقه النسب بين الأعمال، بل هو خيانة صريحة لعقيدة الولاء والبراء .. فكيف لو وقف في صف الطغاة والظالمين ضد المظلومين؛ منتصرا للطغيان والاستبداد، غير مبالٍ بالهجوم على العقيدة والشريعة، ومشجعا على إسالة الدماء وإزهاق الأرواح، واضعا يده في يد الظالمين المتجبرين في الأرض بغير الحق؟.

إن عقيدة الولاء لله ورسوله والمؤمنين، والبراء ممن عادى الله ورسوله والمؤمنين هي قول وعمل، نظرية وتطبيق، علم وتضحية، قول لها وتعقل فيها وفداء في سبيلها، حتى لو كان الثمن هو دفع الحياة، وهكذا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وكذلك كان سلفنا الصالح وعلماؤنا الربانيون ومصلحونا ومجددونا ودعاتنا المؤمنون الصادقون…

ومن يقف عند حدود القول والعلم والجدل دون العمل والتضحية والفداء ونصر المظلوم والوقوف في وجه الطغاة والمستبدين، بقول الصدق والصدع بالحق، فليس من عقيدة الولاء والبراء في شيء، بل هو إلى الظالمين والطغاة أقرب: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ الله وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْغَالِبُونَ) [سورة المائدة: 55-56].

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى